كل مغربي وكل مسلم لا يمكن إلا أن يأسف للحادث الأليم الذي أودى بأرواح أكثر من أربعين فردا إثر انقلاب حافلة المسافرين بمنطقة تيشكا ولا يمكن إلا نعبر عن خالص التعازي لكل أسرة فقدت أحد أفرادها خلال هذه الفاجعة الكبرى ، إلا أن ذلك يستوجب الوقوف على الأسباب الحقيقية التي كانت وراء هذا الحادث وغيره من حوادث السير التي تذهب بأرواح العديد من المواطنين كل يوم ، وتستوجب كذلك تحديد من يتحمل المسؤولية الفعلية على هذه الوضعية التي أصبح عليها قطاع النقل سواء تعلق الأمر بوضعية الطرق أو بالقوانين المنظمة للقطاع أو المتعلقة بالجانب البشري الذي لا ينكر أحد أن له المسؤولية الأكبر في كل هذه الحوادث ، ولتشخيص واقعي بعيدا عن كل استغلال سياسي لهذه الواقعة وجب أن نذكر الداعين إلى إقالة أو استقالة وزير التجهيز والنقل عزيز الرباح من منصبه أن هذا الأخير لم يكمل بعد السنة على توليه لهذه الحقيبة وأنه في مدة ولايته القصيرة قام بالعديد من الخطوات تروم إصلاح هذه الوضعية ، بينما ما وصل إليه هذا القطاع يتحمل مسؤوليته من تقلدوها لفترات طوال ولم يكن لهم حظ في مسار الإصلاح ، ويتحمله كذلك السائقون الذين يخرقون القانون ولا يراعون الله في الأرواح التي يقلونها على متن حافلاتهم أو التي تسير بجانبهم في الطرقات راكبين أوراجلين، ويتحمله كل من له صلة بهذا القطاع لم يقم بما يستوجب عليه القيام به. وبالتأكيد أن لوزير التجهيز والنقل مسؤولية كذلك ولكن المسؤوليات تختلف بحسب طبيعتها ومستوياتها ، إذ لا يمكن أن نحمل مسؤولية حادثة بسبب سائق مخمور أو سائق متعب أو واحد تجاوز السرعة المسموح بها قانونا أو غيرها من الأسباب المرتبطة بمسؤولية السائق مباشرة لوزير التجهيز والنقل ، كما لا يمكن أن نحمل مسؤولية تردي قطاع معين كيفما كان لشخص تحمل مسؤوليته بحالته تلك بدون أن نعطيه الوقت الكافي لتصحيح هذا الوضع ومعالجة الاختلالات والمشاكل المطروحة ، ولا يمكن أن نعتمد نظرية " طاحت الصومعةعلقوا الحجام " . وباعتقادي فإن العقلاء يعرفون كل هذا الكلام ويعرفون من يتحمل مسؤولية ما تعيشه البلاد من تراجعات ومن انتشار للفساد سواء بقطاع النقل أو بقطاعات أخرى ، ويعرفون من تسبب في كل ذلك ومن يريد أن يعرقل مسيرة الإصلاح التي بنجاحها سيتضح للمغاربة جليا الفرق بين من تحمل المسؤولية سابقا ومن يقودها حاليا ، ويعرفون ويفهمون – وبالدارجة المغربية – " تايعيقو " حينما تعتمد نظرية " طاحت الصومعة علقوا الحجام " ، وهي النظرية التي أرادوا أن ينزلوها بهذه الحادثة ف " طاح الكار علقوا رباح " .