فيروس كورونا، حرك قارحة الكتابة والتحليل والتفسير عند العديد من الكتاب، والمنظرين والفلاسفة، وعلماء الاجتماع حول العالم وفي المغرب، نظرا للتغير الذي خلفه وسيخلفه هذا الفيروس في الكون اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا. » إدغار موران عالم اجتماع وفيلسوف فرنسي، أكد في حوار صحفي، أن الدّرس الرّئيس الّذي يمكن استخلاصه من وباء « فيروس كورونا المستجِدّ أنّ العولمة هي ترابُطٌ وتشابكٌ فاقدٌ التّضامنَ. فممّا لا شكّ فيه أنّ مسار العولمة قد نتج عنه توحيدٌ تقنيّ- اقتصاديّ شمِل كوكبَ الأرض. بيد أنّ العولمة لم تُحرِز تقدّما في مجال التّفاهم بين الشّعوب. وأضاف موران انه منذ بدء مسار العولمة في تسعينيات القرن المنصرم، سادت الأزماتُ الماليّة واشتعل فَتيلُ الحروب. وقد أفرَزت المخاطرُ المُحدِقة بالأرض- ونقصد البيئة، والأسلحة النّوويّة والاقتصاد غير المنظَّم- مصيرا مشتركا بين البشر. غير أنّ البشر لم يَعُوا بهذه المخاطر. مؤكدا ذات المتحدث أن هذا الفيروس جاء ليجعل هذا المصيرَ واضحا جليّا بصورة فوريّة ومأساويَّة، وها نحن نشهد اليوم – في غياب التّضامن الدّوليّ، والمؤسّسات المشتركة الهادفة إلى اتّخاذ تدابير تكون في حجم الوباء المُستَشري- أُمَماً تنغلق على نفسها انغلاقا أنانيّا. » جاك أتالي، المنظر الفرنسي، وعالم الاجتماع، قال إن العالم لن يعود كما كان، إذ تنبأ أتالي في مقال له « بحدوث تغييرات عميقة سيشهدها العالم بأسره، تغييرات ستطالُ بنى العولمة التقليدية وتعيدُ تشكيل ثوابت المجتمعات الاستهلاكية الكبرى.كما تحدث أتالي عن ولادة « سلطة شرعيّة جديدة » غير مؤسسة على الإيمان أو القوة أو العقل، وإنّما على « التعاطف ». وفي هذا السياق، اعتبر حسن أوريد « جائحة كورونا تقييما زمنيا، كما كل التقييمات التي أشّرت إلى تغيرات جسيمة في تاريخ البشرية، كما سقوط روما، أو اكتشاف أمريكا، او أحداثا طبعت مخيال شعوب، يختلط فيها الواقع بالخيال أحيانا، كعام الفيل، أو عام الرمادة، أو ترتبط بحالات اجتماعية أو ظواهر طبيعية، من مجاعة أو أمراض أو زلازل أو احتلال أو انتصار. معطي منجيب المؤرخ المغربي، طرح إمكانية الاستفادة من الفيروس قائلا: « هل ستعطي جائحة بل كارثة كورونا نتيجة إيجابية للإنسانية، بعد أن قتلت منها الآلاف وبعد أن أدخلت الهلع على قلوب كل الناس في نفس الوقت وبكل الدنيا، وهذا يحدث بهذا الشكل الشامل والمتزامن والموعي لأول مرة في تاريخ البشرية؟ لا شك في ذلك. لكن الحكومات لايهمها هذا الجانب وهي محقة في ذلك فكل جهودها يجب أن تواجه الخطر الداهم. لكن سيكون من المفيد أن يركز بعض الخبراء وعلماء المستقبليات على استجلاء ما يمكن استخلاصه من دروس هذا الوباء المعولم وكيف تحويل الهلع المدمر الذي أحدثه إلى طاقة بشرية متجددة لخلق حضارة جديدة. »