لربما أسيء فهم التطبيع وتوقيع اتفاقيات الصداقة والتعاون العسكري بين المغرب وإسرائيل، لربما أراد من أراد، أن يجعلها مناسبة لتوقيع شيك على البياض لدولة عنصرية تقترب من الفاشية لا تريد الالتزام بأي حد أدنى من المسؤولية واحترام السلام. عندما وقع المغرب هذه الاتفاقية ببراغماتية كبيرة، لم يشر في أي بند منها بمباركة هذه الدولة التي لم تعد تحترم أي إطار قانوني، وأي طرف آخر، بل كان المغرب واضحا في فرض إرادته بالاستفادة من إسرائيل باعتبارها قوة اقتصادية وعلمية لا يستهان بها، ولكن ومع التشديد بذلك بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وفي ضمان حقوقه ضمن المقررات الأممية المعروفة المنددة بالاحتلال. ذكاء الملك كان واضحا في جعل هذه القضية بعيدة عن أي حساب ضيق، وعن أي مزايدة سياسية كيفما كان نوعها، بل كان حريصا على صون حقوق الشعب الفلسطيني بشكل كامل، بعيدا عن الصراخ الذي يميز أنظمة الممانعة مثل جارتنا الجزائر. اليوم ونحن نشهد مرحلة مفصلية في تاريخ المقاومة الفلسطينية، لا ينبغي للصوت المغربي أن يستكين للصمت فقط لأننا طبعنا العلاقات مع دولة ظالمة، ينبغي للمغربي أن يعلي صوته بكل ما يملك من قوة من أجل نصرة هذه القضية العادلة. القضايا العادلة لا تموت أبدا، والمغرب لا ينبغي أن يغيب عنها وعن لبها المناضل، فلا يمكن للمغربي الذي اخترع حرب العصابات بالريف، والذي كان آخر بلد يسلم للمستعمر الفرنسي أن يصمت وهو يسمع رئيس الوزراء الإسرائيلي يقول لساكنة غزة المحاصرة أن تخرج لكي لا تموت. الشعب المغربي الحر بطبعه، والذكي بنقده، لا يمكن أن يكون خارج التاريخ في لحظة مفصلية في تاريخنا المشترك، ذلك المشترك الذي أراد له بعض المتعصبين أن يدفن دون رجعة. هل انتهت المقاومة الفلسطينية؟ لا لقد بدأت حتما اليوم بمرحلة جديدة ونوعية، هذه المقاومة لها تأثير على بلدنا، على عمقنا، على دورنا التاريخي، على التزاماتنا وعلى تأثرينا الذي يتجاوز حدود المغرب الكبير. عندما رفع لاعبونا في قطر العلم الفلسطيني في كاس العالم، بادلتنا كتائب القسام التحية بمثلها، نحن ضمن هذا الإطار الذي يحكمنا وإن رفضناه، فلسطين منا وإلينا، وهي ليست نزوة للتعبير عن الاختلاف، لسنا بمارونيين انعزاليين على كل حال، ولا ينبغي أن نكون كذلك في جميع الأحوال، فليكن هذا الحدث فرصة للتعبير عن ذلك، نعم للموقف المتضامن مع فلسطين، ولنترك لدولتنا حسن التقدير كذلك.