مشهد أول حمامة بيضاء تبحث عن ظل عن شجرة خضراء تطير في الفضاء تصطدم بعمود كهرباء تصرخ عاليا فتهوي شهيدة لحضارة صماء * * * * مشهد ثاني حافلات تركض بسرعة الإعصار شاحنات تنفث غابات من الدخان و الغبار سيارات تزعق باستمرار فتنطفئ ذبالة النهار كأن يوم القيامة حل دون إشعار وتغرق المدينة إلى القرار ******** مشهد ثالث مدن من إسفلت وحديد ناطحات تنبت كل صباح جديد نهارها ضباب ورذاذ وليلها أرق وسهاد عقلها من النحاس وقلبها من معادن الذهب والماس الناس فيها قوافل نمل تهرول في كل الاتجاهات يلبسون صمتهم لا تسمع منهم كلاما ولا يردون سلاما كل يصاحب ظله كل يعانق نفسه كل يكتم سره كل يحمل همه يتحركون على إيقاع الإشارات قف/مر منتصبة في كل الطرقات * * * * مشهد رابع أبحث عن نسمة ورد أدفن فيها كآبة يومي واحتراقي لا أجد أبحث عن رحيق حب أبل به ظمأ قلبي وأشواقي لا أجد أبحث عن بستان أطفئ فيه جحيم أعماقي وأمرح لانعتاقي لا أجد أبحث عن شجيرة وارفة الظل فلا أجد إلا ناطحات من الطوابق سابحات من الصواعق تغتال اليمام والسلام ومداخن سوامق ترمي حمما من الدخان والحرائق ****** مشهد خامس مدن موبوءة بالأحزان تعيش على الوهم تشقى في النعيم تصلى نار الجحيم من زمان ذبحت هويتها فصارت بلا إسم بلا عنوان مدن لا تنام تسهرمع علب الليل وأقداح السكارى وغرف الظلام أتسكع في شوارعها لا يعرفني أحد أرتشف فنجان قهوة لايعرفني أحد أتفحص وجوهالمارة لا أعرف أحد هي ذي حياتي /حياتها إلى الأبد عبد الرحمان الغزلاني 15/06/2013