يمكن لكل دارس او مهتم بالعمل السياسي،أن يرصد بشكل تلقائي أن ما أقدم علية حزب الاستقلال، وبموضوعية له مخاطر كثيرة على المشهد السياسي الوطني، ويمكن أن يكرس ثقافة الانقلابات السياسية على الحكومات المتعاقبة، وخلق جو من الاضطراب في التعامل مع الفاعلين السياسيين.ففي كل لحظة شعر حزب سياسي مع قدوم أمين عام جديد,انه أكبر من أحزاب المسيرة للحكومة,يلجأ إلى التنكر لكل الاتفاقات السابقة، وجهة نظرنا ستركز على ثلاث نقط أساسية : - مفهوم الخيارات الكبرى للأحزاب - مفهوم الانتخابات واحترام نتائجها - التحاقن عبر استدعاء مجموعة من المصطلحات التي لا تمت للأخلاق السياسية واللياقة في شيء. إذا اعتبرنا أن المشاركة السياسية للأحزاب والخيارات الكبرى، والقرارات التي تنبع من الهيئات المسؤولة,في لحظة معينة يمكن التراجع عنها، بمجرد أن يتغير الأمين العام للحزب,فهذا سيجعلنا أمام حالة من الريب وعدم الاستقرار على المواقف، وكأننا نشتغل بمنطق"إذا جاءت أمة لعنت أختها".في هذه الحالة يمكن أن نركز على أن قانون الأحزاب يجب أن يفعل بشكل يضمن للخيارات استمرارها، ولا يترك مجالا للعبث السياسي، أو لأمزجة المسئولين الحزبيين. تكريس هذه الثقافة، يمكن أن يخلق حالة من القلق وفقد الثقة في المشاركة السياسية، كل مرة تغير أمين عام يمكن أن يعصف بالقرارات المتخذة داخل هيئات الحزب في المرحلة السابقة، وهنا يتأكد أن التغير في القيادات لم يأتي كتحول ديمقراطي في الحزب,ولكن جاء لقلب و تغيير كل شيء، حتى لا تبقى معالم تحيل على البنية السابقة. الأمر الثاني، هو مفهوم الانتخاب والتموقع الحزبي داخل المشهد السياسي الوطني,إذا اعتبرنا أن كلما تغير أمين عام , اعتبر نفسه أنه بقيادته للحزب، قد أصبحت له شعبية كبيرة,ويمكن أن يتفوق على أحزاب قائدة للحكومة,فيطالب عبر حشد الجماهير والتجمعات والخطابات,انه الأحق بقيادة الحكومة.أي منطق هذا؟, هل يصح أن يتصرف الفاعلون السياسيون بهذه الطريقة, ويربكون المشهد السياسي؟. اليوم نحتاج إلى تقعيد للعمل الحزبي وان المدة المخولة دستوريا لأي هيئة يجب أن تستكمل ما لم يحدث مستجد تحسم فيه الهيئات المخول لها بالنظر في الأمر, طبقا للدستور.أما الانتخابات وتشكيل الهيئات المرتبطة بها لا يمكن أن نوقف مسار عملها تحت أي طائل, ضعف التسيير السعي إلى الهيمنة,تجيش المواطنين..........بداعي أنها فقدت شرعيتها, بهذه الطريقة ندخل في العبث السياسي الذي سيجر البلد إلى مآسي اجتماعية خطيرة. كلما كان العمل السياسي و الخطاب الحزبي له أخلاق معينة,ويتسم بحالات النضج والخبرة,فانه يشجع على الرغبة الكبيرة في متابعة المشهد السياسي,كثيرة هي المصطلحات التي أصبحنا نسمعها من الفاعلين السياسيين,وأضن أن الوقت جاء لكي ننتقد بقوة كل من يسعى إلى تمييع العمل السياسي و خلق تحاقن لن يفيد المواطن في شيء. كل ذلك يؤشر على أن هناك خلل في الفكر السياسي للفاعلين السياسيين,وان الحسم القانوني في كثير من الإشكالات أصبح أمرا ملزما, علاقة الأمناء العامون للأحزاب السياسية و الوزراء من نفس الحزب,علاقة غير واضحة,باعتبار أن الفصل 93 يشير بصراحة إلى أن"الوزراء مسئولون على تنفيذ السياسة الحكومية,كل في القطاع المكلف به,وفي إطار التضامن الحكومي. يقوم الوزراء بأداء المهام المسندة إليهم من طرف رئيس الحكومة,ويطلعون مجلس الحكومة على ذلك.................." إن البرنامج الحكومي والمصادقة عليه من طرف الأغلبية, وتنفيذه من طرف الحكومة. فكيف لأمين عام حزب الاستقلال أن يتكلم على تنفيذ الالتزامات الحزبية أمام الناخبين, وينسخ بذلك البرنامج الحكومي. إن ما قام به حميد شباط هو انقلاب من نوع آخر, غايته أن يتقمص دور رئيس الحكومة, ودور المعارض الذي يمكن أن يعد بحل كل المشاكل للشعب المغربي, يكفي انه لم يتمكن من تعريف نوع النزاع بينه وبين رئيس الحكومة, وقام باللجوء إلى الفصل 42, وبعد ذلك تبين انه ليس موضوع اللجوء لحل النزاع. وأغرب ما في قرار الانسحاب هو:إذا كان حميد شباط قدر تراجع عن تنفيذ الانسحاب بعد المكالمة الهاتفية للملك,اعتبارا للمصلحة العليا للوطن,فلماذا الآن ينفذ الانسحاب,؟