سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أنا الذي سأفوز بالجائزة الكبرى للصحفيين المهتمين بالفلاحة والصيد البحري! أملي الوحيد هو شرفات أفيلال، فأنا أحب الماء، وأذوب فيه، وأكتب في الماء وأمشي مثل المسيح، وهي الوحيدة التي ستنصفني
كلما سمعت عن جائزة في الصحافة يسيل لعابي، وأتمنى أن أكون الفائز بها، إلا أنه ولخيبتي، ما أكتبه غريب، ولا ينتمي إلى أي جنس صحفي، ولا أحد يهتم بي ويكافئني على مجهوداتي. لكني لن أفوت الفرصة هذه المرة، وسأترشح للجائزة الكبرى التي أعلنت عنها وزارة الفلاحة، فيد الصحفي نقية، ولا شيء يمنعني ومن الأكل والتخصص في هذا المجال. عندي روبورتاج سوف يدهش اللجنة، وإذا لم تتوجني وزارة الفلاحة، فسأحتج وأفضح المخطط الأخضر، فهذه أول مرة أرى أني أهل لها، ولا أحد بمقدوره منافستي. وعندي في الروبورتاج أصيص حبق أضعه في شرفتي، وأسقي الحبق بإبريق الشاي والقهوة، وفي كل يوم يثمر الحبق تفاحا أحمر كبيرا وبرتقالا أصدره إلى كندا. أنا صحفي فلاح يجب أن تستفيد من تجربتي وزارة الفلاحة، ويمكنها أن تمولني، لنزرع الحبق الذي يثمر فواكه لذيذة، في كل مكان في المغرب، ونغزو السوق الأوربية، وقبل ذلك، عليهم أن يتوجوني أولا بالجائزة، وأشترط حصولي على دفع مسبق، وضمانة بألا ينافسني أحد. وعندي بالقرب من أصيص الحبق، لبلاب يتسلق حديد الشرفة، ويلتف على الضيوف، فيهربون قبل أن يتعشوا، وما يميز شجرة اللبلاب التي صنعتها، أنها تتدلى وتتسلل أوراقها إلى جيوب المارة فتسرق ما بحوزتهم، وأرسل فروعها للتبضع من البقال القريب، وفي الليل تطفىء زر الكهرباء، وتقول لي نم، وعندما أستيقظ، أجدها قطفت غلة الحبق، وعبأتها في الشاحنات، وأتت لي بالمال الوفير. روبورتاجي شامل ومهني وفيه حديث مع كل الأطراف، ولم يهمل الصيد البحري، ففي كل سبت أشتري كيلو سردين، وأحوله إلى كفتة خروف، بعد أن أطحن السردينة تلو السردينة، ولا أشفق على أي واحدة منها، أمعسها وأدوس عليها وأعذبها وأرمي رؤسها للقطط المشردة، وأخلطها بشحم الخروف، وها أنذا أتغذى بلحم كبش مفروم، ومستعد أن أفرجكم على مشروعي في معرض الفلاحة بمكناس، إذا قررتم اختياري كفائز. وفي الصيف الماضي كنت في البادية، فاشتريت عجلا وبقرة صغيرين، وقمت بتجارب عليهما، فصارا ينجبان كل أسبوع، أما البقرة الحلوب، فأصبح لها ضرع يمنحني اللبن ونيسبريسو وكوكاكولا وعصير البرتقال وشراب البيرة البريسيون، ويكفي أن تضغط على الضرع، حتى تحصل على ما تريد، ناهيك عن صبيبها العالي، والويفي، الذي بفضله أدخل إلى الفيسبوك. وعندي في الروبورتاج بقعة أرضية تجلب المطر إليها، فتخضر طوال العام، وأينما كان المطر يأتي إليها صاغرا، وذلك باستغلال تقنية مغناطيس الماء، الذي طورته بخلط الخل والمايونيز مع محرك قديم مع جهاز استقبال أنالوجيك وصحن مقعر أش دي، واضعا