تنطلق بعد غد الاثنين 15 أكتوبر أطوار المحاكمة في ملف "الابراهيمي ومن معه" وذلك بعد 3 أشهر من التحقيقات الماراطونية وجلسات الاستماع للعديد من الأسماء التي لها صلة بالملف الذي ستنظر فيه محكمة الاستئناف بالرباط مطلع الاسبوع. غير أن مجموعة من المتتبعين ومعهم دفاع المتابعين وعائلاتهم مازالوا يتساءلون عن السبب وراء تصدير الملف إلى استئنافية الرباط رغم أنه ليس هناك أي رابط بين الوقائع والاختصاص الترابي لاستئنافية الرباط، ذلك أن شركة "كوماريت كوماناف" يوجد مقرها بطنجة، كما أن ميناء طنجة المتوسطي يوجد بنفس المدينة، فيما المقر الاجتماعي للوكالة الخاصة التي تدير الميناء يقع في مدينة الدارالبيضاء، وبالنسبة للسكن، فإن الأضناء وباستثناء الرامي، الذي يقطن بحي الرياضبالرباط، تتوزع عناوين سكناهم بين مدن البيضاء والمحمدية وفاس والناظور. قد لاحظ المتتبعون أن نفس الارتباك وقع أثناء تقديم المتهمين، أمام النيابة العامة، حيث جرى في البداية تقديمهم أمام الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، قبل أن يتم نقلهم على وجه السرعة إلى ملحقة محكمة الاستئناف بسلا، ولم يتم عرضهم هناك على النيابة العامة بل جرت مباشرة استنطاقهم ابتدائيا أمام قاضي التحقيق باستئنافية الرباط في ضيافة عبد القادر الشنتوف. وتضيف ذات الصادر أن الارتباك لدى النيابة العامة ولدى قاضي التحقيق، تواصل حتى صدور محضر الإحالة، الذي يشير إلى فصول للمتابعة لا علاقة لها بالتهم الموجهة إلى المتابعين في الملف. السرعة التي تم بها الاستماع إلى المتابعين من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية وتقديمهم إلى النيابة العامة، جعلت العائلات تؤجل طرح السؤال المحير في حينه: "لماذا محكمة الرباط وليس الدارالبيضاء أو طنجة حيث يوجد الميناء". لكن العائلات الآن، قررت بواسطة هيئة الدفاع إثارة موضوع الاختصاص في هذه القضية ومدى أحقية محكمة الرباط للنظر في الملف. أما فيما يخص تهمة اختلاس وتبديد المال العام، التي وردت في عدة مقالات أثناء فترة اعتقال الإبراهيمي، فمن خلال صك المتابعة الأخير، الذي أحيل على غرفة الجنايات الابتدائية، فإن الإبراهيمي أصبح متابعا فقط من أجل تكوين عصابة إجرامية للإعداد لتخريب منشآت موانئ وبواخر والمشاركة في عرقلة حرية العمل والمشاركة في إفشاء السر المهني. وعلى الرغم من الهالة التي أخذها الملف في أطواره الاولى، من حيث كثرة الاعتقالات و من حيث صك التهم الثقيلة التي راجت في البداية إلا أن أعضاء هيئة دفاع المتابعين ظلوا يرددون في مختلف أطوار القضية أن "الملف "فارغ" ومفكك ولا ترابط بين جميع المتهمين". كما أن الوسيلة الوحيدة التي اعتمد عليها القاضي الشنتوف لمتابعة هؤلاء من أجل تكوين عصابة إجرامية هو المكالمات الهاتفية (التي لا يتم الأخد بها الا للاستئناس فقط) وشهادة عائلة عبد العلي عبد المولى "المجرحة" نظرا للخلاف الحاد بين أعضائها و المتهم الرئيسي. حيث جاء في التحقيق أنه سبق لعبد المولى أن هدد توفيق الإبراهيمي بمقاضاته وذلك باعتراف منه، إذ يقول في اعترافاته أمام قاضي التحقيق، "و منذ ذلك التاريخ قطع الاتصال بي إلى غاية شهر فيراير2012 حيث كنت موجودا بفندق صوفيتيل بالرباط و فوجئت به و هو يدخل الفندق