اصدرت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي بتاريخ 20 يناير 2021 مذكرة وزارية تحمل عدد 21/0096 في شأن البرنامج الاستثنائي للنشاط الرياضي المدرسي عن بعد برسم الموسم الدراسي 2020 / 2021، تعلن من خلالها تنظيم دوريات رياضية ومنافسات محلية اقليمية جهوية ووطنية في مجموعة من الانشطة الرياضة، بشراكة وتعاون مع الجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية و الجامعة الملكية المغربية للرياضات الوثيرية، الرشاقة البدنية، الهيب هوب والاساليب المماثلة و الجامعة الملكية المغربية للرياضات الحضرية و الجامعة الملكية المغربية للووشو و الجامعة الملكية المغربية للتايكوندو والجامعة الملكية المغربية للكراطي والاساليب المشتركة. بداية لا بد من التذكير بان الظروف الاستثنائية، كما جاء في ديباجة المذكرة، التي يعيشها المغرب ويتقاسمها مع جميع دول العالم والمتمثلة في اجتياح جائحة كورونا على الاخضر واليابس واعلان حالات الطوارئ وتمديد فترات الحجر الصحي مع اعتماد انماط مختلفة للتعليم كانت من بين اسباب تسطير هذا البرنامج الاستثنائي، مع العلم ان الوزارة كان قد سبق لها ان اصدرت مذكرتين وزاريتين في هذا الصدد الاولى عدد 039.20 بتاريخ 28 غشت 2020 في شأن تنظيم الموسم الدراسي لسنة 2020-2021 في ظل جائحة كوفيد 19 و الثانية عدد 058.20 بتاريخ 25 شتنبر 2020 في شأن تدبير تدريس التربية البدنية والرياضية وتأطير الرياضة المدرسية في ظل جائحة كوفيد 19 حيث اكدت هذه الاخيرة عدم امكانية برمجة الانشطة الرياضية الجماعية والفردية المعتادة خلال الموسم الجاري في ظل الظروف الجارية. و كمهتمين بالمستجدات التربوية خصوصا ما يتعلق بالتربية البدنية والرياضة المدرسية اطلعنا على فحوى المذكرة وسجلنا الملاحظات التالية: – اشكالية التوقيت : جاءت المذكرة في اواخر شهر يناير اي في نهاية الاسدوس الاول من الموسم الدراسي الحالي وهي بذلك تسجل تأخرا ملحوظا مما يطرح اشكالية في التنظيم واكراهات في احترام الجداول الزمنية المبرمجة لكل مرحلة على حدة بناء على التجارب السابقة والتي اعتادت التوصل بمشروع برنامج المنافسات الرياضية في بداية السنة الدراسية (اواخر شهر شتنبر وبداية شهر اكتوبر). وهنا يطرح التساؤل حول كل هذا التاخير ولماذا لم يتم التفكير فيه خلال نهاية السنة المنصرمة خصوصا وان الحجر الصحي امتد من شهر مارس المنصرم الى نهاية السنة الدراسية وهي مدة كافية للبرمجة والتخطيط مع علم ان كل التكهنات كانت تصب في كون الجائحة ستعمر ربما لسنوات مقبلة. – اشكالية الانشطة المعتمدة : نصت المذكرة على برمجة انشطة ومنافسات ودوريات في التايكوندو الكراطي والووشو و البريكدانس والهيب هوب والسكايت والرولر و الاداء الحر في كرة القدم والشطرنج، وهي جلها ان لم نقل كلها انشطة رياضية غريبة على الحقل التربوي بالمؤسسات التعليمية بشكل عام وعلى استاذات واساتذة مادة التربية البدنية والرياضية بشكل خاص، حيث لم يسبق لهم ان برمجوا حلقات دراسية لهذه الانشطة الرياضية بكل ما تحمله الحلقات من حمولات تربوية بيداغوجية وديداكتيكية بالاضافة الى انها لا تدخل في مقرراتهم الدراسية وبالتالي فهي انشطة جديدة ان لم نقل دخيلة عليهم. – اشكالية الانخراط في الانشطة: يعلم كل مهتم بالرياضة المدرسية واساتذة المادة على الخصوص ان هناك فئة عريضة منهم لا يشاركون في انشطتها، وحتى وان فعلوا فان مشاركتهم تكون محتشمة وتقتصر على البطولات المحلية في العدو الريفي او اقصاها الاقليمية. هذا بالنسبة للانشطة الاعتيادية من العاب جماعية والعاب القوى والعدو الريفي. اما وان المذكرة الاستثنائية تقترح عليهم تاطير انشطة جديدة عليهم يجد اغلبهم صعوبات