ازدادت حدة التوتر بين الرباط ومدريد، بعد سماح إسبانيا للجزائر بتهريب زعيم الجبهة الانفصالية "إبراهيم غالي"، من أراضيها ليلة أمس الثلاثاء، ما يضع مستقبل العلاقات الديبلوماسية بين البلدين على المحك، خصوصا بعد رفض قاضي التحقيق الإسباني، اعتقال إبراهيم غالي أو سحب جواز سفره بغية منعه من السفر، وقال إنه "لا يوجد خطر لهروب غالي من إسبانيا، لذلك لم تتخذ في حقه أي إجراءات". واحتفظ القضاء الإسباني بتهمتين رئيسيتين ضد زعيم انفصاليي "البوليساريو"، الذي تم إدخاله منذ 18 أبريل إلى مستشفى إسباني في ظروف غامضة بهوية جزائرية مزورة. وتتعلق التهمة الأولى ب"التعذيب"، وتقدم بشكاية بشأنها فاضل بريكة، الذي يتهم زعيم الانفصاليين بالمسؤولية عن اختطافه خلال الفترة من 18 يونيو 2019 إلى 10 نونبر من السنة نفسها. وبهذا الخصوص قال عضو المركز المتوسطي للدراسات والأبحاث الدولية والتشاركية، كريم عايش، نعتبر نحن في المغرب، أن المدعو غالي رئيس جماعة البوليساريو المسلحة قد تم تهريبه من إسبانيا بتعاون مع الاستخبارات الجزائرية، في حين إنه من زاوية إسبانية محضة فانها قد استقبلت احد شخصيات الرئاسة الجزائرية المدعومة بجواز سفر دبلوماسي، وبغطاء رئاسي، هي لا ترى أي حرج من الناحية الشكلية في التصرف بالشكل الذي يحترم سيادتها وحريتها في استقبال أي كان طالما غطاؤه صلب وأوراقه سليمة، وهو الأمر الذي جعل المغرب اكثر ذكاءا وحجة في كشف هوية هذا الشخص المهم على غير العادة ودوره في القيام بجرائم متعددة محل دعاوى أمام المحاكم الاسبانية نفسها. وأضاف في تصريحه ل"فبراير" أن هذه التحولات أظهرت تحول أنظمة سياسية سيادية الى العمل الغير قانوني باعتماد هويات مزورة والدفاع عن أشخاص يهددون الأمن القومي لبلد جار وهو سابقة في البحر الابيض المتوسط ويحيلنا الى كيفية اشتغال دول كتركيا واسرائيل، والتي تعتمد العمليات الخفية الممولة من طرف الاستخبارات للقيام بأعمال لا يسمح بها القانون الدولي وتدخل في اطار ما يعرف بإرهاب الدولة، وهنا نستنتج أن اسبانيا انخرطت في لعبة جزائرية ضد مصالح المملكة تم كشفها من الوهلة الأولى، وأن الدولة الاسبانية قد استعملت أسلوبا الدول المارقة والتي لا تحترم مقتضيات الاتفاقيات الدولية ولا بنود القانون الدولي بخصوص استقبال مجرمي الحرب، ولا رعماء جماعات مسلحة وبالأحرى احترام موقف الحياد حين يتعلق الأمر بحرب بين بلدين جارين، وهنا تكمن خطورة السياسية الاسبانية بهذا الخصوص. وأبرز نفس المتحدث أن عداء الجزائر واضح وصريح في ملف الصحراء ويمتد لملفات اخرى اكثر تشعبا، لكن موقف اسبانيا كان مع احترام مقررات مجلس الامن وإنها ترفض منطق الحرب الذي تنخرط فيه البوليساريو ومعها الجزائر ضد المغرب، غير أن استقبال زعيم منظمة تعلن وتقوم بافعال عسكرية ضد دولة ذو سيادة هو أمر لا يمكن للمغرب قبوله تحت أي سبب، وانها اخطأت في التقدير وبذلك يكون قبولها بخروج غالي من اسبانيا ليعود للجزائر عذر أكبر من زلة، طالما ان مواقفها صارت اليوم اكثر عدائية وغير دبلوماسية وتعبر أن الرغبة في خلق توترات للمغرب ومحاولة تحويل مساره نحو صراعات جديدة لاستنزاف قواه وشغله عن قضايا أهم. وأشار المحلل السياسي أن "إن حاول البعض ربط تصرف إسبانيا والجزائر بسلوك إيران في الشرق الاوسط، وأن الدولتين تنحوان نحو خلق حرب تمول بالوكالة لزعزعة الاستقرار بالغرب الإفريقي والاستفادة من خطط لتدمير القوى الاقتصادية والتنموية للمغرب، وهو السيناريو الأكثر تشاؤما في ظل ما يفهم من تحالف الجزائرواسبانيا، إلا انه يوجد من القواسم المشتركة بين المغرب وإسبانيا ما هو أكثر مما يفرقها لكن يمكن الاستشراف بأن يتم تجميد كل أشكال التعاون بين المغرب وإسبانيا وتقوية محور الرباطباريس أكثر عبر خلق تحالف استراتيجي على غير العادة مع الولاياتالمتحدة ليتم ضبط كل الاشكالات الاستراتيجية وإعادة ترتيب الأولويات طالما أن إسبانيا لم تعد شريكا ذو ثقة، ولا دولة يمكن الاعتماد عليها في احترام مقتضيات القانون الدولي واحترام الاعراف الدبلوماسية، كما أنه من الواضح توجه المغرب نحو المفوضية العليا للاتحاد الأوروبي بوضع ملف متكامل يضم كل الدلائل المادية والقانونية حول الموضوع، وتحريك ملف المدعو غالي أمام اللجنة الأوروبية لحقوق الانسان وبعدها اللجنة الأممية لكون ذلك يتناقض مع مقررات هذه اللجان بخصوص حقوق ضحايا انتهاكات حقوق الانسان وتواطؤ الدول لحماية المجرمين، ويمكن للمغرب ايضا الاشتغال على هذا الملف مع الشركاء الامريكيين لإبراز الطرق الملتوية والغير قانونية وازدواجية المعايير الحقوقية بخصوص هذا الملف مع المطالبة باتخاذ عقوبات ووضع جماعة البوليساريو المسلحة على قائمة المنظمات الارهابية والتي يحضر على الحكومات التعامل معها. وأضاف عايش أنه لابد من تعبئة شاملة على كل الأصعدة اولا للاستعداد لمؤامرات اسبانية خفية محتملة، طالما فقدت الثقة وتم اكتشاف غدر وخبث السلوك الاسباني، ورفع حالة التأهب لدى كل التمثيليات القنصلية باسبانيا مخافة تواطؤ السلطات الاسبانية مع عناصر البوليساريو قصد مهاجمتها والإضرار بمصالح المغاربة، مع ضرورة التفكير الجدي المستعجل في إنشاء خطوط بحرية كثيرة وبخدمات واثمان في متناول المغاربة القادمين من اوروبا قصد تجاوز اسبانيا وعدم تمكينها من احتمال مضايقة المغاربة وعرقلة رحلات عودتهم، إضافة إلى ضرورة إعادة النظر في كل اللجان المشتركة واعادة تقييم شامل لمصالح المغرب مع اسبانيا واقتراح بديل معقول ومقبول، أيضا يستحسن الاشتغال على الدبلوماسية الموازية وتكثيف الاتصالات بين الأحزاب المغربية ونظيراتها الأوروبية بفعالية وعقد اجتماعات مكثفة وورشات عمل تسلط الضوء على ما حدث وما عواقب ذلك.