وعندما أراد السلام علي رفضت ذلك وعاتبته موضحا له كوني كنت أنتظر منه المزيد من العمل الجاد و الدؤوب لفائدة الشركة و الحالة هذه أنه تم تقديمه إلي من طرف البنك المركزي الشعبي. كما أوضحت له في هذا الصدد أنه ارتكب أخطاء و من حقي بأن أتابعه أمام القضاء". كما خلص المحققون إلى أن المشكل بين الطرفين اندلع في شهر فبراير 2012، وهنا يجب التشديد على تاريخ فبراير لأن ملف البحث في ملف كوماناف لم ينطلق إلى في ماي 2012 . كما أن عبد العالي عبد المولى كشف في "شهادته" أمام قاضي التحقيق، قائلا: "من الملاحظ أن توفيق إبراهيمي تضامن مع الشركات الاسبانية " ترانس مديتراني " و " أورو فيريز " و " بالياريا " و ذلك لمحاربة شركة كوماريت التي أسيرها". وقد قلل مقربون من هذا الملف من شأن الشهادة التي أدلى بها عمدة مدينة طنجة السابق سمير عبد المولى، معتبرين أنها معرضة للطعن من حيث كون سمير سبق أن عبر عن خلافه الحاد مع توفيق الإبراهيمي، خصوصا عندما صرح لقاضي التحقيق قائلا: "وأصرح لكم أن توفيق إبراهيمي قدم إلى مقر العمل لكنني غادرت هذه الشركة بصفة نهائية لكوني لا يمكنني ان أشتغل إلى جانب السالف الذكر و الحالة هذه أنه تم تعيينه مديرا من طرف والدي للشركة المذكورة". وتفيد المعطيات التي استقيناها من مصادر مقربة من هذا الملف ، أن توفيق الإبراهيمي نفا جملة وتفصيلا كونه قد دفع به لهذا المنصب من طرف مسؤولين كبار بالبنك الشعبي ، حيث أكد ، حسب مصادرنا، بأنه لم يسبق له أن عمل بشركة "كوماريت"، وهو ما يفنده كذلك سمير عبد المولى ابن صاحب الشركة بقوله "وأضيف لكم أنني لم أحضر لأي اجتماع دار بين والدي و المسمى توفيق إبراهيمي". وتفيد مصادرنا التي اطلعت على شهادة عبد العالي عبد المولى أن هذا الأخير لفق على المحققين الكثير من الادعاءات ليبرر عجزه هو وابنه عن إنقاذ الشركة من الإفلاس، خصوصا الأب الذي أراد تحميل المسؤولية للإبراهيمي والنقابيين وهذا ما جاء متناقضا مع تصريحات ابنه سمير عبد المولى الذي قال: "وفيما يخص الإضرابات التي عرفها القطاع البحري فإنني لا أستطيع أن أزودكم بأية معلومات دقيقة حول أسبابها". وتساءلت مصادرنا كيف يدعي الأب أن الإضرابات كانت بتحريض من شركات منافسة ومن الإبراهيمي فيما الابن ينفي علمه بالأسباب التي كانت تقف وراء الإضراب؟ ويذكر أن إطلاق مدفعية الاتهامات إلى المتابعين في الملف، استند إلى مكالمة هاتفية بين كل من محمد الشمشاطي (نقابي) يقطن بالمحمدية ومحمد بن عبد الله (بحار) يقطن بحي صفيحي بمدينة فاس، كان من ضمن المحتجزين مع البواخر بمدينة سيت الفرنسي، وهو من البحارة الذين تدخل لفائدتهم عزيز الرباح من أجل فك الحصار عنهم. وكان الكلام الوارد في مكالمة بن عبدالله على إثر مطالبة الشمشاطي كل البحارة للمشاركة في وقفة احتجاجية امام مقر كوماناف بطنجة هو الذي استنفر انتباه الأجهزة الأمنية التي كانت تراقب المكالمات، حيث سأل محمد بنعبد الله " ما نطلعوش لهاديك طنجة نفركعوها؟" ليرد عليه شمشاطي " طنجة لي غادي نطلعوا ليها ماشي غير نفركعوها غادي نريبوها" ليضيف محاوره ".. خاصنا نشعلوا العوافي تما". وعلى الرغم من كون هذا الكلام، حسب مصدر قضائي، يعد كلاما شعبيا ومتداولا ولا نية جرمية فيه ومن الوجهة القانونية، حيث