يوم الأحد الفارط استضافت الجريدة ضمن ندواتها التي تقيمها منذ 20 فبراير ندوة جديدة من ندوات النقاش الدستوري التي ينشطها أساتذة وباحثون مشهود لهم بالكفاءة يعرضون وجهات نظرهم بهدوء شديد, وتنشط الجريدة أي الأحداث المغربية عبر صحافيين من القسم السياسي بها رفقة زملاء من إذاعة "راديو بلوس" اللقاء, ويتم بعد ذلك نشر أهم ماجاء في الندوة في الجريدة وبث مقتطف منها يبلغ الساعة على أثير الإذاعة المذكورة. يوم الأحد الماضي نقل إلينا أحد المشاركين في الندوة وهو الناشط السياسي المعروف مصطفى بوعزيز بعضا من انتقادات حركة 20 فبراير لجريدة الأحداث المغربية, وهي الانتقادات التي تلقيناها بصدر رحب شأنها في ذلك شأن بقية الانتقادات التي تصلنا والتي لانعتبرها موجهة ضدنا قدر ما نعتبرها دليل تفاعل وحيوية مع مانكتبه وننشره ونعبر عنه في مختلف مجالات تدخلنا سواء على صفحات هذه الجريدة أو في الإذاعة أو التلفزيون. صديقنا بوعزيز قال إن أحدا نقل له أن الجريدة كتبت في صفحتها الأخيرة (وهو يقصد هذا العمود) أنه "من حق الدولة أن تقمع مظاهرات 20 فبراير وليس من حق حركة 20 فبراير أن يتحدوا قرار الدولة بمنع مسيراتهم". قال الزملاء الذين حضروا الندوة إنه من المستحيل أن تكتب الجريدة شيئا كهذاو وأن ماعبرنا عنه واضح تماما ولا مجال فيه لأي التباس إلا لمن كان يبحث لنا عن مشانق لن تخيفنا بكل تأكيد, وأن ماكتبناه ينتصر للقانون في البلد, ويحترم حق التظاهر السلمي, ويرفض خونجة الحركة, ويساند التغيير السياسي الجريء في البلد, وينتظر دستورا ثوريا يعادل ماجاء في خطاب 9 مارس الجريء. فسر الزملاء أيضا للسيد بوعزيز ومن خلاله للحركة ككل أننا كنا ولا فخر من أوائل من رفعوا شعار الحداثة في المغرب, سياسيا وثقافيا واقتصاديا, وأننا انتصرنا لإعلام يساند مغربا من نوع أخر, وأن أعداءنا وليس خصومنا شوهوا صورتنا في الشارع العام, وقدمونا باعتبارنا "صهاينة يريدون إفساد أخلاق المغاربة" وأننا نتلقى الدعم من مختلف الجهات المشبوهة الممكن تخيل وجودها على سطح الأرض من أجل تسريب كل الشرر الكائن على سطح الأرض إلى المغرب, وأننا فوق هذا وذاك استئصاليون علمانيون كفرة فجرة, لانريد بهذا البلد إلا السوء. للأسف لم نستطع يوما أن نجر من يسبوننا إلى نقاش هادئ يمعون فيه إلى روايتنا بخصوص كل مايقال عنا رغم كل ماعبرنا عنه من استعداد للاستماع لرأي الآخرين وإسماع صوتنا. كنا كمن يصب الماء في الرمل في مجتمع يحلو له باستمرار أن يصنف الناس إلى أخيار وأشرار, ويقف عند هذا التصنيف ويحكم على الخلق به, دون أن يبحث, دون أن يقرأ, دون أن يعرف حقيقة الأشياء, دون أن يكلف نفسه عناء التعب الفكري والأدبي لكي يعرف عمن يتحدث بتحديد التحديد. ثم جاءت حركة 20 فبراير. تنفسنا الصعداء. قلنا أخيرا أتى الجيل الجديد وما أدراك ما الجيل