تعيش الأقاليم الجنوبية للمملكة على وقع تحركات مستفزة لجبهة البوليساريو الانفصالية تنذر بأزمة جديدة مع المغرب، في ظل تأخر إعلان عن مبعوث جديد منذ استقالة كوهلر ل"دواعٍ صحية". وتخطط الجبهة الانفصالية لإغلاق معبر الكركرات الحدودي بين المغرب وموريتانيا في وجه الحركة التجارية والمدنية بشكل نهائي، وذلك في سياق خطوات تصعيدية واستفزازية ضد المغرب، كان من أبرزها إعلان أميناتو حيدر، أحد أبرز وجوه انفصاليي الداخل عن تأسيس هيئة معارضة للمغرب بمدينة العيون. وفي هذا الصدد، اعتبر نوفل البعمري، محام وباحث في ملف الصحراء، أن "التحركات الأخيرة التي تتم بالجنوب المغربي تعكس كلها حالة سياسية و تنظيمي تعيشها البوليساريو منذ استقالة هانس كوهلر و توقف المباحثات السياسية التي انطلقت بجلسة جنيف الأولى ثم الثانية، هذا الجمود السياسي خلق حالة ارتباك لدى تنظيم البوليساريو عمقها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الاخير للجمعية العامة للأمم المتحدة في غشت الماضي الذي أكد فيه على محورية الدور الجزائري في النزاع، و الخيار السياسي لحل النزاع القائم على معياري التوافق، و الروح الجديدة َفقل للمادة السادسة من ميثاق الأممالمتحدة". وأضاف البعمري، في تصريح خص به "فبراير"أن "كل هذه العوامل خلقت كما سلف ذكره أزمة تنظيمية و سياسية عند قيادة البوليساريو التي وجدت نفسها في عزلة دولية و إقليمية تعمقت بالديناميات الجديدة التي خلقها المناضلين الصحراويين سواء بالمخيمات أو في الأقاليم الصحراوية الجنوبية من خلال حركة صحراويون من أجل السلام التي سحبت البساط و المشروعية من تنظيم البوليساريو، هذه العزلة أدت بقيادة الجبهة إلى التفكير في محاولة خلق توتر مصطنع من أجل إعادة لفت الإنتباه إلى البوليساريو و للإعلان على أنه لم ينته، هذا التوتر المصطنع اتخذ عدة أوجه منها تأسيس الهيئة الانفصالية بالعيون بقيادة امينتو حيدر التي أصبحت اليوم مجرد أداة و بيدق صغير في يد البوليساريو تنفذ اجندته السياسية بالأقاليم الصحراوية و أسقطت عنها الصورة المزيفة "للمناضلة الحقوقية"". وأضاف قائلا "كما اتخذت التحركات الأخيرة لمليشيات البوليساريو بالمعبر الحدودي المغربي الكركرات تعبير آخر عن حجم المغامرة غير المحسوبة العواقب التي تريد البوليساريو لعبها لكن في هذه المرة انقلب السحر على الساحر حيث لم تعد قادرة على التحكم في التحرك الاخير وهو ما أدى بها إلى اختطاف عشرات الشباب الذين كانوا في طريقهم للمخيمات حيث من المنتظر أن تنظم عائلاتهم وقفات للمطالبة بالكشف عن مصيرهم". وسجل البعمري أن "هذه الفوضى دليل على عدم قدرة تنظيم البوليساريو التحكم حتى في عناصرها فكيف يمكن لها أن تتحكم في المخيمات و تضمن سلامة ساكنتها؟ الأكيد أن هذه المناوشات التي تعكس الطبيعة الغير الشرعية لتنظيم البوليساريو َ عقلية القرصنة التي تسيره و تدبر خطواته، ستجعل من الجبهة تنظيم مارق، خارج على الشرعية الدولية على اعتبار أن ما تم القيام به من تسهيل لمرور بعض العناصر المليشياتية التابعة لها هو اعلان تمرد على قرارات مجلس الأمن التي طالبت بعودة عناصر البوليساريو إلى ما وراء الجدار العازل والمنطقة العازلة، و يطرح سؤال حول بعثة المينَورسو باعتبارها هي المكلفة بحفظ السلام في هذه المنطقة. وتابع قائلا "هنا المغرب يجب أن يكون واضحا، اذا لم تستطع هذه البعثة القيام بمهمتها السلمية وضمان أمن و سلامة القوافل التجارية وعبور المركبات والعربات فالمغرب له قدرة عسكرية على القيام بهذه المهمة في هذه النقطة الحدودية خاصة وأن لعناصره العسكرية التجربة الكافية في بعثات حفظ السلام بإفريقيا وفي مختلف مناطق التوتر". واسترسل قائلا " الايام المقبلة سنكون مع موعد تقديم احاطة حول الوضع في المنطقة يترفع للأمم المتحدة الأكيد انه سيتم تضمين هذه الانتهاكات لمضامين اتفاق وقف إطلاق النار و ستكون موضوع ادانه مجددة للبوليساريو و لقيادتها و لعناصرها". واعتبر البعمري أن "مسألة تعيين مبعوث جديد هي خاضعة لمسطرة محددة، تعود لمجلس الأمم و لأعضاءه خاصة على مستوى ضرورة توافق الدول الخمس فيه على اسم معين يتماشى مع المعايير التي حددتها الأممالمتحدة لحل هذا النزاع و تكون شخصية تحضى بقبول هذه الدول و قادرة على حلحلة الملف و استكمال مساره السياسي الذي سيؤدي إلى اعتماد حل الحكم الذاتي كحل سياسيا لهذا النزاع، لذلك مسألة تعيين مبعوث جديد هي غير خاضعة لأهواء البوليساريو بل هو قرار سياسي سيتم اتخاذه عندما يتم التوافق على شخصية سياسية تتماشى و أهداف التعيين. نوفل البعمري محام و باحث في ملف الصحراء"