عجز الميزانية يتفاقم منتقلا من 1.7 إلى 6.9 مليارات درهم بين يناير 2024 ويناير 2025    الصين تطلق أول نموذج كبير للذكاء الاصطناعي مخصص للأمراض النادرة    أمطار مرتقبة في توقعات طقس السبت    أمن والجمارك بميناء طنجة …إحباط محاولة لتهريب 1852 وحدة من المفرقعات والشهب النارية وتوقيف شخص للاشتباه في تورطه في تهريب مواد قابلة للاشتعال تشكل خطرا على الأشخاص والممتلكات    القوة الناعمة.. المغرب يحافظ على مكانته العالمية ويكرس تفوقه على الدول المغاربية    المغرب يطلق أول رحلة جوية خالية من الكربون نحو أوروبا بوقود طيران مستدام    "تصريحات تهكمية" تضع وهبي في مرمى نيران نادي قضاة المغرب    حماس تفرج عن 6 رهائن السبت، مقابل سجناء بينهم 108 سيتم ترحيلهم خارج الأراضي الفلسطينية    ستقلب المعادلات..عين المغرب على المقاتلات الشبح    انفجار ثلاث حافلات في تل أبيب، ويعتقد أنه "هجوم على خلفية قومية"    قرعة دوري أبطال أوروبا.. ديربي مدريدي وقمتان ناريتان    النصيري يدخل التاريخ مع فنربخشة التركي    إدارة الرجاء توجه رسالة إلى جمهورها قبل مباراة الكلاسيكو    خلال رمضان.. 272 واعظا لمواكبة مغاربة العالم في 13 دولة    بلاغ هام من الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء    أربعيني في قبضة أمن الحسيمة    زخات رعدية وصقيع بهذه المناطق    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    دراسة: هذه أفضل 4 أطعمة لأمعائك ودماغك    هل نبدأ في فقدان شبابنا بعد الخامسة والثلاثين؟    رفع الستار عن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان روح الثقافات بالصويرة    تقدم في التحقيقات: اكتشاف المخرج الرئيسي لنفق التهريب بين المغرب وسبتة    المنتخب النسوي يفوز وديا على غانا    لجنة تتفقد المناخ المدرسي ببني ملال    حادث سير يصرع شابة في الناظور    "برلمانيو الأحرار" يترافعون عن الصحراء    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    حوار مع "شات جيبيتي".. هل الأندلس الحقيقية موجودة في أمريكا؟    "ميزانية المواطن".. مبادرة تروم تقريب وتبسيط مالية جهة طنجة للساكنة    "الفوبريل" يدعم حل نزاع الصحراء    فوز صعب ل"الماص" على المحمدية    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    المدير السابق للاستخبارات الفرنسية للأمن الخارج: المغرب كان دائما في طليعة مكافحة الإرهاب    ارتفاع المداخيل الضريبية بنسبة 24,6 في المائة عند متم يناير 2025    أزولاي: البصمة المغربية مرجع دولي لشرعية التنوع واحترام الآخر    اختتام القمة العربية المصغرة في الرياض بشأن غزة من دون إصدار بيان رسمي    من العاصمة .. الإعلام ومسؤوليته في مواجهة الإرهاب    الملتقى الوطني الاتحادي للمثقفات والمثقفين تحت شعار: «الثقافة دعامة أساسية للارتقاء بالمشروع الديمقراطي التنموي»    محكمة بالدار البيضاء تتابع الرابور "حليوة" في حالة سراح    الملك محمد السادس يحل بمطار سانية الرمل بتطوان استعدادًا لقضاء شهر رمضان في الشمال    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    المغرب يشارك في الدورة ال58 لمجلس حقوق الإنسان    فحوصات الجيش الإسرائيلي لجثمان يحيى السنوار أظهرت خلو دمه من أي تأثير لمواد مخدرة    إسرائيل تفرج عن 602 فلسطيني السبت    المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس.. تكريم استثنائي لرائد إقليمي في الفلاحة الذكية والمستدامة    روايات نجيب محفوظ.. تشريح شرائح اجتماعيّة من قاع المدينة    إطلاق تقرير"الرقمنة 2025″ في المنتدى السعودي للإعلام    الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته    حوار مع "شات جيبيتي" .. هل تكون قرطبة الأرجنتينية هي الأصل؟    أوشلا: الزعيم مطالب بالمكر الكروي لعبور عقبة بيراميدز -فيديو-    "حماس" تنتقد ازدواجية الصليب الأحمر في التعامل مع جثامين الأسرى الإسرائيليين    سفيان بوفال وقع على لقاء رائع ضد اياكس امستردام    طه المنصوري رئيس العصبة الوطنية للكرة المتنوعة والإسباني غوميز يطلقان من مالقا أول نسخة لكأس أبطال المغرب وإسبانيا في الكرة الشاطئية    6 وفيات وأكثر من 3000 إصابة بسبب بوحمرون خلال أسبوع بالمغرب    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روبورتاج حول المقاتلين في سوريا من قصبة تادلة والنواحي

" هجرة المقاتلين إلى سوريا رحلات بطعم العلقم
وموت جماعي باسم الجهاد
1 مدينة تئن تحت رحمة الموت الجماعي بسوريا.
