أعلن حزب العمال، أحد أبرز أحد المعارضة الجزائرية، عن مقاطعته للانتخابات التشريعية السابقة لأوانها، المقررة في 12 يونيو المقبل، مؤكدا أنه "قرار استراتيجي، وليس تكتيكا سياسيا". وبررت الأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون، في ندوة صحفية، أمس الاثنين، عقب انعقاد اللجنة المركزية للحزب، قرار مقاطعة هذه الانتخابات بكون "نتائجها محسومة مسبقا والمنافسة الانتخابية مغلقة من طرف النظام"، بالنظر للظروف الاجتماعية والسياسية والحقوقية والإعلامية، التي تحيط بالعملية الانتخابية. وقالت إن "تنظيم الانتخابات لن يجسد في تفكيك النظام، الذي ثار عليه الشعب في فبراير 2019، بل إن هذه الانتخابات جزء من المسار الانتخابي الذي فرض على الشعب بعد استقالة الرئيس السابق، بل إنها ستعيد إنتاج النظام السياسي". واعتبرت أن انتخابات 12 يونيو "محاولة بائسة لإنقاذ النظام غير القابل للإصلاح، وتتنافى مع تطلعات الأغلبية التي طالبت برحيله، كما أنها لن تعزز الديمقراطية، وفقا للقانون الانتخابي الخطير، بل تسمح بتأسيس نظام شمولي، وشرعنة الفساد السياسي وتعميمه، وهي موعد للقضاء على التعددية الحزبية وتدمير التعددية السياسية". ورأت حنون أن الظروف غير مناسبة لإجراء انتخابات تشريعية، بحيث إن "إهدار الحقوق السياسية والاجتماعية، وإغلاق الإعلام، حواجز لا تسمح بالمنافسة الحقيقية في هذه الانتخابات، كما أنها لن تخفف من معاناة أغلبية الشعب المرهقة، وليست طلبا شعبيا، ولن تحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، ولن توقف السياسات غير الشعبية التي تنتهجها الحكومة". وأكدت أن قرار حزبها "مستقل"، ووصفته ب"القرار الاستراتيجي، وليس تكتيكا سياسيا"، وبأنه "استمرار لمواقف مماثلة كان اتخذها الحزب في مراحل سابقة، لم تكن فيها الظروف الانتخابية مناسبة، على غرار مقاطعة الحزب للانتخابات النيابية عام 1991، وكذا الانتخابات الرئاسية عام 1995". وأشارت حنون إلى أن الحزب سيتوجه، في المقابل، "نحو نصرة النضالات العمالية والشعبية، والسعي لتقديم الدعم للحراك الشعبي، وتشجيع النقابات على تحمل مسؤولياتها في هذه المرحلة". وصف مركز التفكير الأمريكي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، "The Middle East Institute" (معهد الشرق الأوسط)، النظام السياسي في الجزائر ب"المتصلب" حيث "يرفض الحكام العجزة أي انفتاح حقيقي"، في وقت تستؤنف فيه احتجاجات الشارع "بشكل مكثف". واعتبر روبيرت فورد، وهو من كبار الباحثين في المركز، في إطار تقرير تحت عنوان "إدارة بايدن والشرق الأوسط: توصيات سياسية من أجل طريق متبع مستدام"، أنه "على الصعيد الداخلي، القادة الجزائريون عجزة والرئيس عبد المجيد تبون، الذي يحظى بدعم قوي من الجيش، مريض (…)"، مضيفا أن "النظام السياسي متصلب لكن الحكام العجزة يرفضون أي انفتاح حقيقي". وأكدت وثيقة معهد الشرق الأوسط الذي يوجد مقره في واشنطن، تحامل السلطات الجزائرية على الوحدة الترابية للمغرب ووضع الجزائر باعتبارها طرفا رئيسيا في قضية الصحراء، مشيرة إلى أن الجزائر العاصمة "ستضغط لصالح مخطط الاستفتاء القديم"، وستعبئ كل مواردها على أمل حدوث انقلاب في موقف الولاياتالمتحدة التي اعترفت بسيادة المغرب الكاملة والشاملة على أقاليمه الجنوبية. وأبرز فورد الذي يتمتع بإلمام كبير بالوضعية السياسية في الجزائر، حيث سبق وأن شغل منصب سفير الولاياتالمتحدة في هذا البلد من 2006 إلى 2008، الأزمة العميقة التي تتخبط فيها الجزائر حيث "يعيش الاقتصاد حالة من الركود ويعاني الشباب حالة من الإحباط". وسجل الخبير أن "ارتفاع أسعار النفط العالمية سيؤدي إلى تخفيف بعض الضغوط المباشرة، لكن الحكومة لا تتوفر على رؤية أو رغبة في إجراء إصلاحات عميقة". وبعد أن أكد على الطابع الملح "للمساعدة على تجنب غياب الاستقرار السياسي الداخلي الذي من شأنه تغذية العنف واستقطاب المتطرفين"، اعتبر مركز التفكير الأمريكي أن "الحكومة الجزائرية ستتخذ من الانتقاد الأمريكي ذريعة لتشديد الخناق على المعارضة". من جهة أخرى، شدد المركز على ضرورة "دعم حقوق المتظاهرين في حرية التعبير والتجمع والتظاهر السلمي"، كما ينص على ذلك العهد الدولي للأمم المتحدة المتعلق بالحقوق السياسية. وخلص تقرير (معهد الشرق الأوسط) إلى القول إنه "يجب أن ندعو إلى ضبط النفس والحوار مع المعارضة والحركة الاحتجاجية".