كلنا لم نعر اهتماما بالأول عند سماعنا مشروع القرار الذي تقدمت به الولاياتالمتحدةالأمريكية لمجلس الأمن من أجل توسيع صلاحيات المينورسو لتطال مراقبة وضعية حقوق الإنسان بالمنطقة , لسبب واحد هو ثقتنا الكبيرة بالشريك الفرنسي التقليدي الذي سيستعمل حق الفيتو لعرقلة القرار ,فعلى مدى ازيد من 37 سنة ظل الموقف الفرنسي داعما للمغرب في كل شيء ,سياسيا,عسكريا وديبلوماسيا بشكل كبير , فالرئيس فاليري جيسكار ديستان اعطى حتى سلاح الجو الفرنسي لدعم المغرب ضد البوليزاريو وفرانسوا ميتيران دعم المغرب في رفض مخطط التسوية الاممي وضرب عرض الحائط بالقرارات الدولية والرئيس جاك شيراك كان ينادي الصحراء بالأقاليم الجنوبية المغربية أي اعتبرها مغربية لاجدال فيها وحسم لوحده موضوع السيادة، وتدخل بقوة ضد قرار لمجلس الأمن لتبنى مقترح الوسيط الأممي السابق جيمس بيكر الداعي الى ضرورة تمرير القضية إلى البند السابع و إلزام الطرفين بحكم ذاتي لأربع سنوات أو خمسة كحد أقصى و تنظيم استفتاء تقرير المصير , والرئيس ساركوزي كان متشددا في دعمه للمقترح المغربي للحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع في الصحراء المغربية وحول فرنسابالاممالمتحدة الى مدافع عن المغرب , وهو الذي حال دون توسيع صلاحية المينورصو سابقا , ودون إدانة المغرب مؤخرا بعد تقرير كريستوفر روس . حتى في الوقت التي كانت فيه فرنسا متشددة في الدفاع عن مبدأ تقرير المصير في تونس وليبيا ومصر واليمن والكوديفوار والسودان وغيرها لحد تدخلها عسكريا من اجل فرض ذلك , لكن عند الحديث عن المغرب يتغير الأمر حتى اصبح كلام المسؤولين الفرنسيين عن قضية الصحراء يجعل المستمع اليه يحس وكانه يستمع احد اعضاء الحكومة المغربية. السؤال المطروح هنا هو ما الجديد الذي جاء به هولاند في زيارته للمغرب هذه؟ هولاند خرق العادة وزار الجزائر قبل المغرب ,والأكثر من ذلك انه لم يتحدث عن مقترح المغرب لحكم الذاتي هناك وأكد على قرارات الاممالمتحدة وهي متضمنة لحق تقرير المصير بشكل واضح , جاء هولاند الى المغرب واستقبل بالزرابي والحفاوة الزائدة بل وحتى تقبيل اليد احيانا لكن المهم من هذا كله هو حصيلة الزيارة وخصوصا حول الموضوع الجوهري اي موضوع الصحراء المغربية, لعل متابعة الزيارة فقط من الناحية لبروتوكولية كفيل بطرح اسئلة عدة وفهم اعمق لنتائج الزيارة, فعند وصول هولاند كان الملك محمد السادس وزوجته وولي العهد والأمير مولاي رشيد واعضاء الحكومة و برلمانيون وضباط سامون وزرابي حمراء في كل مكان لكن عندما غادر هولاند كان في توديعه رئيس الحكومة بنكيران وليس الملك ولا حتى احد اعضاء مستشاريه ولذلك اكثر من دلالة.. لقد كانت النتائج كارثية وحاجب الدخان الذي بنته الصحافة المغربية في محاولة لاظهار مكاسب وانتصارات خيالية زال بعد يوم واحد من اختتام الزيارة ,فما قاله هولاند ومن قبة البرلمان المغربي لايختلف في شيئ عما قاله بالجزائر اطلاقا : فلاول مرة يسمع البرلمانيون رئيسا فرنسيا يقول عبارة " الصحراء الغربية "وليس الاقاليم الجنوبية. ولاول مرة يسمع البرلمانيون ان مقترح الحكم الذاتي هو احدى القواعد للتفاوض وليس القاعدة الوحيدة وهو نفسه ما تقوله الاممالمتحدة يعني مقترحين مقترح جبهة البوليساريو ومقترح المغرب.. الرئيس الفرنسي تحدث عن كون النزاع في الصحراء يشكل عائقا كبيرا أمام الاندماج المغاربي و التكامل الاقتصادي بين دول المنطقة لأزيد من ثلاثين سنة . وأكد أن وضعية العائلات المقسمة بسبب اللجوء و المخيمات و التوتر بين الدول المغاربية، في إشارة إلى المغرب و الجزائر، و أزمة الساحل جعلت من إيجاد حل للنزاع مسألة ملحة .وهو ماقاله اكريستوفر روس المبعوث الشخصي للامين العام للامم المتحدة الى الصحراء المغربية في كل محطات زيارته الاخيرة ويقوله المنتظم الدولي.. والاكثر من هذا ان هولاند قال وبوضوح أن فرنسا تدعم مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي مقبول من الطرفين على أساس قرارات مجلس الأمن مما يعني إمكانية حل القضية استنادا إلى البند السابع الذي ينص على حق الشعوب في تقرير مصيرها وفي الأخير متى كان رئيس فرنسي يوصي بضرورة العمل ،بصفة حصرية، من أجل تحسين ظروف عيش سكان أوضاع الصحراويين وأظن ذلك يشمل جميع مناحي حياتهم بما فيها الشق الحقوقي الذي يشكل الآن جوهر الصراع بين الطرفين. لقد كانت زيارة كبيرة في شكلها واضحة في مضمونها ومقلقلة بالنسبة للمغرب في توجهها, واليوم نسمع دبلوماسيين سامين يخرجون إلى الإعلام مفندين إمكانية استخدام حق الفيتو ضد قرار مجلس الأمن , فمتى يستفيق المغرب ومتى نفرض على العالم قناعاتنا ,ومتى نحسن جهازنا الدبلوماسي المهتريء , متى نقنع العالم بمغربية صحرائنا , متى نعطي للعالم دروسا باحترام حقوق الإنسان , وأكثر من ذلك متى نجعل أبناءنا بالصحراء يحبون وطنهم ,إن حل القضية يقتضي أن نضع بين أعيننا أسوء الإحتمالات يمكن أن تؤول إليها قضية صحرائنا وهو تقرير المصير ونركز انشغالنا على القواعد باستراتيجية واضحة وصادقة , ونجعل شعبنا الصحراوي يلهث خلفنا , عوض اللهاث خلف فيتو فرنسي ممزوج بطعم التبعية ؟