الساعة تشير إلى التاسعة صباحا من يوم الخميس13 مارس2014 .بدأت حركة غير عادية لدى سكان حي مولاي بوعزة العشوائي المتواجد ضاحية مدينة قصبة تادلة،صرخة صرختان صراخ وعويل،على إثره اشرأبت أعناق نساء الحي العشوائي لمعرفة مايحدث،سرت همهمات بين السكان بسرعة وانتشر الخبر انتشار النار في الهشيم،لقد مات (ي) نظرات ذهول متبادلة بين أقران(ي) ومجايلييه،في لحظة خاطفة تذكروا ذلك الشاب الذي لايتجاوز العقد الثاني ذو الأخلاق الحسنة،والسلوك الطيب،عازب غير متزوج كما تقول مصادرنا. لم يكن من السهل علينا معرفة التفاصيل،ولكن الأقوال التي استقيناها من ساكنة الحي تؤكد أن (ي) قتل في الحرب الدائرة في سوريا،وأنه ذهب هناك للجهاد لنصرة الإسلام والمسلمين.(ي) كان كتوما خلال تواجده في الحي العشوائي،يقرأ كتبا دينية ويطلع على أشرطة فيديو مبثوثة في مواقع الجهاد ،ويوتوب كفيل باستكمال كل المعلومات الناقصة حول الجهاد وميكانيزماته وشرعيته في نظر الذي غرروا ب(ي).
قصبة تادلة المدينة الصغيرة( ريال ديال الجاوي كيبخرها) مثل تادلي يتداول باستمرار ومنذ القديم.ولاحديث لها اليوم إلا خبر موت شخص بسوريا،شاب في مقتبل العمر ترك الدنيا وراء ظهره،وأراد الفوز بالشهادة،وتلقفته آلة الحرب المدمرة التي لاتميز بين ملتح وحليق الوجه،سوريا الممزقة بفصائلها الدينية وعشائرها العرقية وعلمانيتها البعثية،وأخبار متعددة حمالة عدة أوجه جعلت المتتبعين للأخبار في القنوات العربية يلتبس عليهم الأمر.وفي مقهى شعبي بالمدينة قال لي أحد المتتبعين للقتال الدائر في سوريا"لقد تعددت الطوائف في سوريا وتارة نسمع بالجيش الحر وتارة بالجيش النظامي.
لم تستفق المدينة الصامتة من هول صدمة موت(ي) الذي قتل في عز شبابه حتى نزلت أخبار الشؤم على عائلة أخرى بحي الزرائب عن وفاة مقاتل آخر بسوريا في العقد الثالث من عمره وهو من مواليد1984 كما قالت مصادرنا ويسمى(م) يمارس مهنة بيع الأعشاب.الذين يعرفون (م) حق المعرفة يصرحون أنه من أطيب شباب الحي لكن عدوى الجهاد واتباع خطوات السلفية وأفكارها جندت هذا الشاب المغرر به،لتلقي به في أقبية الجحيم في بلد الداخل إليه مفقود أمام الخروج فمستحيل بالمرة.
