"فبراير.كوم" تكشف جزءا من تفاضيل التنصت الاستخباراتي على مكالمات شاءت الصدف أن تتم يوم 16 ماي. قضية توفيق الإبراهيمي، المدير السابق لشركة كوماناف وميناء طنجة المتوسطي، تعد من أسرع الملفات القضائية الكبرى التي أنهى القاضي الشنتوف، الاستماع إلى المتهمين فيها في أقل من 3 أشهر ونصف ليحيل الملف على أنظار الغرفة الجنائية باستئنافية الرباط، يوم فاتح أكتوبر الجاري، بعدما أزاح تهمة ثقيلة عن الإبراهيمي ومن معه تتعلق بالمس بأمن الدولة الداخلي. فبراير.كوم» تكشف معطيات تنشر لأول مرة عن التحقيق مع المتهمين في هذا الملف. تجري يوم 15 أكتوبر الجاري أولى جلسات محاكمة المدير السابق لشركة كوماناف وميناء طنجة المتوسط، توفيق الإبراهيمي ومن معه أمام غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط من أجل تكوين عصابة إجرامية للإعداد لتخريب منشآت موانئ وبواخر والمشاركة في عرقلة حرية العمل والمشاركة في إفشاء السر المهني. «الديستي» ترصد مكالمات هاتفية المفاجأة التي سيكشف عنها التحقيق، أن جهاز المخابرات الداخلي أي المديرية العامة لحماية التراب الوطني المعروفة اختصارا ب»الديستي»، هو أول من وضع طلبا للاستماع إلى 20 رقما هاتفيا، وكانت الصدفة أن الطلب السري ويحمل رقم التسجيل )سري 138/2012 ( سيوضع يوم 16 مايو المنصرم، الذي يصادف ذكرى الأحداث الإرهابية الأليمة بمدينة الدارالبيضاء. الطلب الذي وضع فوق مكتب حسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط يشير إلى ضرورة إخضاع أرقام هاتفية للتنصت والتقاط مكالمات بخصوص مجموعة من الأشخاص المشتبه فيهم بالتنسيق مع جهات أجنبية قصد القيام بأنشطة تهدف إلى المساس بأمن المملكة. الوكيل العام سيحيل طلب جهاز «الديستي» على قاضي التحقيق بالغرفة الأولى لدى محكمة الاستئناف بالرباط، الذي حدد المدة التي تتم فيها العملية المذكورة في أربعة أشهر تبتدئ من تاريخ 16/05/2012 إلى 16/09/2012 . «الديستي» لم تنتظر لأربعة أشهر كما هو محدد في انتداب قاضي التحقيق، إذ بعد شهر تقريبا من وضع حوالي 20 رقما هاتفيا تحت التنصت، وضعت أول تقرير بين يدي قاضي التحقيق عبد القادر الشنتوف، بتاريخ 13/06/2012، مرفقا ب41 قرصا ضاغطا. وحدد جهاز «الديستي» من خلاله أسماء المشتبه بهم. دخول الفرقة الوطنية على الخط على إثر التحريات الجديدة، التمست النيابة العامة في شخص عبد العزيز الراجي نائب الوكيل العام للملك، من قاضي التحقيق عبد القادر الشنتوف بالغرفة الأولى، إجراء بحث قانوني مع الأسماء المذكورة بتقرير الضابطة القضائية ب»الديستي»، والأمر بإيداعهم بالسجن المحلي بسلا، والبحث مع كل من سيكشف التحقيق عن تورطه في هذه الأفعال. القاضي الشنتوف بدوره لم يكتف فقط بتقرير جهاز مراقبة التراب الوطني، بل وجه انتدابا قضائيا آخر إلى عبد الحق الخيام، المراقب العام ورئيس الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدارالبيضاء للتحقيق في الموضوع. والتمس قاضي التحقيق من الفرقة الوطنية، استفسار الإبراهيمي عن الهدف الأساسي من وراء تحركاته موضوع مكالماته الهاتفية المفصلة بتقرير «الديستي». الإبراهيمي...وسط الحملة توفيق الإبراهيمي تشبث طيلة مراحل التحقيق سواء أمام الفرقة الوطنية، أو خلال مراحل الاستماع التمهيدي والاستنطاق التفصيلي بالغرفة الأولى أمام القاضي الشنتوف بنفي التهم المنسوبة إليه، واعتبر بأن الاتصالات الهاتفية تلقاها من مجموعة من الأشخاص تربطه بهم علاقات جيدة عندما كان مديرا عاما لشركة «كوماناف». وأن هؤلاء الأشخاص كانوا يمدونه بالوضعية التي تمر منها الشركة وطلبوا منه بحكم تجربته في مجال النقل البحري مساعدتهم لإيجاد حلول. وأشار الإبراهيمي، إلى أنه عقب إحدى اللقاءات التي جمعت