الجديد. أتى الوافدون الجدد الذين بشرنا بهم منذ الزمن السابق, والذين من أجلهم حاربنا ديناصورات النقابات والأحزاب وقلنا لهم قبل الوقت بكثير "ديكاجيو, إرحلوا". أحسسنا أن تعبنا لم يذهب سدى وأننا اليوم أمام جيل آخر من المغاربة لا يخون, لا يكفر, لا يقف عند حدود الفكرة التي كونها لوحده دون دلائل علمية ومادية حقيقية. قلنا اليوم سسيبدأ نقاش آخر في المغرب قوامه الأول والأخير النقاش والقدرة عليه, والحوار والرغبة فيه, والتواصل بيننا جميعا والإصرار على إبقاء هذا الجسر ممتدا بين المغاربة جميعهم. تخيلنا أنه من الممكن أن نقول كل مانفكر فيه دون أن نقيم رقابة غبية على فكرنا, وأنه من الممكن أيضا للآخرين ممن يحملون أفكارا معارضة لنا أو مخالفة أن يعبروا هم الآخرون عن قرارة تفكيرهم, وأن يسمعوا مانقوله وأن نسمع مايقولونه وأن نصل في الختام جميعا إلى فكر مغربي قادر على تبني الجميع. لكننا كنا كالواهمين. فوجئنا بأن الشباب وبعد أن تجاوزوا عتبات البداية الأولى ودهشة الدخول سارعوا إلى نفس التقسيم الذي سار عليه القدماء. وضعوا لأنفسهم جدارا عازلا بين من يقول لهم الحق وبين من يغازلهم في اتجاه زغب الشعر. ووجدنا أنفسنا ملزمين بقولها مجددا : لن نسير مع أي تيار غالب مهما بلغت قوته. لن نقول كلاما فقط لكيي يرضى عنا الغالب الأعم من الناس. دور الصحافة في نظرنا هو أن تضع يدها باستمرار على الأشياء التي لا تسير على مايرام, وفي حركة 20 فبراير كما في داخل النظام المغربي هناك أشياء كثيرة ليست على مايرام, ولا يعقل إطلاقا أن نقول للنظام أشياءه السيئة وأن نخشى قول نفس الأشياء لحركة 20 فبراير. على من يؤسس لديكتاتورية قادمة أن يفهم أنه سيجد الكثير من المغاربة مستعدين تماما للقتال من أجل حريتهم, ومن أجل حقهم في التعبير عن اختلافهم في الرأي. وإذا ما كان لدى الحركة الثورية أو التغييرية الجديدة في الشارع المغربي استعداد للعمل بهذا الأمر فبها ونعمت. أما في حالة العكس, فلقد علم وسينفذ مثلما يقولون في المراسلات الإدارية العتيقة, والسلام ملحوظة لاعلاقة لها بما سبق أحزنني كثيرا الموقف السخيف الذي وضع فيه المدرب البلجيكي غيريتس زميلنا حسن بوطبسيل بعد سؤال لم يرق لسيادة المدرب الأجنبي للمنتخب, وأحزنني أكثر أن بعض الأدعياء من المحسوبين على مهنة الصحافة صفقوا لإهانة غيريتس لبوطبسيل, كاشفين بذلك عن صغائرهم, وعن أشياء مرضية بفتح الميم والراء, تؤكد لنا أننا بحاجة لغربلة حقيقية لهذا الميدان لئلا نجد أنفسنا باستمرار أمام مثل هذه المواقف المهينة الصادرة عن محسوبين على هذه الحرفة اللعينة في المغرب. تضامننا تام مع زميلنا حسن بوطبسيل وإدانتنا قوية للطريقة المهينة التي رد بها غيريتس, وإدانتنا أقوى لمن صفقوا خلال الندوة الصحفية, فقد كشفوا عن معدنهم الرخيص بذلك النصفيق لا أقل ولا أكثر