أخبار الشؤم هذه أطلت على هذه العائلة المنكوبة يوم الأربعاء12 مارس2014 ولعل مسامعها رددت عبارة غريبة تلقفتها لأول مرة من قبيل" مات مع المجاهين في سوريا" وفي صفوف المعزين شاهدت الجريدة بعض الملتحين ونساء ذوات خماروهم يرددون" لقد مات شهيدا" وفي عيونهم نشوة انتصار وشارة نصر لا يفهمها إلا المنتمون إلى حركتهم السلفية الداعية إلى الجهاد ولو في جزر الوقواق كما قال لي محدثي.
في ظرف يومين تناقلت الأخبار عن موت مجاهدين من قصبة تادلة في سوريا،ولأول مرة يسمع سكان المدينة عن كلمات كانوا يلتقطونها بصعوبة دون فهمها" الجيش الإسلامي بدولة العراق والشام القوات النظامية فصائل المعارضة جيش بشار مبايعة الأمام... بسرعة البرق تم نصب الخيام لاستقبال وفود المعزين،عائلات المجاهدين لم تستسغ فكرة الموت التي أخذت فلذات أكبادهم غدرا.ومن سخرية القدر أنهم لايعرفون أين توجد سوريا.خصوصا أن أغلب السلفيين المتجهين لسوريا لا يطلعون أحدا من عائلاتهم عن قرارهم،فالمسألة حسب تعليمات الجماعة التي جندته ينبغي أن تظل طي الكتمان وأن أي إفشاء للأسرار قد يفسد عملية النزوح نحو سوريا.
بعد موت هذين المجاهدين في سوريا من قصبة تادلة، لم يتوقف نزيف الأخبار السيئة فليلة الخميس 13 مارس2013 انضاف شخص آخر إلى لائحة المقتولين في الحرب الضروس الدائرة بسوريا، بسوريا،ويتعلق الأمر هذه المرة بالمسمى(ش) والمنحدر من إحدى القرى المجاورة لأبي جعد والذي يقطن حاليا بحي براكة بقصبة تادلة،لكن لا أحد لم يجرؤ على إخبار عائلته .وتحدثت بعض المصادر على أنه تم إعدامه من طرف الجيش الحر (بدير الزور شرق سوريا) وأضافت مصادر أن المعدم بسوريا متزوج وله ولدين.
2 من يتكفل بنعي المجاهدين بسوريا؟
قالت مصادرنا أن عائلات المجاهدين الذين لقوا حتفهم في الأراضي السورية تلقوا نبأ وفاة أبنائهم عبر اتصال هاتفي من شخص متواجد بالديار السورية، مع إضفاء القليل من التفاصيل عن طريقة موت الضحية في سوريا (هل قتل بالرصاص شنق إعدام..) حسب رغبة الجيش النظامي السوري)
لم يكن من السهل على الجريدة أن تفتح ملفات المقاتلين في سوريا والمنحدرين من قصبة تادلة ونواحيها،فقد كانت المعلومات شحيحة، والتكتم هو سيد الموقف،والخوف من إعطاء تصريحات قد يؤدي بالمصرح إلى سين وجيم.
مصدر آخر متتبع لملف السلفية الجهادية، وملم بما يجري في الديار السورية صرح للجريدة أن الشخص الذي يبلغ عائلات المتوفين بسوريا يلقب نفسه باسم"فارس الإسلام" وهو المسؤول الوحيد عن إخبار عائلات الضحايا ،وفارس الأحلام هذا يوجد بسوريا ،وأن الطريق الوحيد للتواصل معه كما يضيف مصدرنا، هو طلبك منه في صفحتك الفايسبوكية ليقبلك كصديق،وإذا قام بقبولك فهو قادر على مدك بمعلومات كثيرة،وأشار نفس المصدر أن فارس الإسلام هذا ينحدر من مدينة قصبة تادلة لكنه حذر بحيث أنه يبدو بلثام مقنع.
3 قصبة تادلة وجماعة أولاد سعيد الواد قلعتا المجندين للهجرة إلى سوريا.
