يبدو أن حديث السفير الفرنسي بالمغرب شارل فريز عن الوضع المستقر في المملكة المغربية، وعدم اضطرارية إغلاق بلده لمصالحها وتعطيل العمل داخل مختلف المراكز الثقافية والبعثات التعليمية والدبلوماسية يوم غد الجمعة 21 سبتمبر 2012 بعد أن أقدمت على إغلاقها في أكثر من 20 بلادا بسبب رسومات مجلة " شارلي إيبدو " المسيئة للرسول محمد (ص). يلمس على أرض الواقع. السفير الفرنسي وجه رسائل سياسية مهمة تزكي وضعية المغرب أمام بلدان الجوار أمنيا وثقافيا، وأعطت حكومته امتيازا متقدما للمغرب، رغم احتقان الأوضاع داخل الأقطار العربية والإسلامية.
" كود " اختارت نقل الأجواء في محيط قنصلية بلاد الديكة بالبيضاء، وداخل المركز الثقافي الفرنسي بشارع الزرقطوني، وفي محيط " ليسي ليوطي ".
الأجواء غير عادية في محيط القنصلية الفرنسية، الكل منتصب كتمثال " ليوطي " يرصدون كل كبيرة وصغيرة تمر أو تقف بالقرب من جدران القنصلية، الحواجز الحديدية هجرت مكانها المعتاد أمام باب القنصلية، لتصطف في الجهة الأخرى من الشارع، يعزز انتصابها الأمني رجال شرطة. في جهة الأخرى من القنصلية المطلة على مبنى ولاية الدارالبيضاء ثلاث سيارات أمن تركن قرب الباب الرئيسي للقنصلية، حركة عادية تصاحبها يقظة أمنية عند مدخلي الزقاق الذي يقود إلى باب القنصلية. رجال الأمن يظهر على محياهم كما عاينت " كود " ذلك استعداد تام لأي طارئ يمكن أن يكسر سكون وهدوء القنصلية.
تنتقل " كود " عبر أزقة وشوارع البيضاء، استنفارا أمني ملحوظ أمام البنايات الإدارية والفنادق، رجال الأمن الخاص بدورهم يترصدون بأعينهم وأيديهم على أجهزة " تالكي والكي " كل مقترب من الأبواب التي كلفوا بحراستها. الوجهة الثانية ، كانت المركز الثقافي الفرنسي، حركة عادية أمامه وفي محيطه وكأن الأجواء تتحدث بلسان السفير شارل فريز، داخل المركز شاب مغربي في مقتبل العمر يستقبل كل وافد على المركز ليسدي له خدمات أغلبها معلومات حول شروط التسجيل لإتقان لغة " موليير " أو الاستفادة من خدمات " الخزانة الوسائطية ". ووحده صراخ الأطفال المستعدين لمغادرة أقسام المركز التعليمية من يكسر هدوء وسكون المركز الثقافي.
وبدورها " ليسي ليوطي " مدرسة البعثة الفرنسية الأكثر شهرة بين المغاربة، يعيش أوضاعا هادئة وإنزال " أمني رسمي " عادي، أطفال ومراهقون لا تستطيع التفرقة بين مغربي الهوية منهم وفرنسي الجنسية يتجولون في محيط الثانوية، تحت أنظار رجال الأمن الخاص، الذين لم يتركوا مكانا أو زاوية قرب جدرانها لضمان عملية ولوج وخروج التلاميذ من المؤسسة في ظروف أمنة وسالمة. الطريف في جولة " كود " هو استنفار رجال الأمن الخاص عند مرورنا لأكثر من مرة من أمام أبواب المؤسسة، وتعقبهم لنا إلى أن ابتعدنا بضع خطوات نحو الجهة الأخرى من الشارع.
هذا وقد استقت " كود " آراء بعد المواطنين من المارة ومرتادي المقاهي المتاخمة للمصالح الفرنسية، وقد أجمعت جلها على استهجان ما قامت به مجلة " شارلي إيبدو " من نشر للرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول، في وقت لم تهدأ فيه بعد عاصفة ما سمي " بالفيلم "، الذي أساء للنبي محمد ( ص )، والتي حصدت معها أرواح العديدين في السودان واليمن وتونس وليبيا أبرزهم السفير الأمريكي في " بنغازي ". المواطنون الذين تحدثت لهم " كود " شددوا على ضرورة تفادي " الانفعال " والانسياق وراء موجة العنف التي شهدتها الدول الأخرى أمام سفارة أمريكا، داعين إلى الدفاع عن الإسلام ومقدساته بطرق حضارية، ومنهم من ناشد الفنانين العرب والمسلمين إلى ضرورة إبداع أشكال فنية تظهر الوجه الذي يعكس تحضر المسلمين وليس العكس.
وتبقى صورة الأطفال داخل المركز الثقافي الفرنسي وهم يلعبون ببراءة وجهل تام لما ينسجه غير العقلاء من الراشدين في بلدانهم وبلداننا، أسمى ما يمكن أن يثني أي تطرف مهما تلون وتعددت مصادره عن الاستمرار في صبغ حياة الإنسانية بلون الدم وصورة السواد التي تتناقل كل يوم.