حتى في نطق خصوصياتها ومكوناتها بالاضافة الى انها خارج مقرراتهم الدراسية فالاكيد انها كل هذه العوامل ستكون حافزا اساسيا لعدم انخراطهم الكلي او الجزئي فيها ولديهم كل الحق في ذلك، لانهم ليسوا مطالبين بالانخراط في انشطة ليست من اختصاصهم. – اشكالية التنسيق والتشاور : لم تعتمد الوزارة على اية دراسة ميدانية متخصصة او قامت باية عملية احصاء للمتعلمين والمتعلمات الممارسين لكل نشاط من الانشطة الرياضية المستهدفة، وعن مدى انتشارها الجغرافي والجهوي والاقليمي داخل تراب المملكة و عن العدد الكلي للمستهدفين من هذا البرنامج وهل هذا العدد يضمن تكافئ الفرص بين الجهات والاقاليم، ام انه متمركز في مناطق دون اخرى كما انها لم تنسق ولم تستشر مع القاعدة الاساسية لنجاح مثل هذه البرامج وهم استاذات و اساتذة المادة كما لم يتم استشارة او التنسيق مع مفتشي المادة على الصعيدين الاقليمي او الجهوي وفي المقابل فانهم جميعهم مطالبين حسب المذكرة بالتاطير والتنسيق مع رؤساء الاندية ورؤساء العصب المتواجدة في اقاليمهم وذوي الاختصاص، وهي مهام خارج مهامهم وبالتالي فان عدم انخراطهم في انجاح البرنامج او رفضهم له يجد ما يبرره. كما ان هذه التساؤلات وغيرها ستقوض لا محالة من نجاح البرنامج وتقلل من انخراط المتدخلين فيه. – في صلب الموضوع : الاكيد ان النوادي الرياضية وجامعاتها تعرفان ازمة مالية خانقة نتيجة الاغلاق الشامل التي عرفته هذه النوادي ابتداءا من شهر مارس المنصرم والحجر الصحي الذي استمر لشهور متتالية وهو ما عمق ازمة النوادي ودفع بالكثير منها الى الاقتراض او الافلاس، وبالتالي فان التضامن معها من خلال هذا البرنامج الاستثنائي وعبر اتفاقيات الشراكة التي وقعت بين الجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية وباقي الجامعات هو واجب وطني اولا واخيرا كما انه يؤثث لشرعيتها ووجودها داخل المؤسسات التعليمية. وقد تكون مؤاخذتنا على استثنائية البرنامج فقط حيث كان من الممكن ان يؤسس لشراكة حقيقية بين الجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية وباقي الجامعات الرياضية المدنية عبر برنامج متعددة مدروسة ومخطط لها مسبقا وليست ارتجالية ومرحلية . في الختام، رغم كل الملاحظات السالفة الذكر فان المذكرة الوزارية 21/0096 تبقى لبنة هامة لمد جسور التواصل بين الرياضة المدرسية وباقي الجامعات الرياضية المدنية بكل اطيافها. فالتواصل من اجل التكامل ضروري لبناء جسم سليم سواء داخل المدرسة او خارجها، الا انه يجب ان يكون عقلانيا ومبني على دراسات وبرامج مهيكلة ومخططات استراتيجية وليست بالضرورة وليدة ظروف استثنائية وعابرة. ومن هنا لا بد من التذكير ان الجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية استطاعت ان توفر على امتداد سنتين متواليتين موارد مالية هامة من جميع منخرطيها بربوع المملكة بالاضافة الى الموارد السابقة مع العلم انها لم تصرف اية مبالغ تذكر خصوصا مع غياب تنظيم المنافسات الرياضية الوطنية المكلفة، ماعدا مساهمتها التضامنية والمقدرة ب 500 الف درهم لفائدة صندوق جائحة كوفيد 19, لذلك نرى انه من المنطقي التفكير عمليا في انشاء المعهد الوطني للجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية وتجهيزه ببنيات تحتية محترمة واستثماره من خلال اطر تربوية ورياضية كفئة في التسيير والتدبير، معهد تستطيع به ومن خلاله ان تمد يدها لكل الجامعات الرياضية المدنية المتواجدة بالمملكة وتسحبها الى الاعلى وان تسطر معها برامج واهداف على المدى القريب والمتوسط والبعيد من خلال لجن مختصة ومتخصصة ودراسات اكاديمية هذا اذا ما ارادت تاسيس شراكات صلبة وبناء حقيقيا لرياضة مدرسية بمعايير دولية.