انطلقت شرارة الأولى للمقاتلين بسوريا من جماعة أولاد سعيد الواد بدائرة قصبة تادلة خلال شتنبر المنصرم من 2013 ويتعلق الأمر بشاب يدعى( ح ع) في العقد الثالث من عمره،متزوج وأب لتوأمين وطفلة يحترف تركيب الزليج بالمنطقة .وكان قد توجه أكثر من شهرين إلى سوريا رغبة في الاستشهاد إلا أنه لقي حتفه هناك، وتم دفنه كما أكد شخص متواجد بالديار السورية للعائلة.
انتقلت الجريدة إلى أولاد سعيد الواد،وكلما تعرف أحد على هويتنا إلا وابتعد خوفا من تقارير المقدم والشيخ والقائد.الكل في هذه القرية يعلم بوجود قتلى ومقاتلين ولكن لا أحد يتكلم. إلا أن مصدرا مطلعا أكد لنا أن منطقة أولاد سعيد الواد استبدلت الهجرة السرية بالهجرة إلى سوريا للقتال في سبيل الله،وأن عدد الشباب الذين اختاروا قبلة سوريا كان عددهم في تزايد، وتتحدث مصادر عن مرافقته لزوجته.كما هو الأمر بالنسبة لزعيم المجاهدين بأولاد سعيد الواد والملقب" أبو مروى" والذي هاجر إلى سوريا رفقة اثنين من أبنائه ( الأصغر ويدعى نوفل والأكبر يسمى عبدالرحمان(عشر سنوات). أبو مروان هذا هو رئيس المجاهدين بأولاد سعيد الواد والداعية المشهور إلى الجهاد،فقد نشرت له عدة أشرطة"للفيديو" يظهر في إحداها بريف اللاذقية يلقي درسا بمركز سلمى الإعلامي،صوت بلدة سلمى في ريف اللاذقية التي كانت تعتبر من أبرز المصايف السورية ،قبل أن تتحول إلى قبلة للجهاد بين الوافدين إلى بلاد الشام كنقطة الانطلاق للانقضاض على باقي القرى الأخرى.
وللإشارة فإن أبا مروى كان فقيها بأولاد سعيد الواد، ويكثر من دروس الوعظ والإرشاد في الكثير من المناسبات،وقد تمكن من إقناع زوجته بالسفر معه إلى تركيا عبر مطار تركيا.وقد أظهرته بعض المواقع رفقة ابنيه في صور يحملان أسلحة روسية عبارة عن كلاشنكوف ،وسمي بأبي مروة نسبة إلى ابنته"مروى" وأشارت بعض المواقع الالكترونية إلى أن "أبامروى" استغل تواجده بسوريا وقربه من التنظيمات الجهادية وعلاقته بها ليقدم نفسه كشيخ سلفي مغربي .وبعد مدة سيعلن عن موت الشيخ أبي مروى تاركا عائلته لمستقبل مجهول.لم يكن أبو مروان المجاهد الوحيد بأولاد سعيد الواد ،بل توالت الهجرات من بعده خصوصا شخص في العقد الرابع من عمره سافر إلى سوريا تاركا وراءه طفلة في عمر الزهور لاتتجاوز السادسة من عمرها وزوجة حديثة العهد بالولادة .كما سافر شخص آخر عمره سبع وعشرون سنة رفقة زوجته وابنهما الوحيد، تاركا والديه العجوزين اللذين كان يعيلهما.بعدها رحل شاب آخر في العقد الثالث من عمره مخلفا وراءه ابنيه وزوجته.
أولاد سعيد الواد حين زرناها كانت تعيش على إيقاع الخوف والصدمة ليس تأسيا فقط على ضياع الشباب المغرر به في حرب مجانية غير مضمونة العواقب،بل لنظرات الساكنة المتسمة بالسخرية تارة وبالشفقة تارة أخرى على شباب تم استدراجهم بوعود معسولة ك(الجنة والفوز بالشهادة وربما أشياء أخرى لايعلمها إلا هم والساهرون على التنظيم)
4 المجاهدون إلى سوريا...وتسقط الخيل تباعا.
