على المغاربة من كورونا.. شعرت بالخوف لأنني رأيت ابتسامتك، تسبق خطابك خلال الندوة الصحافية بشأن فيروس كورونا. شعرت بالخوف لأن « لاكارونتين » معناها توفير فضاء لا يقل عن ال 300 متر مربع، وقد جاء على لسانكم أنكم قادرون على استيعاب ما يربو عن 600 حالة، فهل يعقل أن تكونوا قد حضرتم 600 معزل، إذا كان مرضى مغاربة يعجزون عن الحصول على سرير صغير للعلاج رفقة مرضى في قاعات مشتركة!! شعرت بالخوف وأنا أتابع كيف اتسعت ابتسامتك وأنت تردد « ماتخوفوش من كورونا.. عيشوا حياتكم طبيعية »، ودعني أراجع معك، إذا سمحت بعض الأرقام، لدينا خصاص في المهن المرتبطة بالصحة، تجاوز 97 ألف، يشكل الأطباء منهم 32 ألف، ولم يضمن قانون المالية لهذه السنة، أكثر من 4000 منصب ! هل أحتاج أن أذكرك أو يذكرك وزير الصحة، أن المغرب لا يتوفر إلا على 144 مستشفى، وأن 25 إقليم لا يتوفر على طبيب في القطاع الخاص، وأن أربع جهات لا تتوفر على مصحة خاصة ! هل أذكرك أننا لا نتوفر إلا على 400 طبيب متخصص في الانعاش؟ هل توقعت مثلا لو دخلت العديد من الحالات المحتملة لحمل فيروس كورونا غدا مرحلة الإنعاش، كيف ستتصرفون؟ هلا أخبرت المغاربة أن ال400 طبيب المتخصص في الإنعاش يتمركزون بين الدارالبيضاء والرباط؟ كيف ستتصرفون، حينما يصدمنا فيروس كورونا أو فيروسات أخرى، تهدد العالم والعلماء، يؤكدون أن البشر يفقدون مناعتهم البشرية يوما بعد آخر. هلا أخبرتهم كيف سنتصرف مع حالات في ارفود والراشيدية والريش وفي الحسيمة والزغنغن، وفي حاحا والشياظمة.. ! هلا أخبرتهم، أن كل مغربي لا يتخد الاحتياطات اللازمة، يكون كمن حمل رشاشا وأخذ يرمي كل من حواليه بالرصاص؟ هل قرأت كيف تعامل الاليزيه مع الوباء، وكيف حدد في بلاغه الإجراءات التي ستتخذها الدولة، إذا انتقل الخطر من المرحلة الف إلى المرحلة باء؟ شعرت بالخوف لأنني أعلم أن أول حالة اكتشفت في المغرب، لمغربي كان على متن طائرة تفرق ركابها إلى أكثر من مدينة، من ضمنها الجديدة والراشيدية، والتقوا عشرات المغاربة، وبدورهم التقوا بعدة أشخاص، وأن السيدة التي عادت من ايطاليا، نظمت حفلا حضره ثلاثون من جيرانها وجيرانها التقوا بجيرانهم. أشعر بالقلق، لأن الكثير من المغاربة يتعاملون باستخفاف مع علامات المرض، ولا يرون أي ضرر في الاستمرار في مصافحة الناس وهم يتنقلون في الأسواق والمساجد والتجمعات، وأنت تعرف ما معنى ذلك في بيئة عن فيروس، قد لا تظهر أعراضه على حامله، إلا بعد مرور 14 يوما.. أشعر بالخوف لأن علامات الوباء التي ظهرت على مغربي في كرواتيا نقله من مدينة طنجة، وهناك عشرات البواخر تقل عشرات الركاب، لا تظهر عليهم أي من علامات المرض، دون أن نتخد إجراءات صارمة لتطويق الوباء. أشعر بالخوف لأن معهد باستور في الدارالبيضاء، هو المختبر الوحيد الذي يستقبل لحد الآن الحالات المحتملة إصابتهم بفيروس « كورونا »، سواء في العيون أو الراشيدية أو الريش أو الحسيمة، وأن بعضها قد يصل منهكا وفي مراحله الأخيرة. أشعر بالقلق لأنك تبتسم ووضع المغاربة يثير البكاء، بما فيهم أولئك الذي سخروا من المرض، والذين قصدوا مستشفى الصوفي بعد ظهور أول حالة، بدعوى أنهم يريدون أن يعرفوا كيف تكون ! أشعر بالخوف لأنك لا تكف عن الابتسام في وجه مغاربة، لا يثقون في النظام الصحي، وتبتسم في وقت الشدة بدعوى عدم زرع الفتنة، فيما الفتنة الحقيقية، أن لا نستعد للوباء كما يجب. أخشى أن تقتل فينا الحق في الابتسامة والحق في الحب والحق في الحلم، حينما يستيقظ المغاربة ذات صباح على ضحايا بالجملة، فتجد الكراهية مكانا لها، وتحدث الفتنة فعلا في غياب الكمامات، واختفاء الصابون ونصطدم بالتهافت على الأسواق والخضار والفواكه.. وأشعر بالغضب حينما لم أسمع لحد الآن وزير الصحة، محدثا إيانا عن مختبر في جهة بني ملال، حيث كثافة القاطنين في ايطاليا، وأشعر بالخوف، لأنك لم تمنع الأسواق الأسبوعية، حيث يكتظ الناس ولم تمنع صلاة الجمعة خوفا على المصلين، لأسباب سياسوية وانتخابوية. أشعر بالحنق، لأنك تغرد بالطمأنة ودونما احتياطات صارمة، فيما المغرب الذي عاش فترات ضيق اقتصادية، أعلن عن الغاء العديد من التظاهرات السياسية والثقافية، مع ما يعني ذلك من توقف شريان الاقتصاد المعطوب أصلا، وخنق ترياق المهرجانات، الذي كان يضمن على الأقل بعض المهن الموسمية.. لقد عشنا محنا اقتصادية، وها نحن نعيش في ظل الحرب الضروس بين الصين وامريكا، وفي عز الانتخابات الامريكية التي تزداد معها تمظهرات الازمة السياسية الدولية، أضف اليها أزمة الجفاف التي أثقلت كاهل المغاربة، ولم يكن ينقصنا إلا الغاء المزيد من التظاهرات، ليكتمل مسلسل الاختناق… أشعر بالخوف لأن الحياة ها هنا رخيصة، واستغرب من يقاوم تأجيل وتجميد الأسواق الأسبوعية وصلاة الجمعة، اذا كان ما يهددنا يتجاوز الأزمة المالية والدينية، الى حياة البشر !!! لم اشك في حسن نواياك ولا نوايا مدير الاوبئة، ونوايا وزير الصحة، لكن ابتسامتك وعبارات الطمأنة تستفزني، فلدينا 5 ملايين مهاجر مغربي و800 الف في ايطاليا، وعدد الضحايا بهذا البلد مقلق، وأخشى أن نستيقظ ذات صباح على رقم فجائعي، وأن نكون أمام مائتي ألف حالة، و3000 ميت، وأمام غضب جماهيري يحرق الأخضر واليابس!