بالديوان الملكي وطيلة يوم أول أمس الثلاثاء كان على أعضاء الآلية السياسية للتتبع والتشاور حول الدستورالجديد الجلوس إلى طاولة التداول والتركيز في استماعهم للخطوط العريضة للدستور الجديد، عشر ساعات من جلستين خصصها الفقيهان الدستوريان محمد معتصم المستشار الملكي وعبد اللطيف المنوني رئيس اللجنة مراجعة الدستور لتقديم ملامح السلط الثلاث في الدستور المقبل.إذا كانت الخصوصية دفعت المنوني في عرضه الشفوي إلى الإعلان عن أن السلطة العسكرية والدينية ستبقى ضمن الاختصاص الملكي الصرف، فإن الإصلاح الدستوري الجديد، يقتضي أن يكون البرلمان وتحديدا مجلس النواب صاحب اخصاص التشريع في كل الميادين بدون استثناء، أما الحكومة فيقودها رئيس للوزراء يتولى السلطة التنفيذية كاملة ويرأس المجلس الوزاري، المنوني حمل في عرضه حول السلطة القضائية بشائر جعلت بعض أعضاء الآلية السياسية يعلنون أن الدستور الجديد سينتصر لمبدأ فصل السلطات، ذلك أن وزير العدل لن يرأس مستقبلا وبحسب ملامح الدستور الجديد المجلس الأعلى للقضاء، الذي سيتغير اسمه إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ذو الصلاحيات الواسعة والتركيبة الجديدة، فإذا ما اعتقد مواطن مغربي مستقبلا أن مقتضى قانوني طبق في حقه غير دستوري، فباب المحكمة العليا الدستورية سيكون مفتوحا أمامه للطعن في دستورية هذا المقتضى. الملك يتولى السلطة العسكرية والدينية على رأس المؤسسات الجديدة في الوثيقة الدستوري المرتقبة بحسب ماتم التداول فيه، أول أمس الثلاثاء، داخل اجتماع لجنة التتبع التشاور يأتي جهاز مجلس الأمن الذي سترأسه الملك . الجهاز الجديد لن يقتصراختصاصه على المسائل العسكرية و الأمنية كما توحي بذلك تسميته بل ستوكل إليه مهمة النظر في جميع القضايا ذات البعد الاستراتيجي . جوابا منها على سؤال مستقبل الفصل 19 داخل الدستور المرتقب تعلن مصادر من داخل الآلية السياسية بأن تدخلات الحاضرين أجمعت على الشرعية الدينية التاريخية للمؤسسة الملكية، مع ما يعنيه ذلك من تضمين سمو مؤسسة إمارة المؤمنين في الدستور، خاصة على مستوى المجالين الديني والعسكري و التنصيص عليهما كاختصاص ملكي بامتياز يحتكر الملك سلطة التقرير والتعيين فيهما. السلطة التنفيذية : رئيس للحكومة يقود مجلس الوزراء سيكون عباس الفاسي آخر الوزراء الأولين في المغرب، منصب سيتحول مع الدستور الجديد إلى رئيس للحكومة، وذلك على غرار ما عليه الأمر في إسبانيا، حكومة تمارس لوحدها السلطة التنفيذية. بالإضافة إلى رئاسته لمجلس الحكومة الذي أوكلت له مهمة التعيين في المناصب الحكومية العليا من الكتاب العامين للوزراء وصولا إلى مدراء الإدارات المركزية و المكاتب الوطنية، وكما هو حال الوزير الأول في الدستور الفرنسي الحالي سيرأس رئيس الحكومة المقبل مجلس الوزراء ، وذلك بتفويض من الملك وموافقة منه على جدول الأعمال ولن تقف مهام رئيس الحكومة المنتظر عن حدود تعيين وإقالة باقي الوزراء بل سيمتد الأختصاص ليشمل التعيين والإقالة في صفوف رجال الإدارة الترابية للمملكة من ولاة و عمال ونفس الشىء على الصعيد الديبلوماسي بتعيين سفراء المملكة في الخارج السلطة التشريعية: البرلمان وحده المشرع الدستور المقبل يعد بإعادة الإعتبار للمؤسسة التشريعية خاصة مجلس النواب، على اعتبار أنه التعبير عن إرادة الأمة ومنتخب بشكل مباشر. داخل الآلية تفادى الأستاذ عبد اللطيف المنوني الخوض في إصلاح الغرفة الثانية، ولكن نقل عنه بعض أعضاء الآلية السياسية أن مجلس النواب ستكون صلاحياته أكبر من مجلس المستشارين، وسيتولى التشريع وحده في كافة الميادين على الصعيد الوطني. بلغة الأرقام أطلع المنوني أن مجال السلطة التشريعية وتحديدا مجلس النواب سينتقل من تسعة مجالات إلى أربعين مجال تشريعي. السلطة القضائية : انتصارمبدأ فصل السلط ظل مبدأ فصل السلط عملة رائجة في سوق المطالب الإصلاحية السياسية والدستورية في المغرب، وملامح الدستور الجديد ستحمل استجابة لهذا المطلب كيف ذلك؟ يجيب المنوني أعضاء الآلية السياسية للتتبع والتشاور بأن الحكومة سترفع يدها عن القضاء، فوزير العدل لن يعود بترأس المجلس الأعلى للقضاء كما كان في السابق، وهذا المجلس سيتغير اسمه إلى مجلس أعلى للسلطة القضائية. ليس الإسم فحسب هو الذي سيتغير فتركيبة المجلس بدورها خضعت للتعديل، ورغم بقائه تحت رئاسة جلالة الملك فإن تركيبته ستعرف بالإضافة إلى أعضاء يعينهم الملك عضوية كل من رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، رئيس مؤسسة الوسيط كما سيتم إعمال لائحة نسائية لضمان تمثيلية القاضيات. القضاء الدستوري : فتح باب المحكمة الدستورية أمام المواطنين لأن العدالة والدستورية لا تتحقق داخل النظام الديموقراطي بمنطق الأغلبية والمعارضة وحده، كان لا بد من تطوير المغرب لقضائه الدستوري. مع الدستور الجديد سيعلن المغرب انتهاء تجربة المجلس الدستوري، وسيطورها إلى إنشاء المحكمة الدستورية العليا كما ستتغير هيكلته، العضوية في المحكمة الجديدة ستميل نحو الإستقلالية و أن شروطها تتجه نحو صرامة أكثر، إذ ستتكون من فقهاء دستوريين مارسوا التدريس الجامعي في الاختصاص المذكور لمدة لا تقل عن 16 سنة. لن تصبح المؤسسات وحدها من يمكن اللجوء إلى القضاء الدستوري، فالمواطن بدوره يمكنه اللجوء إلى هذه المحكمة الدستورية العليا بعد استنفاذه كل آجال التقاضي للطعن في دستورية بعض الأحكام، وفي هذا يعلن المغرب عن توجه في الأنظمة الديموقراطية التي لا ترى في القضاء الدستوري ضامنا لنصوص الدستور فقط، ومدى احترام المؤسسات له، ولكن مؤسسة ضامنة لحقوق الأفراد وحرياتهم. ياسين قُطيب /الأحداث المغربية