لعنة الموت والهجرة إلى سوريا التي أرخت بظلالها على منطقة أولاد سعيد الواد وأتت على الأخضر واليابس،انتقلت عدواها إلى مدينة قصبة تادلة فمع بداية شهر أكتوبر انطلقت الأخبار بحي بود راع مؤكدة نبأ مغادرة الشاب(ز ر) مسقط رأسه تادلة في اتجاه سوريا،وأواخر شهر يناير توصلت عائلته بنبإ وفاته بالديار السورية،وتناقلت صورته وهو ميت عبر تقنيات البلوتوت في كل الهواتف النقالة بالمدينة.
كان أغلب شباب المدينة يحملون صورته داخل هواتفهم النقالة،متسائلين عن المغزى من مغادرة(ر) لمدينته الهادئة وتركه لعائلته بحثا عن سراب ووهم من حركات سلفية أغلبها أعضائها جهلة وأميين وحتى مستوى الدراسي لا يتجاوز الثامنة إعدادي.
(ز ر) الشاب الملتحي عرفته شابا مستقيما ومتواضعا ومحبا للخير،وقد التقته الجريدة مرات متعددة بمسجد أبي بكر الصديق،كثير الدعابة منفرج الأسارير ومن يره في نظرته التفاؤلية للحياة لا يصدق أنه سيلقي بنفسه إلى التهلكة ،لتصل الأخبار للعائلة أنه دفن هناك.
زارت الجريدة عائلته،كان أخوه حسن متأثرا من صدمة الموقف،يوم نزل الخبر كالصاعقة على العائلة كان يوما مطيرا،نصبت الخيمة أمام منزل الهالك بالديار السورية، وكانت عشرات النساء الواضعات للخمار على وجوههن يبشرن العائلة بأن" (ر) شهيد ومقامه في الجنة مع الشهداء والأنبياء والصدقين"
"ر" يبلغ من العمر 26 سنة توقف عن الدراسة بالمستوى الثانية الثانوي تشبع قراءة كتب السلفيين ونظرياتهم ومؤلفاتهم ، ولكن لا أحد يدري لماذا صمم اقتحام بوابة الجحيم مقتنعا ومطمئنا،وبرصاصة من جيش بشار يغادر الحياة تاركا والديه وإخوته في حزن طويل وكآبة قاسية.
(ر) كان يعيش حياة مستقرة وهادئة ومن يبصره أو يعاشره لا يعتقد أن هذا الشاب الوديع يحمل كل هذا الزخم من الأفكار المتطرفة التي من شأنها أن تجعله يرتمي في أحضان حروب ملغومة بسوريا كل الذين يخوضونها لا يعرفون مبتداها من منتهاها،ولحساب من يقاتلون.
5 كيف يصل المجاهدون الى سوريا؟
تختلف لروايات حول المسار الذي يسلكه الراغبون في الذهاب إلى الجهاد بسوريا،فحسب مصادر عليمة فهذه العملية تتم في سرية تامة عملا بما يسمونه "بسرية القرار" دون إشراك العائلة والأبناء والزوجة بمكان الرحلة أو الإخبار عن الوجهة المحددة سلفا حتى الوصول إلى سوريا وبعد الانتهاء من فترة التداريب يتصل بعائلته لطمأنتهم على أحواله.
