قدم حزب العدالة والتنمية القائد للأغلبية الحكومة، مذكرة حول الاستحقاقات الانتخابية المنتظر إجراؤها سنة 2021، في نفس اليوم الذي عرضت فيه الأحزاب المعارضة تصوراتها للانتخابات المرتقبة. وقدر حزب العدالة والتنمية أن من بين التحديات التي يمكن مواجهتها في الاستحقاقات المقبلة هو كيفية رفع منسوب الثقة في المؤسسات، وتجنب تدني الاهتمام بالسياسة والانخراط في العمل السياسي. وسجلت مذكرة "البيجيدي"، أن ذلك من شأنه أن ينعكس على نسبة المشاركة التي تضمن شرعية التمثيل الديمقراطي للمؤسسات المنتخبة، وتعكس الحدود الدنيا المطلوبة لمصداقيتها. واعتبر الحزب "أن الإعداد الجيد للمحطات الانتخابية المقبلة في ظل تعاظم التحديات الداخلية والخارجية، يقتضي تظافر جهود مختلف الفاعلين السياسيين، بما يمكن من التغلب على كافة المعيقات من أجل إفراز مؤسسات منتخبة قوية وذات مصداقية وفاعلة، وقادرة على تمنيع بلادنا وتعزيز قدرتها على مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية التي دخلها العالم جراء جائحة كورونا، وكذا تحديات التحولات الدولية والإقليمية، من أجل كسب رهانات التنمية". واقترح حزب العدالة والتنمية، "توفير الشروط السياسية، وتهيئة المناخ السياسي المناسب، لتعزيز الثقة الجماعية في مسار التحول الديمقراطي ببلادنا، وهو ما يقتضي ضرورة تنقية الأجواء السياسية والحقوقية من بعض مظاهر التشويش واستلهام روح الإنصاف والمصالحة، عبر اتخاذ مجموعة من الإجراءات الرمزية لتجديد مناخ الثقة وبعث حماس وطني جديد لتشجيع المشاركة المكثفة في الانتخابات القادمة. كما شدد حزب "المصباح" على ضرورة "التعبئة الوطنية الشاملة لإنجاح مختلف الاستحقاقات الانتخابية، وضمان نزاهتها وشفافيتها ومصداقيتها، بما يمكن من انخراط أوسع للشرائح الاجتماعية، خاصة فئة الشباب، وتعزيز ثقة المواطنين في الهيئات التي ستفرزها". ودعت مذكرة "البيجيدي" بخصوص الاستحقاقات الانتخابية المقبلة إلى "إعمال المقاربة التشاركية في مراجعة المنظومة الانتخابية، في إطار منهج تراكمي يرصد إيجابيات الاستحقاقات الانتخابية السابقة ويتجاوز نقائصها وثغراتها، بما يسهم في إفراز مؤسسات منتخبة مؤهلة وقوية وذات مصداقية". كما دعت إلى "التصدي لمحاولات الارتداد وعودة بعض الممارسات والأساليب التي أساءت لبلادنا في الفترات السابقة". وقال الحزب القائد للأغلبية الحكومية "إن إنجاح هذا الورش الوطني، وحماية التجربة المغربية المتسمة بالإصلاح في إطار الاستقرار، تتطلب حزما وطنيا شاملا في التصدي للاختلالات الانتخابية، وضمان تدبير نزيه وشفاف لمختلف الاستحقاقات، وتعزيز مصداقية المؤسسات المنتخبة المنبثقة عنها، بالإضافة إلى تعزيز أدوار الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والمهنية في إنجاح مختلف هذه الاستحقاقات". وفي هذا السياق، استحضرت مذكرة العدالة والتنمية "التنصيص الصريح في الدستور المغربي على أن "الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي" (الفقرة الأولى من الفصل 11 من الدستور)، وهو ما يفرض على جميع المعنيين بالعملية الانتخابية أن يتمثلوا