لا يمكن اعتباره تهديدا لسلامة أشخاص أو منشآت ولا يدخل في هذا الصنف إلا بعد أن يشرع في تنفيذ مما وعد به. ومع ذلك فإن المحققين أخذوه على محمل الجد رغم أنه اعتبر فيما بعد كلاما غوغائيا ليس إلا. واعتبرت مصادرنا أن تصريحات محمد بن عبد الله نفسه أمام قاضي التحقيق بينت أن كلامه ذاك عابرا حيث لم يتذكره الا بعد أن ووجه معتبرا أن العبارات التي صدرت منه حينئذ إنما كانت بسبب حالة الغضب نظرا للوضعية التي كات يعيشها حيث لم يكن يتقاضى أجرته الشهرية منذ مدة علاوة على أنه متزوج و رب أسرة حيث أعتبر المعيل الوحيد لجميع الأسرة بما فيها والده ووالدته وزوجته وأبناؤه . أما بخصوص البحارة الذين اعتصموا ببواخر كوماريت المحتجزة في ميناء سيت الفرنسي، فإن الأمر لا يتعلق بإضراب، بل يتعلق باحتجاز بواخر من طرف المواني المدينة لشركة عبد المولى بها بحارة يحرم عليهم القانون الدولي مغادرة السفن أو البواخر التي يشتغلون عليها. وإن حديث الإبراهيمي الهاتفي مع منضور مجرد استشارة قانونية كان يقدمها الأول للثاني بحكم خبرته في المجال وأن كلمة يجب عليهم ألا يتحركوا اي ان لا يغادروا مراكبهم كانت من أجل ضمان مصالح البحارة. ليس الا كما أن السبب الذي ساهم في تعقيد الأمور بميناء طنجة المتوسطي ليس كلام الإبراهيمي بل هو نكت الشركة المالكة للميناء لوعودها ايام كانت تحت امرة سعيد الهادي رغم الاجتماع الذي انعقد بمقر ولاية طنجة بحضور والي الجهة ومسؤولي شركة "أوروغيت" و رفض سعيد الهادي المشاركة شخصيا لحل المشكل وفعلا تم الوصول الى اتفاق يعيد الحالة الطبيعية للميناء، لكن شركة اوروغيت قامت بطرد الكاتب العام للبحارة في اليوم الموالي ليوم الاتفاق وما زاد من الاحتقان بالميناء. من جهة أخرى أوضحت لنا مصادر مقربة من دفاع الابراهيمي أن التهمة التي تلاحقه في هذا الملف وتتعلق بإفشاء السر المهني، كانت مجرد متابعة لحدث من طرف مهتم بالمجال، كما هو الشأن في قطاعات أخرى، لقضية احتجاز بواخر "كوماريت" بميناء سيت الفرنسي وأن الإبراهيمي قدم الحل امام عدة مسؤولين بالدولة و اعضاء في الحكومة و من بينهم وزير النقل والتجهيز من أجل إنقاذ البواخر، خصوصا باخرة "مراكش" التي تشهد على أحداث دولية. نظرا لحمولتها التاريخية للدبلوماسية المغربية في عهد الملك الراحل الحسن الثاني. وتساءل مصدرنا أنه لو كان ذلك فعلا خرق للسر المهني فلماذا لم يتم اعتقال الموظف بالكتابة الخاصة لرئيس الحكومة (ع.أ) الذي كان يمد الرامي بالمعلومات حول اجتماعاتها، والتي تظل في الغالب معلومات عادية تتحدثت عنها جميع وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية ولا تدخل في اطار سر من أسرار أمن الدولة أو معلومات ذات طبيعة حساسة. و هو ماجعل قاضي التحقيق يقتنع بأن الأمر لا يتعلق بالمس بأمن الدولة الداخلي وبالتالي أزال هذه التهمة عن المتابعين في الملف. وحين سألنا مصادر مقربة من الدفاع حول مدى خطورة تهمة تكوين عصابة إجرامية، أجابتنا بأن هذه التهمة سيكون من المستحيل إثباتها لأنه لا توجد مكالمات هاتفية تجمع أكثر من إثنين، مضيفة أن قاضي التحقيق وزعها على جميع المتهمين في إطار تكييف التهم حتى يظل اختصاص غرفة الجنايات الابتدائية قائما. وأفادت مصادرنا كذلك أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية اعترفت في محاضرها بأنها لم تحقق في مزاعم تتعلق بتخريب منشآت موانئ وبواخر وذلك بعدما رفض الوكيل العام تمديد فترة الحراسة النظرية، واستندت الفرقة الوطنية على مسطرة مرجعية تتعلق فقط بشكاية ومحضر لمفوض قضائي حول إضراب لبحارة شركة "أوروغوت" وهي الشكاية المرجعية التي لا يؤخد بها عند الإنكار. واستنذ المفوض القضائي في جميع محاضره القانونية على أقوال لمسؤولين في الشركة المذكورة دون أن يسأل العمال والبحارة المضربين كما أن المحضر يشهد أن العمال كانوا في وضعية جمود ويرفضون تأدية أي عمل وبالتالي لم يحصل أي تخريب للباخرتين اللتان كانتا راسيتين بميناء طنجة المتوسط. وكان محضر المفوض القضائي قد أكد أن رأس الرافعة كان مثبتا فوق الحاويات الموجودة على متن السفينة وذلك لمنع هذه السفينة من التحرك. (علما ان مكان الرافعات خلال نشاط الميناء هو فوق السفن)، كما أكد أن الشاحنات كانت في حالة جمود وأن السائقين كانوا متجمهرين بالقرب منها في حالة اعتصام غير أن التقرير، حسب أحد المراقبين، لم يشر الى ان العمال كانوا في إضراب عن العمل وكان عليه الاشارة لذلك كون تواجده بعين المكان هو من أجل المعاينة . من هو توفيق الابراهيمي؟ ازداد بالرباط سنة 1958 و حصل على باكالوريا سنة 1977 من الثانوية العسكرية بالقنيطرة و منها الى فرنسا حيث تخرج من المدرسة العليا بميتز شعبة الدراسات العليا للتجارة وعند رجوعه للمغرب عمل بعدة قطاعات الى ان تم تعينه على رأس المكتب الوطني للصيد و الذي سيغادره بداية من سنة 2000 بملتمس منه لجلالة الملك من اجل التفرغ لتهيئ دبلوم ال"MPA"من جامعة هارفارد بالولايات المتحدةالامريكية و هو ما تأتى له في مارس من سنة 2001 ومباشرة بعد رجوعه للمغرب تم تعينه على رأس شركة كوماناف (شركة عمومية آنذاك ) و نظرا للإنفلات الذي كانت تعيشه الشركة قررت الحكومة سنة 2003 خوصصتها وتم عرضها للبيع بدرهم رمزي و من ضمن المهنيين العالميين الذين رفضوا عرض الدولة جاك السعدي صاحب شركة CMA/CGM وقد قرر الإبراهيمي اعادة هيكلة الشركة ليعاود بعد ثلاث سنوات طرحها للبيع من جديد حيث تم اقتناؤها من طرف من رفضها سابقا و بمبلغ 220 مليار سنتيم ومن اجل هذا حصل على وسام ملكي سنة 2007 من جهة و قرر المالك الجديد للشركة تمديد عقد عمله لسنتين من جهة اخرى و خلال هذه الفترة و بأمر من صاحب الشركة جاك السعدي قرر فصل نشاط الشركة و المتعلق بنقل المسافرين عن النشاطات الاخرى و هنا تم خلق شركة كوماناف فيري و بأمر من رئيسه عرضها للبيع حيث تنافست على اقتنائها شركتان هما شركة MASI لعبد العلي عبد المولى و شركة باليياريا الاسبانية وقد استشعر الإبراهيمي خطورة استفراد الشركات الاسبانية للنقل بمضيق جبل طارق و مدى عواقب ذلك على ركاب و البضائع المغربية فقام بإشعار السلطات المغربية عبر تقرير مفصل مطالبا بذات المناسبة بالعمل على دعم ملف عبد المولى من اجل إقناع الأبناك من جهة و مالك الشركة الأم اي Jacques SAADI من جهة اخرى ومن اجل هذا العمل تم توشيحه بوسام آخر سنة 2009 وفي سنة 2010 تم تعيينه على رأس الادارة الجماعية للوكالة الخاصة لميناء طنجة المتوسطي . متزوج وله ثلاثة أبناء و يترأس كذلك الجامعة الملكية للسباحة.