تتم الرحلة حسب ذات المصادر عبر مسارين: الأول يمر عبر الجزائر وصولا إلى ميناء بنغازي،أو غلى ليبيا مباشرة تمويها لعناصر الأمن ومحاولة لعدم لفت الانتباه بتجنب السفر المباشر والذهاب عن طريق عدة دول،حيث تقلهم سفن إلى تركيا مستفيدين من غياب شرط التأشيرة لدخول الأراضي التركية ويسهلها أيضا تغاضي سلطات أنقرة،وتحسبا لأي مأزق بهذا البلد يكون المجند جاهزا للرد على أي سؤال ،وفي جعبته جواب واحد هوالسياحة، أو التسجيل برحلة سياحية مرتبة من مكتب للسفريات ،كما يقوم الراغب في الجهاد بتحليق لحيته وتغيير ملابسه والإحجام عن الكلام الكثير،وقد يقوم بحمل علبة سجائر حتى لا يفلت الانتباه إليه،والنقطة الأهم في هذه ا لرحلة هي التزكية ،فكل الجبهات تحتاج إلى تزكيات كما تؤكد مواقع الكترونية "جهادية" وهي أن يكون للمقبل على القتال شخص أو شخص معروف ليزكيه تحسبا منهم لأي اختراق أمني من قبل الجواسيس . ويفضل المجاهدون في هذا السياق أن يجهز المجند عدد من التزكيات،وإلا فعليه الصبر على الاختبارات الأمنية الصعبة التي يخضعونها له حتى في حين ترفض بعض الجبهات قبول المهاجرين دون تزكية.وعبر حدود تركيا الجنوبية يلتحق المتطوعون للجهاد بساحة القتال بعد تهريبهم إلى الشمال السوري ويلتحقون بالمناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر،أو غيره من التنظيمات الجهادية، وفي هذه المرحلة يخضعون للتداريب توصف بالقاسية على حرب العصابات وحمل السلاح دون إغفال الشحن الديني عبر الخطب الدينية المسجلة،وأشرطة الفيديو التي تصور المعارك والعمليات الانتحارية والكتب التي تدعو إلى الجهاد والنصرة،ودخول الجنة في حالة الاستشهاد،وتخليد أسمائهم في لائحة أبطال الإسلام.
6 أسئلة مفتوحة على كل الاحتمالات؟
تتناسل الأسئلة وتتكاثر في ذهن كاتب هذا الروبورتاج،وتتناسل الأسئلة أيضا في عقول أمهات الضحايا وآبائهم،وتغرق المدينة نفسها بسكانها عمن يفتح الأبواب مفتوحة في وجه هؤلاء المغررين بهم للخروج من البلاد، الكل يعرف أن تقاريرا يومية ترفع إلى أهل الحل والعقد، لكن لا أحد يعلم إلى متى ستسمر لعبة تحكم شيوخ السلفية بالمدينة في خيوط تهجير الشباب الجامح الأرعن،دون أن يعرف أحد لهؤلاء الشيوخ مذهبا واضحا وعقيدة صادقة.لكن الذي يعرفه الجميع أن كل هؤلاء الشباب الذين قتلوا في سوريا،وحتى المختفون منهم، كانوا يجدون في مساجد المدينة مرتعا للنقاش ،وقد كانوا يستغلون فتح المساجد لأبوابها بعد صلاة الظهر خصوصا في شهر رمضان للمكوث بعض الوقت بالمسجد لاستكمال نقاش لا أحد من المصلين يعرف تفاصيله ونوايا أصحابه.وكل الذين رحلوا لسوريا أغلبهم كان يصلي بمسجد ابي بكر الصديق،وفي غياب مراقبة لتدبير الشأن الديني داخل المساجد،يصبح العذر أكبر من الزلة،وتصبح المسألة أكبر من مجرد سجال بين المواطنين وسكان المدينة حول جوهر الموضوع:" من له المصلحة في دفع هؤلاء الشباب إلى الانتحار بسوريا؟ ومتى سيتم إيقاف نزيف الهجرة الجماعية إلى سوريا؟مسلسل الفواجع والكوارث لم يتوقف عند هذا الحد،بل صاحبته موجة من الرحلات،فقد اختفى شباب آخرون منهم شاب في الثانية ثانوي وآخر بائع كتب دينية قيل أنه سافر لليبيا،وشخص آخر حسب مصادر عليمة دخل سوريا ولما عاد منها اعتقلته السلطات حسب ذات المصادر.تضاربت الآراء عن لائحة الموتى الذين أعلن عن لائحة استشهادهم والمختفون ماتزال عائلاتهم تتجرع غصص النكبة والحزن .لقد أصرت هذه الكتائب الجهادية بقصبة تادلة ونواحيها على مواصلة خطها الجهادي بسوريا عبر حركة دولة الإسلام في العراق والشام) والملتحون يرددون "الموتى في الجنة والبركة في الباقي من الأحياء" ومن يدري ماذا ستسفر عنه الأحداث من هجرات جديدة لا أحد يتنبأ بعددها والمنتمين إليها.؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.