تتابع المنظمات الحقوقية الموقعة أسفله، منذ مدة التظلمات المتواترة اتجاه حالات لجوء النيابة العامة ، وقضاء التحقيق إلى استعمال سلطة الاعتقال الاحتياطي، وذلك رغم عدم قيام مبرراته المسطرية وانعدام أية حالة من حالات التلبس ، وعدم الإقرار بالتهمة ،ورغم توفر ضمانات كافية في الأشخاص المشتبه فيهم لمثولهم أمام قضاء الحكم في حالة سراح . إن هذا الإتجاه يطرح عددا من التساؤلات اتجاه احترام ما يوفره الدستور من حماية للحرية والكرامة لكل مواطن، وما تعرفه السياسة الجنائية عامة والقضاء الجنائي بكل مكوناته من ضعف للحكامة في تدبير أدق المقتضيات ألا وهي المرتبطة بحرية الناس ، وبالحق في محاكمة عادلة، وكذا بالمفهوم الدستوري لقرينة البراءة ، و بفلسفة العقاب. 1- فمن ناحية أولى، فإن تواتر استعمال الإعتقال الإحتياطي خارج أي اعتبار لطبيعته الإستثنائية يمس بالأمن القانوني وقرينة البراءة التي تعد أساس المحاكمة العادلة،كما يعد مسؤولا بدرجة أولى على ظاهرة الإكتظاظ المهول التي تشهدها السجون المغربية . 2- ومن ناحية ثانية، يطرح التساؤل حول المفارقة الواضحة بين الطلب الحقوقي المتزايد من أجل إعمال الآليات البديلة للاعتقال الاحتياطي ،وخاصة آلية الوضع تحت المراقبة القضائية التي أتى بها قانون المسطرة الجنائية لسنة 2002 ، وبين سوء تدبير النيابات العامة وقضاء التحقيق لتلك المقتضيات بعيدا عن طابعها الاستثنائي. 3- ومن ناحية ثالثة، يطرح التساؤل حول حدود ما يسمى بالسلطة التقديرية والحيطة من انقلابها سلطة تحكمية وشططا لا يمكن أن يستعمل تحت ستار صلاحيات مؤسسة النيابة والتحقيق. 4- ومن ناحية رابعة، وفي أفق تفعيل مبدأ استقلال السلطة القضائية، إعمالا لمقتضيات الدستور الجديد، لابد من الإنتباه إلى إشكالية استقلال كل من جهاز النيابة العامة، و قضاء التحقيق عن سلطة وزارة العدل، ولابد من التفكير في دقة وخطورة الموضوع خصوصا ما يفرضه مثل هذا الاتجاه من استحضار كل الضمانات تحديدا وتدقيقا لمدلول وامتداد مبدا استقلال السلطة القضائية ، مع توفير آليات مضبوطة لمراقبة إعمال كل منهما من طرف قضاء الموضوع لتجنب كل تجاوز أو انحراف او محسوبية، انسجاما مع روح الدستور الجديد ، ومع الإتفاقيات الدولية ذات الصلة . وتجدر الإشارة إلى أن الفقرة الرابعة من المادة 30 من اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، تنص على أنه " في حالة الأفعال المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية، تتخذ كل دولة طرف تدابير مناسبة، وفقا لقانونها الداخلي ومع إيلاء الاعتبار الواجب لحقوق الدفاع، لضمان أن تراعى الشروط المفروضة بخصوص قرارات الإفراج إلى حين المحاكمة، أو الاستئناف ضرورة حضور المدعى عليه في الإجراءات الجنائية اللاحقة. إن الجمعيات الموقعة لهذا البيان: 1- تلح على أهمية وضرورة تنزيل و تطبيق المقتضيات الدستورية الجديدة، ومنها تلك ذات الصلة بالحقوق والحريات، وحقوق المتهمين وسلطة القضاء. 2- تدعو الى فتح حوار مسؤول متعدد الأطراف حول واقع العدالة الجنائية بالمغرب، والعمل على ملاءمة المنظومة الجنائية مع المواثيق الدولية لحقوق الانسان تحقيقا لسموها على القانون الوطني. 3- تذكر بمقتضيات المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية التي تنص على أنه "لا يجوز أن يكون احتجاز الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة، وتعتبر بأن االنيابة العامة وقضاء التحقيق عليهما واجب إعمال هذه المقتضيات اعتبارا للإلتزام السياسي والحقوقي للمغرب المصادق والمنضم للإتفاقية ذات الصلة. 4- تؤكد الجمعيات الموقعة على هذا البيان على مواصلتها المطالبة بتفعيل مقتضيات المادة 159 من المسطرة الجنائية المتعلقة بالوضع تحت المراقبة القضائية ،والترافع من أجل تنويع و توسيع بدائل الاعتقال الاحتياطي لدى كل الجهات المسؤولة . الرباط في :20 نونبر 2012 الهيآت الموقعة : المنظمة المغربية لحقوق الإنسان جمعية عدالة المرصد المغربي للسجون الجمعية المغربية لحقوق الإنسان المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف منظمة العفو الدولية- فرع المغرب الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة جمعية هيآت المحامين بالمغرب الهيئة المغربية لحقوق الإنسان منتدى كرامة لحقوق الإنسان المرصد المغربي للحريات العامة الجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء منظمة حريات الإعلام والتعبير جمعية الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان الشبكة المغربية لحماية المال العام مرصد العدالة بالمغرب الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان المركز المغربي لحقوق الإنسان مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب