تداول العديد من النشطاء على نطاق واسع تقرير للمفتشية العامة لوزارة المالية، والذي تضمن اقتناء وزارة العدل شجرة الزيتون للتزيين بثمن 36 ألف درهم للشجرة الواحدة، وكلفت طاولة للاجتماعات 760 ألف درهم. هذا التقرير، أثار نقاشا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي معتبرين أن صرف هذه الأموال هدر للمال العام، مطالبين من السلطات المختصة للتدخل لمحاسبة المتورطين. في هذا الصدد، ذكر مصدر جد مطلع، أن الوزير الحالي فيي حقيبة العدل، محمد بنعبد القادر، لا علاقة له بهذه الصفقات نهائيا، مشيرا الى أن يجب اعادة افتحاص التقرير جيدا واعلان الحقيقة التي جاء بها. وقال ذات المصدر في تصريح ل"فبراير"، إن "البعض سارع إلى نشر مقتطفات من تقرير للمفتشية العامة لوزارة المالية حول البناية الجديدة للمعهد العالي للقضاء، ودون الإنتباه إلى الفترة التي يغطيها تقرير الافتحاص، يتم إقحام اسم صورة وزير العدل الحالي محمد بنعبد القادر، والذي لم يتولى حقيبة العدل إلا أواخر سنة 2019، بينما التقرير يفتحص صفقات سنة 2018". وأكد المصدر ذاته، إلى أن "تقرير المفتشية العامة لوزارة المالية في الصفحة 16 بخصوص البناية الجديدة للمعهد العالي للقضاء، سجل، أنه برسم سنة 2019 لم يتم ابرام أي صفقة من طرف صاحب المشروع، وأن الوزارة صاحبة المشروع عقدت تسع صفقات خلال سنة 2018 وذلك من أجل تجهيز المعهد بالمعدات الاساسية، ويضيف التقرير أنه بحكم عدم اسناد أي صفقة جديدة خلال سنة 2018 موضوع الافتحاص، ركزت لجنة المفتشية العامة للمالية في عملها على الجوانب المتعلقة بإنجاز وتسلم والامر بصرف الصفقات المسندة خلال سنة 2018، وهي الحقبة التي كان يتولى فيها حقيبة العدل وزير اخر". يشار إلى أن الجمعية المغربية لحماية المال العام، طالبت في مراسلة إلى رئيس النيابة العامة، محمد عبد النباوي، بفتح تحقيق في الفضيحة التي فجّرها تقرير مؤقت للمفتشية العامة لوزارة المالية، حول وجود شبهة اختلالات جسيمة وهدر وتبديد لأموال عمومية بوزارة العدل خلال عهد وزيريها محمد أوجار عن التجمع الوطني للأحرار، ومحمد بنعبد القادر، عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وأفاد حماة المال العام بأن التقرير المذكور تحت عدد 6408 توقف عند حجم الأموال العمومية التي أنفقت في تجهيزات بأثمان خيالية لا يصدقها العقل ولا حتى منطق الأسعار والسوق، مشددين على وجوب ربط المسؤولية بالمحاسبة حتى لا يتحول هذا المبدأ الدستوري إلى مجرد شعار يتم ترديده في المناسبات والصالونات. وحمل التقرير المسرب لمفتشية وزارة محمد بنشعبون، تفاصيل اقتناء تجهيزات وأثاث بأثمان مبالغ فيها مقارنة مع أسعار السوق، ومن بين ذلك، ثمن اقتناء شجرة زيتون للتزيين الذي وصل إلى مبلغ 36000 درهم للشجرة الواحدة، في حين كلّفت طاولة للاجتماعات 76 مليون سنتيم، ويتعلق الأمر هنا بتجهيزات المعهد العالي للقضاء، الذي خصصت له مبالغ تصل إلى مايقارب 40 مليار سنتيم. ومن بين التفاصيل المثيرة الواردة في التقرير، شراء تلفاز كلّف 22000 درهم، بينما تطلَّب شراء ثلاجة مبلغ 15000 درهم، لكن الأدهى من ذلك أن اقتناء سلة مهملات واحدة ناهز مبلغ 6012 درهم، إضافة إلى اقتناء مائة علبة للأرشيف بمبلغ 1000 درهم للعلبة الواحدة. الوقائع المسجلة، تشكل من حيث الوصف الجنائي، وفق المحامي محمد الغلوسي، جنايتي تبديد واختلاس أموال عمومية، مُرجحا فرضية حدوث تواطؤ بين عدة متدخلين لحصولها باستعمال التزوير وغيره وحصول النتيجة الإجرامية المفترضة من وراء ذلك، مما يجعلها، يؤكد الفاعل الحقوقي عينه، قد توصف بأوصاف جنائية أخرى حسب الأحوال. وطالب الغلوسي رئيس النيابة العامة، بفتح بحث تمهيدي في هذه الوقائع، مع الاستماع إلى وزراء العدل الذين تولوا المسؤولية خلال الفترة التي شملها تقرير المفتشية العامة لوزارة المالية، وأيضا إلى المسؤولين عن قسم الصفقات العمومية والتجهيزات بالوزارة ومسؤولي المعهد العالي للقضاء، وكذلك مسوؤلي المقاولات التي أنجزت تلك الصفقات وكل شخص قد تكون له صلة مباشرة أو غير مباشرة بالموضوع. وشدد رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، ضمن مراسلته إلى عبد النباوي، على أن "المغاربة يتطلعون اليوم إلى أن يروا السلطة القضائية تقوم بدورها في مكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام، وذلك بالقطع مع الإفلات من العقاب في الجرائم المالية والاقتصادية ومحاكمة المفسدين وناهبي المال العام".