مضت عشرون سنة على مصادقة المغرب على اتفاقية حقوق الطفل ، والهدف منها هو ضمان حماية كاملة لحقوق الطفل . واليوم أتساءل بخصوص الهدر المدرسي الذي تتحدث عنه وزارة التربية الوطنية وكل المعنيين بالشأن التربوي والحقوقي من المسؤول عن هذه الظاهرة التي باتت تستشري في جسم المؤسسات التعليمية بكل أسلاكها ؟ الهدر المدرسي كما يتم تعريفه غالبا هو عدم التحاق الأطفال بالمدرسة أو انقطاعهم عنها لكن واقع الحال يبين أن الهدر المدرسي يطال حتى الأطفال المتمدرسين أيضا بالنظر إلى الظروف غير المناسبة التي تمارس فيها العملية التعليمية التعلمية ، من بينها واقع الاكتظاظ الذي باتت تشهده المدرسة العمومية ، هو بالفعل إكراه يعيق كل عمليات التعلم و يحول دون تتبع عمل المتعلم ، كيف يمكن لكل متطلبات التواصل أن تتحقق في فصل يفوق عدد تلامذته الخمسين ؟ فالمدرس مسؤول عن كل إجراءات تحقيق التواصل وهو منظم للحوار داخل جماعة الفصل ومصدر التلقي و مخطط لكل مراحل الوحدة الدراسية وبالمقابل المتعلم هو فاعل بدوره في تنشيط الجماعة وبناء المهارات و تمثلها بالشكل الذي يحولها إلى كفاية قابلة للقياس . في هذا الإطار يكون عنصر الزمن مكونا حاسما في نجاح العملية التعلمية . إلا أن واقع الاكتظاظ يخل بالضوابط الضرورية لكل تواصل فعال ، لأنه يؤثر على عملية التحصيل الدراسي عندما يضطر المدرس إلى صرف النظر عن بعض الكفايات تحت ضغط الاكتظاظ وعلى رأسها كفاية التواصل و توظيف المكتسب اللغوي شفويا أو كتابة ، في القسم المكتظ لا يمكن منح الفرص المتكافئة للقراءة المسموعة ، أليس هذا من صميم الهدر المدرسي ؟ أليس من المنطقي أن نصرح بأن واقع الاكتظاظ مضر باكتساب الكفاية اللغوية التي يحتل فيها المغرب مراتب تحت التصنيف وفق برنامج التعلمات ؟ في هذه الحالة لن تنفع لا الفصحى ولا الدارجة ولا حتى اللغة التي لم تنحت بعد . بأي تبرير يمكن أن تسوق الوزارة الوصية ولا أي مسؤول لما بات يعرف بمدرسة النجاح ، من الواضح جدا أن الطفولة تخرق حقوقها في التعلم في ظل شروط كهذه ، وأول ما يعبر عن ذلك صراحة أن البعض من التلاميذ لا يتمكنون من رؤية السبورة كاملة لما يَفِرض عليهم الاكتظاظ الجلوس في زوايا لا تتيح النظر لما يكتب فيها لأنهم في وضع غيرمريح .