يقوم العاملون في مسرح الحرية الفلسطيني في مخيم جنين في الضفة الغربيةالمحتلة بإزالة الأنقاض استعدادًا لاستقبال الممثلين من جديد بعد أسبوعين من مداهمة الجيش الإسرائيلي له والتي أثارت احتجاجات دولية. وقال المدير الفني لمسرح الحرية أحمد الطوباسي لوكالة فرانس برس "المسرح في مخيم جنين للاجئين أصبح رمزا للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي". واشارالطوباسي الى "أن القوات الاسرائيلية اقتحمت المركز الثقافي الصغير وقامت بتخريبه في وقت سابق من هذا الشهر، مخلفة الكثير من الأضرار إضافة الى رسم نجمة داود بالأحمر على الجدران". وأضاف أن الجنود "اعتقلوا أيضا عددًا من العاملين في المسرح من منازلهم". الطوباسي البالغ من العمر 39عاما كان من بين المعتقلين وقد عاد الآن إلى عمله. وقال خلال قيامه بجولة في المسرح الذي أنشئ عام 2006 "بالنسبة لي هذه مقاومة"، مؤكدًا أن المسرح سيبقى مفتوحاً. بعد وقت قصير من المداهمة في 13 كانون الأول/ديسمبر، حظي نداء مسرح الحرية لإطلاق سراح موظفيه بدعم دولي. على الإثر نظمت تظاهرات في شوارع نيويورك وباريس ودعم ممثلون من بريطانيا إلى المكسيك حملة تضامنية مع الطاقم عبر الإنترنت. منذ إنشائه، عُد المسرح المتواضع "منارة للأمل" بالنسبة للفلسطينيين ومناصريهم، ويقوم ممثلوه بجولات حول العالم لعرض مسرحيات دعما للقضية الفلسطينية. ويعتقد العاملون أن هذا هو السبب الذي دفع الجنود الإسرائيليين إلى استهداف المسرح خلال مداهمتهم للمخيم التي قال الجيش إنها تهدف إلى مكافحة "الإرهابيين". وقتل خلال تلك المداهمة 11 فلسطينيًا. وقال الطوباسي "هذا مسرح. لا توجد أسلحة ولا إرهابيون هنا". وقالت الموظفة رنين عودة (31 عاما) إن المركز تعرض للمداهمة لأنه معروف بأنه "مكان للمقاومة من خلال الفن". وقالت رنين التي تدير برنامج الشباب في المسرح "شعرت بغضب شديد عندما رأيت الجنود الإسرائيليين في الداخل. المسرح مثل بيتي. إنهم يريدون قتل كل شيء، ليس الناس فقط، بل الأفكار أيضا". أمضى الموظفون أيامًا في التنظيف والتخطيط لتنظيم اول عمل كبير لهم يوم الاحد اخر ايام السنة بورشة عمل للممثلين الشباب. ولم يرد الجيش على طلب وكالة فرانس برس للتعليق. رافق الطوباسي صحافيي وكالة فرانس برس وعرض عليهم الأقفال المكسورة وإطارات الأبواب المشقوقة والصور المحطمة. وتساءل وهو يقف بجوار نجمة سداسية حمراء رشها الجنود على شاشة العرض "ما معنى أن يتصرف الجنود على هذا النحو؟". ونشر المسرح صورة على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر فيها قوات ومركبة عسكرية إسرائيلية خارج مبنى المسرح مباشرة. ولم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقق من الصورة. وقال مسرح الحرية في سلسلة من البيانات المنشورة على الإنترنت إن الجنود قاموا بمداهمة منازل طاقم العمل واعتقلوهم من منازلهم، مضيفا أنهم كانوا من بين أكثر من 100 فلسطيني اعتقلوا في جنين. أطلق سراح خريج الدراما جمال أبوجوس بعد أكثر من أسبوع من الاعتقال، فيما ما زال المنتج والمخرج مصطفى شتا رهن الاحتجاز، بحسب الطوباسي الذي ما زال تحت تأثير صدمة محنته خلال اعتقاله. وقال الطوباسي "عصبوا عيني وقيدوا يديَّ خلف ظهري. احتجزوني لأكثر من 12 ساعة عند حاجز السلام غرب جنين". وأضاف أن جنود الاحتياط في الجيش تناوبوا على ضربه. تصاعدت أعمال العنف في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967، وتنفذ القوات الإسرائيلية عمليات عسكرية ومداهمات شبه يومية في مختلف المدن والقرى الفلسطينية ومخيمات اللاجئين. ومنذ مطلع العام الجاري، قتل 522 فلسطينيا برصاص الجيش أو المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربيةالمحتلة، بينهم 314 منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وفقا لأرقام وزارة الصحة الفلسطينية. أنشئ مخيم جنين في 1953 لإيواء فلسطينيين طردوا أو فروا من منازلهم إبان النكبة الفلسطينية وقيام إسرائيل في 1948. ويؤوي المخيم أكثر من 23 ألف شخص، بحسب الأممالمتحدة، كما يعد معقلا للفصائل الفلسطينية المسلحة. وقال الطوباسي الذي ولد ونشأ في المخيم إن المسرح "منحني وسيلة لمقاومة الاحتلال دون عنف. لقد كانت استراحة من واقع الحياة في المخيم وفرصة لتخيل بديل". وبعد المداهمة، ازدادت قناعته أكثر من أي وقت مضى بقوة المسرح. وقال "المسرح هو المكان الذي يمكننا فيه التعبير والنضال ومقاومة كل شيء".