المبادئ المعيارية للانتخابات الحرة والنزيهة كما هي متعارف عليها في جميع تجارب التمثيل الديمقراطي في العالم والقطع مع محاولات الضبط والتحكم القبلي في الإرادة الحرة للناخبين والناخبات". واقترحت مذكرة الحزب " مواصلة إصلاح المنظومة الانتخابية واستكمال ملاءمتها مع المعايير الفضلى للانتخابات الحرة والنزيهة كما هي متعارف عليها دوليا، قصد ضمان المشاركة الحرة لكافة المواطنين والمواطنات البالغين سن الرشد، وهو ما يستلزم الإصلاح الجذري لاختلالات التسجيل في اللوائح الانتخابية، وضمان العدالة التمثيلية للمواطنين والمواطنات بناء على تقطيع انتخابي يستند إلى معايير واضحة ودقيقة". " وسجلت المذكرة، ضرورة "استحضار ما نص عليه الفصل السابع من الدستور من كون الأحزاب السياسية تعمل على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية"، وهو ما يفرض العمل على تكريس ثقافة سياسية تؤمن بالدور المحوري للأحزاب في الحياة السياسية، وتعزز دورها في بناء مؤسساتنا الديمقراطية". وشدد حزب العدالة والتنمية في مذكرته على أهمية "تكريس مسار ومكتسبات بلادنا في ضمان نزاهة وشفافية مختلف الاستحقاقات الانتخابية منذ التصويت على دستور 2011، وضمان فرز مؤسسات ديمقراطية منتخبة قوية وناجعة؛ مع توفير شروط تعبئة سياسية وطنية من خلال محاصرة نزوعات ومسببات العزوف الانتخابي". كما أكدت مذكرة الحزب على "تعزيز ثقة المواطنين في الأحزاب السياسية وهيئات الوساطة وفي الانتخابات كآلية ديمقراطية لضمان تمثيلهم الحقيقي بالمؤسسات والرفع من منسوب ثقتهم في العمل السياسي ومؤسسات الدولة بشكل عام". وشدد الحزب على "محاربة لوبيات الفساد الانتخابي واستعمال المال للتأثير في نتائج الانتخابات"، مؤكدا أن ذلك لن يتأتى إلا ب"التأكيد من جهة على الإشراف السياسي للحكومة على تدبير الانتخابات، ومن جهة أخرى على تعزيز دور القضاء في الرقابة الفعالة والصارمة والنزيهة على كافة مراحلها، مع اعتماد إطار قانوني ينظم الإشراف التنظيمي على المستويين الوطني والمحلي". كما اقترح "مواصلة وتعزيز نهج التشاور الموسع مع الفاعلين السياسيين المشاركين في التنافس الانتخابي حول عملية تدبير الاستحقاقات الانتخابية المقبلة؛ مع الإعداد الجيد والتدبير الزمني الناجع لمختلف المحطات الانتخابية المقبلة سواء منها المهنية أو الجماعية أو التشريعية". وحول البرمجة الزمنية لتنظيم الاستحقاقات الانتخابية، اقترح "البيجيدي"، الأخذ بعين الاعتبار الجدولة الزمنية لتنظيم مختلف الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، من خلال "إجراء الانتخابات الجماعية والجهوية والمهنية من جهة والانتخابات التشريعية الخاصة بمجلس النواب من جهة أخرى في فترتين زمنيتين منفصلتين، لإحاطة النوعين من الاستحقاقات بضمانات وشروط النجاح". كما اقترح الحزب "مراجعة جذرية للوائح الانتخابية الحالية المتعلقة بالانتخابات العامة، وإذا لزم الأمر القيام بمراجعة استثنائية للوائح الانتخابية العامة، استصحابا للعملية المماثلة المنجزة سنة 2016 وعملا على تطويرها". مع "التقيد العملي بتفعيل بعض مقتضيات القانون