منذ أن أدركت وجودي في هذا الكون كان لدي- كما لدى الكثيرين من الناس- اعتقاد راسخ لا يقبل التشكيك وهو كون الطائرة أسرع وسيلة سفر اخترعها الإنسان؛ لكن بالأمس القريب اعتقادي هذا أصابه تصدع كبير. في الثاني من شهر يوليوز الجاري رافقت إحدى قريباتي التي كان من المقرر أن تلتحق بالديار االأوربية؛في رحلة علاج على متن طائرة تابعة ل"لارام"الشهيرة من مطار محمد الخامس و موعد التحليق محدد في الساعة 08:30 صباحا.كعادتنا انطلقنا مبكرا تحسبا لأي طارئ ليكون وصولنا حوالي الساعة 06:00 وتتم جميع الإجراءات الروتينية في أجواء عادية. إنها الآن الساعة 07:00. و دعت المسافرة عفوا؛و دعنا المسافرة فقد كان برفقتي ابني الذي لم يبلغ بعد عمره السابعة.كانت تبدو على المسكينة علامات الارتياح لأن كل شيء لحد الساعة مر على مايرام؛و ستتمكن من حضور موعد بالمستشفى عشية نفس اليوم ؛موعد حتمي و محدد سلفا. و دعتنا و هي تقول للصغير "غادي نوصل أنا قبل منكم". لكن ونحن في طريق عودتنا (إلى مدينة سوق السبت)تلقيت مكالمة هاتفية من المسافرة تفيد أن موعد السفر سوف يتأجل؛ لماذا؟ لا تعلم....و تكررت الاتصالات دون معرفة موعد التحليق المرتقب ليطول انتظارها إلى حوالي 22:00 ليلا مع ما شابه من عياء و ارتباك و غياب لتفسيرات المسؤولين الذين لم يظهروا إلا بعد ساعات؛حسب قول القريبة ؛ليتحججوا بان طائرة هذه الرحلة قد أعطيت لمسافرين أفارقة ذاقوا ذرعا من الانتظار لحوالي ثلاثة أيام بالمطار؟؟؟... أخيرا تصل المسافرة- المريضة محل سكناها بأروبا تقريبا في نفس التوقيت الليلي الذي انطلقت فيه من بيتها بعد رحلة سفر دامت 24 ساعة. في المساء وأنا أتابع نشرة الأخبار فاجئني ابني الذي كان يقلب صفحات إحدى كراساته المدرسية و هو يسألني بلغة عربية فصيحة:"ما هي أسرع وسيلة نقل:الطائرة؟الباخرة؟السيارة؟أو الدراجة؟"ترددت قليلا ثم تغلبت على الصبي و على نفسي لأجيبه "طبعا الطائرة"ليرد علي بلهجة دارجة مريرة:"ولكن أش من طيارة؟ديال المغرب أولا ديال الطاليان؟". الآن فقط ادركت بأن بعض الطائرات قد تنقص سرعتها و تفقد احترامها باختلاف شركات النقل الجوي التي تستخدمها لأنها لا تدير محركاتها في الوقت ا لمحدد.