تعد التنمية بمفهومها العام عملية واعية موجهة و مخطط لها بغية احداث تغيير مجالات جغرافية معينة من مستويات دنيى الى ما هو أقصى،و تأخذ بعين الاعتبار كل الجوانب الاجتماعية، الثقافية، الاقتصادية و السياسية ،هادفة الى صياغة بناء حضاري متكامل يؤكد فيه المجتمع هويته و كينونته، وتكون التنمية بهذا المفهوم مبنية على اساس مبدأ المشاركة الجماعية الفاعلة والإيجابيةانطلاقا من التخطيط واتخاذ القرار ومروراً بالتنفيذ وتحمل المسئوليات وصولا الى الانتفاع من برامج التنمية ومردوديتها، الكل يبذل مجهودات جبارة من أجل صالح الكل مع التركيز على البنية التحتية والفئات الاجتماعية المحرومة التي هي في حاجة ماسةالى تطوير قدراتها وتحسين أوضاعها. و هنا تكون التنمية وسيلة و منهجا عمليا يتجه نحو احدات تغييرات تتمظهر و تتضح بشكل جلي في حياة المواطن،كما تكون اداة للتغيير في طرق التفكير و طرق العمل ، زد على هذا يتوجب على التنمية اعطاء الاولوية للمناطق التي تعاني الهشاشة و التهميش خصوصا المجالات الريفية (المناطق القروية) . فالكل يسعى الى التنمية و ذلك من خلال برمجة انشطة و مشاريع التي من شانها رفع شأن المواطن و تحسين أحواله الاقتصادية و الاجتماعية،و الارتقاء بمستواه المعيشي و الثقافي،حيث يقوم المسؤولون بوضع مخططات تروم الى تحقيق نتائج ملموسة تلوح بالنجاح و تغير من واقع الحال،و لعل المسؤول الاول و الاخير الذي يعيش معية المواطن يبقى هو الجماعات المحلية،فالزائر الى منطقة ما يضع تقييما للتنمية و عمل الجماعات المحلية من خلال بنياتها التحتية و المرافق المتواجدة بها,هنا لمقاربة الموضوع :التنمية ،ندرس مثالا قد يجعلنا نقف عن مدى الفهم الخاطئ لدى البعض،خصوصا المسؤولين. يعتبر موسم اولاد ابراهيم ارثا تراثيا و تخليدا دأبت المنطقة على تخليده كل سنة ،ينظم من طرف (شرفاء) اولاد ابراهيم بمشاركة و دعم من الجماعة المحلية لدار ولد زيدوح .اذن هنا طرفان يشتركان في التنظيم و يختلفان في الهدف' فالشرفاء من خلاله يجمعون اموالا طائلة مقابل (الفاتحة لقضاء غرض ما) أما الجماعة القروية فهدفها التنمية-هذا طبعا حسب شعاراتها و تقاريرها- التنمية.لكن السؤال الذي يجب طرحه و الذي لا ينبغي لنا الا نتجاوز الخوض في البحث و تحليل كل المعطيات للاجابة عنه ،هو: كم عمر هذا الموسم ؟ هل كان لهذا الموسم أثار ايجابية على المنطقة؟ ما هي القيمة المضافة التي تضاف الى واقع المنطقة؟و لماذا تعمل الجماعة الى انجاحه و العمل بجدية لا تعمل بها في الايام العادية؟ يقام موسم أولاد ابراهيم منذ زمن بعيد يزيد عن أربعة عقود ، فكان يخلد احتفاء بولي لا احد يعرفه و لا احد يعرف ملكاته ،ولا احد يعلم فضله على هذه المنطقة ...الحقيقة هي أننا و رثنا كوننا ننتمي الى شرفاء اولاد ابراهيم،بل هناك اشخاص يدعون الوصاية فلو تلفظت و لو بانتقاد تجاه هذه الظاهرة صرت عدوا لهم.