يبدو الحديث عن مفهوم الحركية او التغيير فى سجل الجماعات المحلية أمراً عبثياً وغير منطقى، لأن كل المعطيات والمؤشرات تؤكد على/او عن غياب هذه المفاهيم فى أجندة مجالسنا..، وبفعل -هذا الغياب - تنمحى و تتشظَّى قيمة الزمن وتُمسى الحقب الإنتخابية مُجرد فترات تاريخية تُراوح مكانها وتفتقد لدلاليّتها ..فالتاريخ فى أبسط صوره وتعاريفه هو ديناميكية وفعل وإنجازات وإضافات..وتاريخُ جماعاتنا القروية، يتناقض وهذه المصطلحات التى تُعطى، للحياة وللزمن، قيمة ودلالة..فسجّلها التاريخى يخلو من أية انجازات بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، اللهمَّ بعضُ "الرتوشات" الذى حاول مدبرُو شأننا إقحامها قصرا فى خانة المشاريع ...وإن كانت هى فى واقع الأمر صفقات "مُشرعنة" لإختلاس ميزانيات مايسمىب"أشبه المشاريع"التى تبقى مجرد حبر على ورق. يبقى التساؤل إذن مشروعا، عن طبيعة هذه الجماعات فى غياب تسيير مُعقلن وعن ماهية هذه المجالس التى حملت على عاتقها رسالة شريفة وهى: خدمة الوطن والمواطن؟؟ إن شرعية هذه الأسئلة لا تتأتى فقط من: - واقعية الحال ،بجماعاتنا القروية وبما عرفته خلال السنوات الفارطة من إختلالات سواء على مستوى التسيير والتدبير او على مستوى التحديث فى الرؤية وآفاق العمل بحيث ان أغلب التقارير تشير على ان العديد من الجماعات ظلت متقوقعة على نفسها دون أى فعل إجرائى قادر على إخراجها من إكراهات الواقع والدفع بها الى الإنفتاح عن المحيط فى أفق جلب مستثمرين قادرين على نشل هذه المؤسسات من الوعكات الصحية التى ظلت تعانى منها منذ توالى عقليات الجيل السابق ... -إنما أيضا بما يفرضه الواقع الآن من إشكالات آستعصت حلولها على المواطنين فى الظرف الراهن، حيث تبين أن العديد من الخطابات السامية لم تحصل بعد على تأشيرة الدخول الى هذه الجماعات القروية، وان نسمة التغيير لم تُصب بعد عقول من تعودوا الإسترخاء على كراسى هذه المؤسسات دون حسيب او رقيب ..، ولا أدل على ذلك ما يجرى حاليا على ارض الواقع من خرق سافر للقانون حيث تجند العديد من سماسرة الإنتخابات قبل الآوان المحدد ،للضغط على المواطنين من أجل التصويت على من أسموهم ب"منقدى البلاد والعباد من براثن الفساد" وهو فعل إجرائى يعترف ضمنيا بما أقترفته هذه الفئة من اضرار على مستوى هذه الجماعات، لأن أغلب هؤلاء السماسرة أعضاء ومستشارين بمجالسها ،وقد امتهنوا هذه الحرفة مؤقتا ،لأنهم يعلمون ان وضعيتهم لم تعد مريحة، وانَّ العبور من نفق الإنتخابات الجماعية يتطلب "حبلاً وازناً؟ " خصوصا بعدما تبين ان خطابات التزوير و التنميق لم تعد تُجدى مع شباب اليوم .. ولأجل هذه الكراسى المشؤومة ، علّق أصحابنا كل خصالهم المحمودة -بين ألف قوس-فى سلَّة الى أجل غير مُسمى، وأحشروا خياشيمهم فى كل كبيرة وصغيرة..فطبيعة الخدمة الجديدة ، تتطلب يقظة مابعدها يقظة ،وتقتضى البحث والسؤال فى العرض والشرف وفى الشجرة والسلف ..أما الحديث عن الصالح العام فذاك زادٌ لم يفلح فيه أصحاب الحال، لأنهم ما تشبَّعوا وتشعَّبوا إلاّ فى القيل والقال.؟؟ الإشكالية إذن، ليست فى هؤلاء الذين يسعون الى ضمان مقاعدهم بكل الطرق والحيل،لأن سلوكهم هذا ،وعقدتهم مع كراسى الجماعة غير قابلين للنقاش لأسباب متعددة، إنما،أولاً، فى المواطن نفسه الذى اختار موقع المتفرج وظل يُشيد بهذا الحياد دون علم، أن خياره هذا سوف يعيدنا بدل خطوتين عشرات الخطوات الى الوراء، وتانيا،فى سلطات الوصاية التى لم تُحرك ساكنا ،فى كثير من المناطق التى أعتبرتها مجموعة من الاقلام نقط السوداء نظراً لتفشى هذه السلوكيات المشبوهة التى لا تمت بصلة لما يجرى حاليا على مستوى الساحة السياسية من دعاية لتخليق الحياة العامة ولفتح المجال امام كل الطاقات الشابة لولوج تجربة الاستحقاقات بكل شفافية ومصداقية ..فالسكوت عن هذه الممارسات وعدم مشاركة المواطن فى أجرأة الفعل الانتخابى على أرض الواقع بكل الاخلاقيات السليمة ،معناه ُ إجترار التجارب السابقة التى لم تُفلح لحد الساعة فى تدبير الشأن المحلى وفى إعطاء المؤسسات الجماعية الدور التى تستحقه وذلك مايتعارض جملة وتفصيلا مع روح ومضامين الدستور الجديد ومع أمال وأحلام شباب الربيع العربى.