وزير النقل والتجهيز عزيز الرباح ب»جاك السعدي»، صاحب شركة CMA CGM من أجل تقديم مساعدة لمجموعة «كوماريت» على إيجاد حل للمشكلة التي أصبحت تعاني منها منذ سنة 2011، «اتصل به جاك السعدي وطلب مني القيام بتمثيله لدى السلطات الوصية لإيجاد حلول لإنقاذ المجموعة المذكورة، وناولني تفويضا كتابيا بذلك» يقول الإبراهيمي. وعلى إثر ذلك، سيقوم الإبراهيمي بالاتصال بمسؤولي كوماريت في شخص رئيسها المدير العام عبد العالي عبد المولى، وتم عقد اجتماع ترأسه هذا الأخير بمقر الشركة بمدينة طنجة كما قام، حسب إفادته، بعقد مجموعة من الاجتماعات مع بعض مسؤولي الشركات». وذكر الإبراهيمي أنه « رافق عبد العالي عبد المولى لدى مجموعة من الأبناك..... وكان الغرض من ذلك هو التوصل إلى حلول للحجوزات التي همت البواخر في الخارج وتأدية مستحقات المستخدمين، وبالمقابل عودة الشركة لنشاطها التجاري خلال فترة الصيف التي تعرف إقبالا كبيرا وبالتالي رد جزء من الديون المترتبة على الشركة، غير أنه لم يتم التوصل لأي حل لكون المؤسسات البنكية طرحت إدخال مساهم جديد بالشركة وبالتالي ضخ سيولة بخزينة الشركة». لكن المكالمات الهاتفية التي كانت تدور بين الإبراهيمي من جهة، وبين الرامي ومنضور من جهة أخرى، ستوقع الإبراهيمي في تهم عرقلة حرية العمل، منها التعليمات التي كان «منضور» يعمل على إيصالها للنقابيين على أساس أنها اقتراحات صادرة عن الإبراهيمي في إطار نقاشه الدائم معهما حول مصلحة البحارة المعتصمين بميناء سيت الفرنسي. وساهمت المكالمة الهاتفية التي دارت بين النقابي محمد الشمشاطي وبين محمد بنعبد الله، ملاح ورئيس جمعية للبحارة، في لف الحبل حول عنق الإبراهيمي لما تضمنته من عبارات «يستشف منها» خلق الفتنة والبلبلة بميناء طنجة المتوسطي، منها التصريح بعبارة « مانطلعوش لهاذيك طنجة نفركعوها ؟» و»نشعلو العوافي»، لكن بنعبد الله صرح أثناء التحقيق أنه أدلى بتلك العبارات في حالة غضب نظرا للوضعية المادية التي يعاني منها ولا يقصد فعلا تنفيذها ولم تكن بأمر من جهة أخرى. عائلة عبد المولى تتهم الإبراهيمي كشف الإبراهيمي أثناء التحقيق معه أن عبد العالي عبد المولى الرئيس المدير العام لكوماناف كوماريث، قد وظفه بالشركة لمدة محدودة بوساطة من محمد الرامي وبطلب من مديرين عامين لعدة أبناك، وأنه عقد عدة اجتماعات بالشركة وأطلع على مجموعة من المعطيات، ونظرا لكونه لم يتوصل مع مجموعة «كوماريت» لأية حلول آنية توقف العمل والحضور بمقر الشركة. عبد العالي عبد المولى اتهم الإبراهيمي بممارسة الضغط عليه، عقب اعتقال مجموعة من الأشخاص في قضية اختلاسات بشركة «كوماناف أسفار» من أجل التنازل عن الشكاية المقدمة ضد هؤلاء، وأن الإبراهيمي أصبح يتدخل بحكم أنه مدير الشركة وكونه هو الوحيد الذي بإمكانه إنقاذها من الإفلاس شريطة تنازله عن الشكاية، لكن رفض عبد العالي عبد المولى سيعمق الخلاف بين الطرفين، حيث انقطع الإبراهيمي عن العمل. وهدد عبد العالي عبد المولى، الإبراهيمي بمتابعته أمام القضاء لتوظيفه لمعلومات مالية، اطلع عليها بمقر شركته، أثناء فترة اشتغاله، لفائدة شركات أجنبية كان يحاول ضمها إلى شركة قد قام بخلقها بالمغرب المسماة « موروكو فيريز». واتهم عبد المولى الإبراهيمي والرامي بشن حملة إعلامية صحافية ضده والتي كانت تضم إشارات تسيء إلى سمعته وسمعة الشركة وسمعة عائلته. سرعة التحقيق في الملف، لم يمنح الفرقة الوطنية الوقت الكافي للتحقيق في الاتهامات الموجهة إلى المجموعة والمتعلقة بتخريب منشآت وموانئ، واكتفت الفرقة الوطنية وقاضي التحقيق، بالاستماع إلى المفوض القضائي، الذي أنجز محاضر حول اعتراض النقابيين والبحارة لسفن تابعة لشركات أجنبية ما كبد هذه الأخيرة خسارة تقدر بالملايير.