الكلام البذيء الذي أطلقه السيد علي خامنئي لا يمكن السكوت عنه. فهو لم يقف عند النقد السياسي للمواقف المغربية، كما هو متداول دوليا، بل انتقل إلى السب والقذف والتحقير في دولة، وفي شخص رئيس دولة. لا يمكن أن تقبل الدعوة العدائية الصريحة بإحراق العلم المغربي إلا بالاستنكار.
فنحن لسنا دولة تصنفها إيران كدولة احتلال أو دولة استعمار.
فنحن نعرف أن الأعلام التي تحرق في العالم الإسلامي هي علم إسرائيل وعلم أمريكا، ومحاولة إدراج الراية المغربية في هذا التصنيف تعد اعتداء على بلادنا.
مطلوب الإعتذار إذا صح ما نقلناه، ومطلوب تذكير الفقيه بحدود التجني على علم دولة، يربطها بالشعب الإيراني التاريخ المشترك والدين والأفق الروحي الواسع.
وبخصوص مهاجمة رئيس الدولة، فالسيد علي خامنئي يعرف قبل غيره، أن أهل إيران يعرفون أن أهل البيت يحتاجون إلى التوقير والتقدير، لا سيما من لدن الشيعة أينما كانوا. ولم يسبق لأي عالم أو إمام أو فقيه إيراني أن قال كلاما بمثل هذا الإسفاف في حق ملك المغرب.
بل لقد استضاف المغرب الشاه المخلوع، وبالرغم من كل الصراع والعداوة المعلنة ضد الراحل الحسن الثاني، وبالرغم من كل الحملات التشكيكية والدعائية ضد المغرب، لم يصل الخميني إلى هذا المستوى غير المقبول .
لا ندري ما الذي يجعل فقيها ورجل دين ينزل إلى هذا الحد، ولكن يجب أن يبلغ إلى ايران موقف مغربي صارم، تجاه ما تفوه به الولي الفقيه أو الفقيه الولي..
فالملك اليوم، بفعل الدستور الذي صوت عليه المغاربة بأغلبية مطلقة، هو ممثل الدولة الأسمى ورئيسها، وهو بذلك رمز المغاربة كلهم ويمثل دولتهم، والمس به ليس مسألة مزاج طقوسي للشيخ أو الفقيه.
نحن أمام لحظة نزول رهيبة وسقوط لا مثيل لها. فالكلام بين رؤساء الدول والمسؤولين لا يمكن أن يعيدنا الى قاموس الطيب الذكر معمر القذافي ولا يمكن أن نقبل، بأي مبرر كان، أن يسكت المغرب الديبلوماسي عن هذا الهجوم اللاأخلاقي والبذيء قولا وفعلا. فالمغرب ليس دولة جوار، كما أنه لا يشترك مع إيران في رقعة استراتيجية معينة يمكنها أن تشكل قلقا لإيران. الموقف المغربي من دولة إسرائيل أكثر من مشرف وأكثر من مبدئي. فالبلاد الوحيدة التي يمكن لأبنائها التظاهر تضامنا مع فلسطين، ومع الدول الإسلامية الاخرى بدون أن يعاقبوا أو يتم تخوينهم هي المغرب.
لقد تحدث خامنئي كرجل دين، كما تحدث كفقيه على رأس الدولة.. ولم نعرف لحدود الساعة أسباب هذا السباب الهجين والمستهجن.
أمام الديبلوماسية المغربية دور كبير لكي تجعل الولي الفقيه يفكر مرارا قبل أن يقدم على مهاجمة المغرب وراية المغرب وملك المغرب ... إن بلادنالا تخوض أية حرب دبلوماسية أو نووية ضد إيران، ولا يعرف أي كان أن للمغرب يدا في المواجهات السرية والعلنية بين إيران وبين إسرائيل وأمريكا.
علاقتنا غير ودية منذ مدة، وقطعناها أصلا، لأن إيران لا تريدنا أن نبقى كما نحن. ما حدث هو أن المغرب اتخذ موقف مساندة البحرين في مواجهة المد الإيراني، وعاب على إيران كونها تسعى إلى تقسيم العالم الإسلامي، وهو نزوع يشهد به العالم اليوم لدى الملالي.. كما نبه المغرب إلى تدخل إيران في القضايا والشؤون الداخلية للمغرب، وقد نفهم أنهم يضاعفون من قدرتهم على الإساءة وخلق المشاكل في المحيط القريب، كأحسن طريقة لضمان سلامة واستقرار نظام الملالي في البلد، لكن ما معنى أن نكون على بعد آلاف الأميال ويخاطبنا الفقيه بلغة التخبط الأخلاقي .
لقد كان المغرب قد قطع العلاقات، وهو قرار قوي ، بل أقسى قرار في العلاقات الدولية.. قبل إعلان الحرب، و اليوم جاء الملا لكي يعلنها حربا كلامية هذيانية لا يمكن قبولها أو التسليم بها. ينشر عمود "كسر الخاطر" باتفاق مع "كود