المسالة هنا هي أن هذا الانتماء أضحى الية لجمع الاتاوات و القرابين و الهدايا من طرف مجموعة من الرجال(عدم احقية النساء باللقب) الذين يمثلون ثمانية دواوير،و المسطرة المتبعة لأخذ العضوية هي دعوة لجنة تدعى (الرمى) لوليمة غداء او عشاء(الزردة) لتتصف رامي (ابرهمي شريف). فهؤلاء يقومون بابداء القبول و رفع أكففهم الى اللة مساندين كل من جاء اليهم و دفع قربانا (مال - بهائم - المرفودة) راجين من الله و اولاد ابراهيم تحقيق المراد،فمن خلال هذه الطقوس و خلال ثلاثة ايام يتم جمع مبالغ مالية مهمة تقدر بالملايين(12-18 مليونا) ،يمنحون للمجلس القروي حوالي 4 ملايين مقابل الكهرباء و العتاد و الخدمات و الباقي يقتسم بين هؤلاء الرجال الشرفاء(الرمى).اذن من هنا يتضح الهدف ،و بالتالي اين هي التنمية و مظاهرها؟ و الحديث عن الأثار الايجابية لهذا الموسم و القيمة المضافة على مستوى تنمية دار ولد زيدوح،فيجب الجزم بأن سلبياته أكثر من ايجابياته:صحيح أنه من خلال هذا الموسم تزدهر التجارة المحلية و ترتفع مبيعات التجار و تنشط حركية و رواج في صفوف الباعة و أصحاب المخبزات و الجزارين و.... لكن في المقابل ،تتحول المنطقة الى حانة مفتوحة للجميع اذ تزدهر تجارة الخمور و تفشي البغاء و انتشار الرديلة و كثرة المشاجرات و هذا طبعا يزيد من معاناة الساكنة.علاوة على ما يخلفه هذا الموسم من ازبال و أكياس بلاستيكية تلوث المحيط و تشجع على انتشار الحشرات و الجراثيم،اذن أين هي مظاهر التنمية في هذا كله؟ فدار ولد زيدوح تعاني الويلات امام تقاعس المنتخبين و برلماني المنطقة و مجتمعها المدني الذي نام نوما عميقا دون حراك،و أمام أطراف مجهولة تريد السوء ببلدتنا،و أمام المواطن الذي ساهم بخنوعه و تبعيته و تجشيعه لمثل هذه المناسبات (الموسم) .دار ولد زيدوح تعاني من الهشاشة والتهميش،تعاني من هجرة اداراتها،تعاني من بطش المنخبين الذين ادوا بها الى وضعية مزرية ،فكيف لنا أن نرفع شعارات للتنمية و نحن نتأخر عن الركب بملايين الأيام؟فالساذج هو الذي يصدق شعارات مثل هذه المناسبات،لان شعار هذا الموسم في حقيقة الأمر هو :البذخ و تبدير المال العام من أجل هدف في نفس يعقوب.ففي السنوات الاخيرة ،ظهر شريك جديد يضخ اموالا طائلة من اجل انجاح موسم التبوريدة الذي عوض موسم اولاد ابراهيم،انه المستشهر الغني :شركة المشروبات الغازية كوكاكولا ،لكن هل يعتبر ما تقدم هذه الشركة سندا و دعما لهذه المنطقة للرقي بها؟ فالمنطقة بصفة عامة محتاجة الى كل البنيات التحتية و كل المرافق التي تساهم بشكل و باخر احداث تغيير في التفكير و منهجيات العمل،فكان حري بهذه الشركة ان تساهم بتنفيذ أوراش تنموية حقيقية في المجال الاجتماعي او الثقافي. انه يحز في قلب الانسان ان يرى أناسا يعمهون في الجهل و يتغنون بالتفوق،فكيف لك أن تنظم مهرجانا و تتفنن في اختيار المنشطين من المغنيين و المغنيات و أنت تمر من شوارع كلها حفر و بؤر يظن انها نتيجة دمار شامل.نتمنى من الله ان تحيى القلوب الميتة و ان تتحرك الضمائر الحيةلاخراج جماعتنا الحبيبة من براثن التهميش و الهشاشة. خالد الزيدوحي