تعيش بلدان الإتحاد الأوروبي انقساما جديدا منذ نهاية الأسبوع الماضي بسبب تصنيف المفوضية الأوروبية للغاز والطاقة النووية كمشاريع خضراء صديقة للبيئة، وهو ما رفضته الكثير من الحكومات التي رأت في القرار خطوة خاطئة وقد تؤدي إلى كارثة بيئية حقيقية بسبب المخلفات النووية وتلوث الغاز. أمام هذا الوضع الجديد، سيستفيد المغرب من طموح دول كبرى داخل الاتحاد الأوروبي نحو طاقات بديلة كالهيدروجين الأخضر لتوليد الكهرباء، بعيدا عن الطاقة النووية المشعة، خاصة وأن برلين تمتلك خططا كبرى لتنسيق التعاون الأوروبي مع المغرب لاستيراد طاقته النظيفة الصديقة للبيئة، في خطوة ستعزز موقف الرباط في الكثير من القضايا، وعلى رأسها قضية الصحراء والطموح الاقليمي المشروع. وكانت اعتبرت المفوضية الأوروبية في نصها، الذي وزعته بين أعضائها خلال ساعات ليلة الجمعة الماضي، أن استثمارات الدول في توليد الطاقة من الغاز والمفاعلات النووية المشعة ستعتبر خضراء وصديقة للبيئة وستنال تمويلا كافيا، في خطوة لطالما دافعت عنها فرنسا التي تملك 56 محركا نوويا وتطمح الى جانب دول كهولندا وبولندا الى الاستفادة من القرار الأوروبي لتمويل مشاريعها النووية لتوليد الكهرباء بعيدا عن الغاز الروسي وتداعياته. وقد هاجمت وزيرة البيئة الألمانية، المنتمية إلى حزب الخضر، القرار الأوروبي واصفة إياه بالخاطئ والسخيف، فيما هددت الحكومة النمساوية باللجوء الى القضاء، اذا تم تبني هذا القرار الذي وصفته ب"الغسل الأخضر" للطاقة النووية..هذا بالاضافة الى رفض إسبانيا وإيطاليا ولوكسمبورغ للقرار الذي يهدد "الاتفاق الأخضر الاوروبي" ويقوض المشاريع الصناعية النظيفة. وتظهر جليا هذه المواجهة الداخلية بالاتحاد الأوروبي كمية الانقسام الذي أضحت عليه دول الاتحاد في تعاطيها مع مسائل حساسة ومصيرية، حيث أصبحت المصالح الاقتصادية والسياسية للدول أولى من المبادئ الجماعية المتفق عليها داخل الاتحاد، وهو ما ينعكس على إدارة علاقاتها الخارجية. ضعف الاتحاد الأوروبي في إدارة أزماته الداخلية وعلاقاته الخارجية بعد البركسيت والجائحة وتغير المناخ وخروج ميركل ستكون له نتائج صعبة واضحة خلال السنين القادمة، خاصة مع توجه العديد من القوى الصاعدة في الشرق نحو الرغبة في الانفصال والدفاع عن سيادتها الوطنية ضد هيمنة بروكسيل.