وصلت حلقات مسلسل خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي اليوم الخميس 28 أبريل 2022، إلى مرحلة مفصلية بعد أن بدأت إسبانيا تدفق الغاز الطبيعي المحول في مصانعها إلى المغرب عبر الخط الغازي الممول من السلطات الجزائرية. وكان يظهر أن خط الغاز المغاربي الأوروبي الذي بدأ العمل سنة 1996 قد انقضى أجله نهاية أكتوبر الماضي، بعد أن قررت الجزائر، ضمن إجراءات سميت "عقابية" ضد المغرب بدأت بقطع علاقاتها معه غشت الماضي إلى منع الطائرات المغربية التحليق في الأجواء الجزائرية، عدم تجديد عقد إمداد إسبانيا بالغاز عبر خط الأنابيب المار عبر الأراضي المغربية. وسارت الأحداث في العالم إلى غير ما كانت تهوى الجزائر، حيث أثرت الحرب الأوكرانية الروسية على تدفقات الغاز الروسي نحو أوروبا ما دعا الولاياتالمتحدة الأميركية إلى الضغط على الجزائر من أجل تعزيز توريدها الغاز نحو أوروبا الداعمة لأوكرانيا وحليفة واشنطن ضد موسكو. ورغم أن الجزائر رفضت طلبا أمريكيا من وزير الخارجية أنتوني بلينكن، حسب تقارير فرنسية، بإعادة إحياء خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي، إلا أنها وعدت بالاستمرار في تزويد جنوبي إسبانيا بالغاز عبر الخط المباشر بينهما "ميدغاز". في الجانب المقابل، كانت الرباطومدريد يهيئان لعودة العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد انقطاعها نحو 10 أشهر إثر أزمة غالي المتفجرة ماي 2021، وكان من بين مؤسسات عودة العلاقات إعادة إحياء خط الأنابيب بشكل عكسي من إسبانيا نحو المغرب، بناء على طلب مغربي. ورحبت مدريد بالطلب المغربي حيث أعلن نهاية العام المنصرم، عن اتفاق بين المملكتين يتمكن المغرب بموجبه، الحصول على الغاز الطبيعي المسال من الأسواق الدولية وتفريغه في مصنع إعادة تحويل الغاز في إسبانيا واستخدام خط أنابيب الغاز المغاربي لإيصاله إلى أراضيه. وفي ظل الاتفاق المغربي الإسباني، وحرب روسيا على أوكرانيا، وجدت الجزائر نفسها مضطرة إلى تعزيز توريدها الغاز نحو إسبانيا رغم شجبها الاتفاق وتهديدها إسبانيا، حسب ما أوردت وسائل إعلام إسبانية بداية العام الجاري، من استفادة المغرب من الغاز الجزائري وهو الأمر الذي نفته المغرب وإسبانيا في عدة مناسبات. بيد أن الضربة التي قسمت ظهر الجزائر العاصمة، إعلان الديوان الملكي يوم 18 مارس 2022 أن إسبانيا تعتبر مبادرة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء، "الأكثر مصداقية وجدية"، وهو الأمر الذي أقدمت عليه مدريد بعد أن تأكدت أن الجزائر لن تستطيع قطع الغاز عن إسبانيا كرد فعل على موقفها المتجدد من الصحراء المغربية. فوفق تقارير إسبانية قريبة من الحكومة الإسبانية، فالجزائر تورد نحو 47٪ من غازها للدولة الأوروبية، فضلا عن أن الوضع الدولي لا يسمح للجزائر باتخاذ هكذا خطوة، نظرا لضغط واشنطن عليها من جهة وحاجة الأخيرة لدعم إسبانيا لها ضد روسيا في أوكرانيا. ويتلخص من كل ما سبق في أن الجزائر أضحت هي الخاسرة الأكبر من وقف خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي، اقتصاديا، لم تعد تستطيع تصدير كميات الغاز التي كانت تصدرها في السنوات الأخيرة نحو إسبانيا بعد أن عادت تعتمد على خط ميدغاز فقط، ما دعا الحكومة الإسبانية إلى الاعتماد أكثر على الغاز المسال الأمريكي نظرا لأن مدريد تعتبرها مخاطرة الاعتماد على خط واحد. وسياسيا، خرجت الجزائر بخفي حنين من الإجراءات التي قامت بها ضد المغرب، فما استفادت من قطعها العلاقات من جانب واحد ووقفها استعمال الخط المغاربي الأوروبي، بل وخسرت موطئا قدم بارز في قضية الصحراء، بتخلي إسبانيا عن حيادها ودعمها الجانب المغربي، في وقت تستمر "مضطرة" بتصدير غازها نحو الدولة الايبيرية، وجل ما قامت به استدعاء سفيرها في مدريد وطلب "توضيحات" من الحكومة الاسبانية.