رغم أن الأزمة الاقتصادية بدأت تخنقه، لا يزال المغرب يتصدر قائمة الدول النامية الأكثر طلبا للسلاح. ففي تقرير جديد لمركز أبحاث الكونغرس، أعلن عنه للعموم، احتل المغرب المرتبة التاسعة بين الدول النامية بالنسبة إلى عقود إيراد شحنات/إرساليات السلاح التي تسلمها خلال الفترة ما بين 2008 و2011، بقيمة تصل إلى 5.1 مليار دولار أمريكي. تجارة السلاح عرفت ازدهارا قلَّ نظيره سنة 2011، إذ يشير التقرير إلى أن مبيعات السلاح الأمريكي تضاعفت ثلاث مرات مقارنة مع سنة 2010، بحيث باعت أمريكا ما قيمته 66.3 مليار دولار أي ما يعادل 78 في المائة من مبيعات السلاح في العالم. ويعود الفضل في ذلك إلى صفقات التسليح بين أمريكا والسعودية التي بلغت قيمتها 33.4 مليار دولار. ولم يشر التقرير إلى أية صفقات جديدة للمغرب خلال الفترة المذكورة، لكنه أشار إلى أن اتفاقيات نقل الأسلحة التي أبرمها المغرب خلال الفترة ما بين 2008 و2011 بلغت قيمتها 5.1 مليار دولار، وهذا يعني أن صفقات التسليح قد تمت قبل ذلك. ويشير التقرير إلى أن اتفاقيات نقل الأسلحة تمت غالبيتها مع الولاياتالمتحدةالأمريكية بقيمة 2.7 مليار دولار، بينما لم يبرم مع روسيا أية اتفاقية عسكرية، في حين أبرم مع الصين اتفاقيات نقل للأسلحة بقيمة 500 مليون دولار، ومع دول أوربا الغربية اتفاقيات بقيمة مليار دولار، أما بقية دول أوربا فقد تسلمت منه 900 مليون دولار مقابل اتفاقيات نقل للأسلحة. ويبيّن التقرير أن شحنات/إرساليات الأسلحة ما بين سنتي 2004 و2007، والتي تم توريدها إلى المغرب، لا تتعدى قيمتها 300 مليون دولار، موزعة بالتساوي بين أمريكا وروسيا ودول أخرى لم يذكرها التقرير. في حين ارتفعت شحنات/إرساليات الأسلحة التي تم توريدها إلى المغرب من قبل المزود خلال الفترة 2008 و2011 إلى 2.1 مليار دولار. وبينما تحتل أمريكا المرتبة الأولى في بيع السلاح، تليها روسيا وبريطانيا ثم فرنسا، تبقى السعودية الأولى عالميا في اقتناء السلاح بصفقات بلغت قيمتها 33.7 مليار دولار سنة 2011، تليها الهند بمشتريات بلغت قيمتها 6.9 مليار دولار، ثم الإمارات العربية المتحدة بقيمة 4.5 مليار دولار. ويلاحظ أن الدول العشر الأولى الأكثر استيرادا للأسلحة من الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول أوربا الغربية، وهي السعودية والهند وباكستان والإمارات وفنزويلا والجزائر ومصر والعراق والمغرب وإسرائيل، غالبا ما تعاني من نزاعات حول الحدود مثلما هو الحال بين المغرب والجزائر أو الهند وباكستان، أو تسود بينها علاقة اللاثقة والخوف المتبادل مثلما هو الحال بين مصر وإسرائيل أو إيران ودول الخليج. وبالمقارنة مع الجزائر، تبدو هذه الأخيرة متقدمة على المغرب من حيث قيمة شحنات/إرساليات الأسلحة التي تسلمتها خلال الفترة ما بين 2004 و2007، والتي بلغت قيمتها 7.1 مليار دولار، منها 6.5 مليار دولار مع روسيا. مما يؤكد أن أغلبية صفقات التسلح التي تبرمها الجزائر هي بالأساس مع روسيا، بينما لم تبرم أية صفقة مع أمريكا خلال نفس الفترة. أما في الفترة ما بين 2008 و2011 فقد بلغت قيمة عقود الشحنات/إرساليات الأسلحة نحو 3.2 مليار دولار، منها 2.1 مليار دولار مع روسيا، بينما لم تبرم أية صفقة تسلح مع أمريكا. ويبدو من خلال الصفقات التي أبرمها المغرب خلال السنوات الأخيرة، أنه يسعى إلى تحديث ترسانته العسكرية، البرية منها والجوية والبحرية، مع يرافق ذلك من تجديد في النخب العسكرية التي تستطيع التكيف مع التكنولوجيا العسكرية المتطورة. وقال عبد الرحمان مكاوي، محلل عسكري، إن تحديث الترسانة العسكرية المغربية بدعم من أمريكا سببه حرص الطرفين على تحقيق التوازن الاستراتيجي مع الجزائر التي تدعمها روسيا، وفي الوقت ذاته تأهيل قواته لتستطيع كبح تحديات الإرهاب والجريمة المنظمة، سواء القادمة منها عبر جنوب الصحراء أو التي يمكن أن تهدد استقراره الداخلي. وتعتبر صفقة اقتناء 24 طائرة من نوع (إف-16) بقيمة 2.4 مليار دولار في غشت 2008، من أبرز الصفقات التي تمت خلال الفترة ما بين 2008 و2011، وتسلم الدفعة الأولى منها في غشت 2011. كما أبرم ثلاث صفقات أخرى مع شركات أمريكية، الأولى بقيمة 15 مليون دولار لشراء أنظمة دفاع جوية، والثانية لشراء أنظمة رادارات أرضية متطورة، والثالثة لشراء 20 صاروخا متطورا. بالإضافة إلى ذلك، تقدم المغرب بطلب إلى أمريكا من أجل صيانة وتطوير 200 دبابة حربية من نوع «أبرامز إم 1»، بمقتضى عقد فاقت قيمته مليار دولار، ويتضمن تحديث تلك الدبابات بتزويدها ب200 رشاش «كريسلر» و400 مدفع رشاش من نوع «إم 240». إضافة إلى 12 مليون قذيفة ورصاصة بما في ذلك نوع معين من القذائف الشديدة الانفجار والمضادة للدبابات.