كتب د.إدريس الكنبوري بأن البعض كان يخمن أن تتدخل السلطة لمنع وقفة تضامنية مع المقاومة الفلسطينية نظمت يوم السبت 07 أكتوبر 2023 أمام البرلمان المغربي بالرباط، لكن هذا لم يحصل؛ وهذا يدل على أن المغرب لم يغير موقفه الثابت من القضية الفلسطينية؛ وليس هناك ما ينبئ بأنه سيغيرها مستقبلا. وأضاف الكاتب والمحلل السياسي المغربي بأن بعض الجهات الخارجية تحاول الربط بين العلاقات المغربية الإسرائيلية وبين موقف المغرب من قضية فلسطين؛ وهناك في الداخل من حاول تكييف الوقفة على أنها ضد التطبيع؛ بينما هي لدعم المقاومة والتذكير بالاحتلال. لا أعتقد أن العلاقات بين المغرب وإسرائيل يدخل فيها التخلي عن موقف المغرب التقليدي من القضية الفلسطينية؛ لماذا؟ أولا: المغرب لم يرفع السلاح ضد الاحتلال الإسرائيلي حتى نقول بأنه تخلى عن السلاح. كانت آخر حرب خاضها العرب ضد إسرائيل هي حرب رمضان 1973؛ وقد شارك المغرب بتجريدة عسكرية كباقي الدول العربية؛ منذ ذلك التاريخ لم تحصل حرب؛ لذلك لا توجد حرب انسحب منها المغرب حتى نقول بأن العلاقات مع إسرائيل أثرت على موقفه. ثانيا: العلاقة بين المغرب وإسرائيل ليست تطبيعا؛ إنما علاقات دبلوماسية مع"دولة" عضو في الأممالمتحدة. التطبيع مشروع أخطر من ضمنه فرض الصمت على المواطنين تجاه إسرائيل والقضية الفلسطينية؛ وتغيير المناهج الدراسية كليا؛ وفي هذا نرى المغرب يمسك العصا من الوسط؛ وهذا موقف المكره لظروف دولية وإقليمية معروفة؛ ظروف تمنح الدول العربية هامشا للمناورة؛ بشرط عدم توسيع هذا الهامش أكثر من اللازم كما فعلت بعض الدول. وهذا الموقف هو الذي كان قد تبناه الشيخ محمد مهدي شمس الدين قبل نحو ثلاثين سنة حين تحدث عن "خيارات الأمة وضرورات الأنظمة"؛ بمعنى وجود هامش للأنظمة في التعامل مع العدو الصهيوني في حدود الإكراه والاضطرار؛ وهو ما سماه الإمام الشوكاني بالمصانعة؛ لكن مع الحفاظ على حق الأمة في نصرة القضية الفلسطينية؛ لأنها قضية أمة لا حق للحاكم في فرض التخلي عنها عليها. المسألة الأخرى الأهم في تقديري أن العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل؛ لأن هناك علاقات سرية أخرى غير معلنة وهي الأخطر؛ هي في خدمة المقاومة الفلسطينية. المشكلة الكبرى التي كانت تعاني منها المقاومة هي تبني بعض الدول العربية القضية الفلسطينية؛ مما كان يجعلها تفرض وصايتها على المقاومة وتتاجر بالقضية مع أمريكا أو مع شعوبها من أجل مصالحها؛ وقد فعلت ذلك مصر في عهد عبد الناصر والأردن مع الملك حسين وسوريا مع حافظ الأسد والعراق مع صدام حسين واليمن الجنوبي في مرحلة الانفصال. وظلت قضية المقاومة الفلسطينية دائما هي استقلالية القرار عن الدول العربية والتخلص من الوصاية. وختم الكنبوري تعليقه على هذا الموضوع على صفحته بالفيسبوك بقوله "من أراد أن يفهم جانبا من هذه القضية ليعد إلى كتب أحمد الشقيري أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ أذكر منها أنه خلال القمم العربية كان الحكام العرب البارزون يطلبون منه أن يجلس حول الطاولة المستديرة مع إبقاء مقعده في الخلف قليلا دون أن يكون في نفس الصف مع مقاعد الحكام؛ لأنه ليس رئيس دولة بل مجرد منظمة. هذا ما كتبه الشقيري؛ وهو مضحك وسخيف".