شكل مختبر مدينة ووهان الصينية محور جدل في الآونة الأخيرة مع اتهام الولاياتالمتحدة له بأنه مصدر فيروس كورونا المستجد، غير أن معهد الفيروسات الصيني هذا هو مركز لدراسة بعض أخطر العوامل المسببة للأمراض في العالم. وتحدث وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الأحد عن « أدلة هائلة » تثبت أن الفيروس الذي اجتاح العالم، تسرب من مختبر المدينة الواقعة في وسط الصين، حيث ظهر الوباء أواخر عام 2019. لكن بكين أكدت الأربعاء أن بومبيو « لا يمكنه تقديم أدلة » على ذلك « لأنه لا يملكها ». ووصف التلفزيون الصيني الحكومي الاثنين اتهامات بومبيو بأنها « أكاذيب »، فيما نددت منظمة الصحة العالمية بدورها ب »تكهنات » بدون دلائل. ويشير غالبية الباحثين في العالم إلى أن فيروس كورونا المستجد انتقل إلى الإنسان عبر حيوان. ويعتقد باحثون صينيون أن سوق ووهان هو مصدر العدوى إذ تباع فيه حيوانات برية حي ة. يدرس باحثو مختبر ووهان الأمراض الناجمة عن فيروسات. وقد أسهموا مؤخرا في اكتشاف المزيد عن كوفيد-19 منذ ظهوره في ووهان. وعلى مدى سنوات، أعد باحثو المعهد عشرات الدراسات والأوراق البحثية حول الصلة بين الخفافيش وظهور أمراض في الصين. ويؤيد العديد من الباحثين الرأي القائل بأن الخفافيش هي مصدر فيروس كورونا المستجد. ويعتقدون أنه انتقل إلى الإنسان عبر نوع آخر من الحيوانات، قد يكون البانغولان. والجدير بالذكر أن باحثي ن من هذا المعهد شاركا في 2015 بدراسة دولية إلى جانب العديد من الجامعات الأميركية، جرى خلالها تشكيل عامل حيوي مرضي بهدف تحليل التهديد الذي قد ينجم عن فيروس جديد مشابه للسارس. يملك المعهد أكبر مجموعة من سلالات الفيروسات في آسيا، عددها 1500 عينة مختلفة، وفق موقعه الإلكتروني. ويملك أيضا مختبر « بي4 » أي « أمراض الدرجة الرابعة » وهي الأكثر خطورة. وهذا النوع من المختبرات هو عبارة عن منشأة تخضع لحراسة مشددة وتحتوي على عينات من فيروسات معروفة مثل إيبولا. وفي العالم كله، يوجد نحو ثلاثين مختبر « بي4 » كلاس 4 باثوجين أو الدرجة الرابعة من مسببات الأمراض). وأنشئ مختبر « بي4 » في ووهان الذي افتتح في 2018، بتعاون مع فرنسا وبهدف تطوير استجابة سريعة لظهور الأمراض المعدية. ويحتوي المعهد منذ عام 2012 على مختبر « بي3 » (الدرجة الثالثة)، الذي يدرس عموما الفيروسات الأقل خطورة، مثل فيروس كورونا المستجد. من الصعب الإجابة عن هذا السؤال. تقول صحيفة « واشنطن بوست » الأميركية إن سفارة الولاياتالمتحدة في بكين، وبعد عدة زيارات للمعهد، حذرت السلطات الأميركية في 2018 من أن تدابير الأمن المتخذة في معهد ووهان غير كافية. ويؤكد المعهد أنه تلقى منذ 30 كانون الأول/ديسمبر الماضي عينات لفيروس مجهول ينتقل في ووهان (حدد لاحقا باسم سارس-كوف-2)، ليقوم بتحليل حمضه النووي في الثاني من كانون الثاني/يناير، ثم ينقل المعلومات المتوفرة لمنظمة الصحة العالمية في 11 كانون الثاني/يناير. ونفى مدير المعهد يوان زيمينغ في نيسان/ابريل نفيا قاطعا أن يكون مختبره مصدر فيروس كورونا المستجد. وفي مقابلة مع مجلة « سيانتفيك أميركان »، أكدت الباحثة شي زينغلي وهي من أبرز باحثي علم الفيروسات في الصين ونائبة مدير مختبر « بي4″، أن التسلسل الجيني لفيروس سارس-كوف-2 لا يتطابق مع أي من فيروسات كورونا الموجودة عند الخفافيش التي يجري دراستها في معهدها. يشير الباحثون إلى حقيقة غياب دليل يعطي مصداقية لفرضية تسرب من معهد الفيروسات في ووهان. كما لا يوجد دليل رسمي على أن مصدره هو السوق الذي يشتبه ببيعه لحيوانات برية حي ة. وأكدت دراسة صينية نشرت في مجلة « ذي لانست » في كانون الثاني/يناير، أن الشخص الذي يعتقد بأنه أول مريض بكوفيد-19، لم يكن على صلة إطلاقا بهذا السوق. ويقول البروفيسور ليو بون من جامعة هونغ كونغ إن المجتمع العلمي مجمع على أن الفيروس ليس من صنع الإنسان. ويدعو في الوقت نفسه إلى توضيح مصدره، مشيرا إلى أن « الأمر مهم للصحة العامة، لأننا نريد أن نعرف كيف حصل ذلك و(إذا استطعنا) أن نتعلم » من هذه التجربة.