رقم 57.11، من مثل المادة 21 منه التي تنص على شكليات وإجراءات إيداع طلبات القيد في اللوائح الانتخابية من فاتح أبريل إلى غاية 31 ديسمبر من كل سنة" ودعا إلى "تيسير سبل التسجيل الإلكتروني، والقيام بحملات رسمية بمختلف الوسائل من أجل دعوة المواطنين للتسجيل في اللوائح الانتخابية؛ مع تشجيع الأحزاب السياسية ومنظماتها الموازية على الانخراط في الدعوة للتسجيل في اللوائح الانتخابية، بمختلف الوسائل المتاحة؛ وفتح آجال كافية بالنسبة للمواطنين الذين غيروا محلات سكناهم من أجل تحديد أماكن تصويتهم؛ وتيسير عملية تمكين الأحزاب السياسية من اللوائح الانتخابية (وفق صيغة Excel) تتضمن بيانات المسجلين كاملة، وقبل ذلك، تمكينها من اللوائح التعديلية المؤقتة والنهائية أثناء فترة المراجعة". وأكد على "نشر اللوائح الانتخابية وإطلاع العموم عليها بشتى الوسائل الممكنة من أجل تمكينهم من تقديم مقترحاتهم بشأنها؛ مع تفادي توزيع بعض الناخبين من نفس الأسرة، أو من نفس مكان الإقامة، على مكاتب للتصويت مختلفة ومتباعدة من الدائرة"، مشددا على "مراجعة الآجال المتعلقة بنشر اللوائح الانتخابية والاطلاع عليها من طرف المواطنين والأحزاب السياسية وتمكينهم فعليا من إبداء ملاحظاتهم بشأنها". وبخصوص المقدسات والثوابت والرموز في الحملات الانتخابية، اقترح الحزب "تدقيق وإعادة النظر في الحالات التي تبطل الانتخابات بسبب حضور ما له علاقة بالمقدسات الدينية أو الثوابت والرموز الوطنية في الحملات الانتخابية". وحول الدعم المالي وتمويل العمليات الانتخابي، دعا إلى "التنصيص القانوني على إلزامية تعيين وكيل مالي لكل وكيل لائحة، وفتح حساب بنكي خاص بمصاريف الحملة الانتخابية؛ والتصريح بمصاريف الحملة الانتخابية لدى المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات حسب الحالة، داخل أجل 90 يوما من تاريخ الإعلان عن نتائج الاقتراع". كما اقترح "تعديل النصوص المتعلقة بتمويل الحملات الانتخابية ليشمل هذا التمويل فترة الإعداد للحملة الانتخابية (ثلاثة أشهر قبل الحملة)؛ وأيام الحملة الانتخابية، ويوم الاقتراع، وما بعد يوم الاقتراع، وكذا مصاريف المفوضين القضائيين والمحامين المتعلقة بتتبع الخروقات والطعون الانتخابية". من جهته، اقترح "البيجيدي"، "توسيع نمط الاقتراع باللائحة وفق أكبر بقية واعتماد عتبة 6% ، معتبرا أن من شأن تعميم نمط الاقتراع باللائحة أن يسهم في تعزيز دور ومكانة الأحزاب السياسية، ودعم التنافس بين البرامج والهيئات السياسية، بدل التنافس بين الأشخاص، خاصة وأن تجربة الانتخابات التشريعية والجماعية منذ 2002 قد أكدت أن ساكنة الوسط القروي قد استأنست بهذا النظام، بل إن حجم المشاركة في القرى هو أعلى منه في المدن. وفي هذا الإطار نقترح تعميم نظام الاقتراع باللائحة على الجماعات التي يتجاوز عدد سكانها 20000 نسمة. وبخصوص العتبة الانتخابية، ومن أجل تعزيز ترشيد وعقلنة الخريطة السياسية، اقترح العدالة والتنمية اعتماد عتبة 6 % في الدوائر المحلية التشريعية، والانتخابات الجهوية والجماعية، والاحتفاظ بعتبة 3 % بالنسبة لدائرة اللائحة الوطنية.