قدمت حكومة عبد الالاه بنكيران بين أيدي أعضاء مجلسي النواب والمستشارين برنامجها الحكومي يوم 19 يناير 2012 استنادا الى ثلاث مرتكزات أساسية هي العمل المندمج والمتكامل والمقاربة التشاركية وربط المسؤولية بالمحاسبة في اشارة واضحة الى تنزيل مقتضيات الدستور الجديد وقد بدت لبعض المواطنين على استحياء بارقة أمل تبشر بالاصلاح المنشود ومما أكد تباشير الاصلاح أن ولي رئيس الحكومة بنفسه أمر الاصلاح بالدخول في حوار مع المعطلين ولكن ما فتئ أن أدى تراجع السيد بنكيران عن هذا الحوار الى انقشاع غيوم الوابل الصيب الذي كان ينتظره عامة المغاربة ممن وثقوا في حزب العدالة والتنمية ومن الأغرار الذين لم يسبق لهم أن خبروا دروب السياسة الوعرة واكراهات الواقع التي غالبا ما تعوض البراغماتية بالايديولوجية. وقد استند رئيس الحكومة في قرار تراجعه الى القانون الذي سنته الحكومة السابقة ولسان حاله يقول أن الحكومة السابقة رغم تصنيفها كأضعف حكومة في تاريخ المغرب لها الشجاعة الكافية لسن القوانين أما حكومته فلا قبل لها - رغم قوتها المزعومة - بسن مثل هذه القوانين وحسبها اتباع قرارات سابقتها بمنع التوظيف المباشر وان كان ذلك على حساب شعبيته كما قال. طبعا لم يكن حوار المعطلين السراب الوحيد الذي حسبه جزء كبير من المغاربة ماء بل جاء بعده نشر لوائح المستفيدين من مأذونيات النقل العمومي ولائحة دعم الجمعيات المستفيدة من الدعم الاجنبي و المحلي ... ولكن الأمال المعسولة انقلبت كوابيس جثمت على صدور المغاربة خصوصا بتوالي النكبات والتعثرات والنكسات من التعاطي القمعي مع الحتجاجات السلمية الى حرمان المواطنين من المعلومات العامة التي يمولونها بالضرائب التي يدفعونها للدولة عن يد وهم صاغرون ( راتب الناخب الوطني غيريتس) بالاضافة الى ضعف الانسجام الحكومي والتضييق على حرية التعبير من منع بعض الصحف والمجلات بذريعة المس بشخص الملك أو انتهاك المقدسات الدينية وتأخر المصادقة على قانون المالية لسنة 2012 . ومما زاد يأس المغاربة وفقدانهم اخر رمق من الأمل والصبر اعلان الحكومة زيادات قياسية في سعر المحروقات في الوقت الذي لم تتجاوز فيه زيادات الحكومات السابقة 50 سنتيما بالاضافة الى شن الحكومة حربا ضروسا على المواطن المغربي من خلال مالية 2013 بفرض ضرائب جديدة . يتعلق بالضريبة الجديدة على استهلاك السجائر المصنعة والضريبة المفروضة على امتلاك السيارات أو ما يعرف بال"فينييت" بالإضافة إلى الضرائب على رسوم التسجيل والتنبر، ناهيك عن الضرائب المفروضة على مواد البناء من حديد الخرسانة ورمال وبلاستيك. وإضافة إلى الضرائب التي تم فرضها على ذوي الدخل المرتفع المحدد من 25 ألف درهم شهريا وما فوق، وإضافة كذلك إلى الضرائب المفروضة على الشركات في إطار الضرائب المباشرة دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة. كما تعتبر المبالغ المحصلة عن طريق استرجاع إعانات السكر من موارد صندوق المقاصة، بالإضافة إلى الحصيلة الناتجة عن الرفع من النسبة المطبقة على الأرباح المتأتية من المبيعات الأولى للأراضي داخل المدار الحضاري . والخوف كل الخوف من سوع خاتمة حكومة بنكيران وتبعاتها على الحزب اذ ستكون انتحارا سياسيا وعلى الشعب المغربي الذي علقت فئات عريضة منه على هذه الحكومة امالا ليست باليسيرة وبالنتيجة تكون قد ضيعت على المغرب فرصة كبيرة لا تجود بها الأيام كل حين خصوصا وقد بدأت تلوح في الأفق بوادر سوء الخاتمة ومن أعظم هذه البوادر فساد الاعتقاد في محاربة الفساد والاقبال على السلطة والتعلق بها والعدول عن الاستماع الى أصوات النصح والاعراض عن دعاة المراجعة وتصحيح المسارات والاصرار على العثرات والفها وتبريرها والدفاع عنها . ولا حول ولا قوة الا بالله.