تسعى الرباط لإحياء المشروع المعروف باسم gaz to power والذي يتجسد في ربط خط مشروع أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا عبر المحيط الأطلسي والذي سيشكل مصدرا من أهم المصادر لإمدادات الطاقة إلى أوروبا، والذي سيمر عبر 15 دولة إفريقية ستكون من بين الدول المستفيدة من خط الغاز الذي ربما قد يعيد صياغة الخارطة الجيواستراتيجية لإمدادات الطاقة بين القارة السمراء وأوروبا. هذا في الوقت الذي تعتبر فيه نيجيريا ثاني أكبر منتج للغاز في العالم، بينما سيكون للمجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا دور كبير في الإشراف على الاتفاقيات والتصاميم الهندسية لبناء خط الغاز، طالما أن الدول التي يعبرها الخط تعتبر جزءا منه. هذا المشروع الطاقي الضخم في حال بناء هذا الخط سيحتل المرتبة الأولى بين أطول خطوط الأنابيب في العالم، وسيجمع بين الطريق البحري والبري على مسافة 5550 كيلومتر، وستتراوح تكلفته بين 17 و28 مليار دولار حسب دراسة الجدوى الإقتصادية التي أشرفت عليها شركة الهندسة البريطانية بومسون، هل يشكل مشروع الغاز المغربي النيجري بديلا لأوروبا عن الغاز الروسي؟ تعتبر روسيا مصدر إمداد للغاز إلى الإتحاد الأوروبي بنسبة 40 في المائة، من خلال الشركة الروسية الكبرى غازبروم، ولكن الأزمة الروسية الأوكرانية جعلت أوروبا تنظر بعين التوجس والريبة إلى الخطر القيصري الروسي، خاصة بعد هجوم الأخيرة على جزيرة القرم وإعادتها إلى أحضان الاتحاد الفيدرالي الروسي مما جعل الإتحاد الأوروبي ينظر إلى موسكو بأنها تسعى لاستعادة أمجاد الإمبراطورية القيصرية القديمة، وهذا ما جعل مشروع gaz to power بين كل من نيجيريا والمغرب يحظى باهتمام دول الاتحاد الأوروبي كمصدر من مصادر إمداد الطاقة الحيوية، وقد يساهم بشكل كبير في تحررها من التبعية للغاز الروسي الذي أغرق السوق الأوروبية. الاختلافات الجيواستراتيجية واضحة جدا في هذا الإطار، فروسيا تعتبر أكبر قوة دولية متضررة من مشروع خط أنابيب الغاز المغربي النيجيري، لأن ذلك سيشكل بديلا لأوروبا عن مشروع خط الأنابيب الروسي المعروف ب nord stream وهذا يصب في صالح الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تسعى لمنع أوروبا من السقوط في الهيمنة الروسية في مجال الطاقة الحيوية. المغرب والاندماج في غرب إفريقيا من خلال مشروع خط الغاز في حال نجاح بناء خط أنبوب الغاز الذي سيمر عبر 15 دولة في غرب إفريقيا من بينها موريتانيا والسنغال، ستمكن الرباط من الدخول إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا )سيداو( كفاعل إقليمي ولاعب اقتصادي رئيسي وسيهدف أيضا إلى تعزيز التكامل الإقليمي وأمن الطاقة لدول غرب إفريقيا، كما سيجعل من المغرب من خلال موقعه الجيواستراتيجي بين أوروبا وافريقيا قاطرة للتنمية وتمكين الغاز النيجيري من الوصول إلى أوروبا، كما أن هذا المشروع كما تم ذكره يصب في مصلحة اللاعبين الدوليين الكبار كالولاياتالمتحدةالأمريكية التي قد تلعب دورا للحيلولة دون عرقلة هذا المشروع من قبل حلفاء الروس في أفريقيا كالجزائر. التحديات فيما يتعلق بتوفير الحماية لتأمين بناء الخط ويبقى توفير الحماية لبناء خط أنبوب الغاز المغربي النيجيري، من أبرز التحديات التي قد تواجه نيجيريا فيما يتعلق بمدى قدرتها على حماية مياهها الإقليمية، فالمخاوف الأمنية تتجسد في خليج غينيا الذي يعتبر المنطقة البحرية الأشد خطورة وذلك حسب ما ذكره مكتب البحرية الدولية في تقريره السنوي لسنة 2018، فإن 18 سفينة قد تعرضت لهجوم مسلح من قبل قراصنة البحر، بينها ست سفن تم اختطافها في خليج كينيا، وهذا من ضمن التحديات التي تواجهها نيجيريا في حال إذا لم تكن قادرة على حماية مياهها الإقليمية على المدى البعيد، فلن يرغب أي مشتر في المساهمة ماليا في مشروع قيمته 28 مليار دولار.