الكل في سقف بعيدا عن أيدي الأطفال. وعندي في الروبورتاج صديق صحفي عزيز يبيض، سبحان الله، بيض السمان، ودجاجة تبيض ذهبا، وأبيع البيض في السوق السوداء إلى صائغ يحوله ألى ذرق طيور، تشتريه منه نساء بغرض استعماله في السحر والشعوذة. وعندي رأس، هو رأسي، تحول مع الوقت إلى معصرة زيت، وتعاونية فلاحية، أظل أعصره وأعصره، فتخرج منه أفكار سوداء وسخيفة، أجمعها، لأبيعها في وقت الشدة للأجانب. وفي الروبورتاج سلحفاة، تعيش معي في البيت منذ سنوات، وهي الوحيدة التي حيرني أمرها، ولم أعثر لها على حل، متمنعة ومنزوية دائما في ركن، وقد أضرب بها أحدا، إذا لم أفز بجائزة الصحفيين المهتمين بالفلاحة والعالم القروي والصيد البحري. هذا أفضل عمل صحفي يستحق الجائزة الكبرى لوزارة الفلاحة، ويستحق رواقا خاصا به في معرض مكناس، فأنا أتحدث إلى كيلو لحم فيصبح في الحين مورتاديلا وجومبون، والحيوانات تعرفني، والبط والديك الرومي تحت إمرتي، وإذا فزت بالجائزة، فإني سأقلب الأرض عاليها على سافلها، وأحول الصحراء إلى جنة خضراء، وأربي الفقمة وأبيع جلدها إلى الأرستقراطيات نكاية في برجيت باردو وفرنسا، وأصنع الدب القطبي بخلط الثلج برؤوس السمك وندف القطن، وسمك القرش ليلتهم أعداءنا في الخارج. توجوني إذن وسفروني معكم إلى أمريكا، أما إذا رفضتم وزورتم النتائج، فلن تقوم قائمة للفلاحة بالمغرب، وسأجعل المغرب أرضا قاحلة، وسأحمل معي رياح السموم، وسأحرض الجفاف والفيضانات والنباتات الطفيلية، لتأكل كل شيء. أنا أفضل صحفي فلاحي في المغرب، وقد حذرتكم، فالجائزة لي، وأرفض أن يقتسها معي أحد، أنا محقق الخضر ومستجوب الفواكه، وصاحب سكوب الأسماك وهي تسبح في البحر، ومحلل الدواب وقصب السكر، وكبير محرري الطاقات المتجددة، والأخبار المعدلة جينيا. أنا روبرت فيسك الغابات وتوماس فيردمان الأرانب وحسنين هيكل القطاني، أنا كارثة حقا، ولا مهنة لي، وكلما ظهر تخصص صحفي جديد، وكلما تم الإعلان عن جائزة، أجدني آوت وعلى الهامش، أحاول اللحاق بزملائي، وأركض خلفهم، لكنهم يسبقونني دائما ويفوزون، وأملي الوحيد هو شرفات أفيلال، فأنا أحب الماء، وأذوب فيه، وأكتب في الماء وأمشي مثل المسيح، وهي الوحيدة التي ستنصفني، وستمنحني الجائزة الكبرى، وستسلمها لي بيديها، وسأغيظكم أيها الزملاء، ففرق كبير بين أن يتوجك مصطفى الخلفي أو عزيز أخنوش، وبين أن تحتفي بك شرفات، يا أفضل وزيرة منتدبة في المغرب، كل الماء لك، يا كوب ماء بارد في عز الصيف، فالماء بدون أن تكوني مسؤولة عنه في المغرب لا يشفي غليلا، وإذا كانت من حسنة لعبد الإله بنكيران، فهي أنه وضعك وزيرة للماء، وتخيلوا معي لو أننا منحنا ماءنا لمبديع مثلا، كان سيوقع له على شهادة ميلاد، ويستحم فيه كما في الصورة إياها، ثم يسلمه في نهاية المطاف إلى برسكوني، ويبرئه من كل التهم التي تحوم حوله.