"خزان لاينضب" تلك حقيقة مكتب التسويق والتصدير الذي تنكشف كل يوم سلسلة جديدة من فضائحه. "فبراير.كوم" استمعت لمصادر مطلعة على خبايا المكتب، التي كشفت لها حقائق مثيرة.. لنتابع كيف بيعت عمارة باريس وأكادير ولماذا لم يتم الاستماع للمدير السابق؟ لم تتمكن لجنة تقصي الحقائق البرلمانية حول مكتب التسويق والتصدير من قول الحقيقة كلها بشأن ما جرى في هذه المؤسسة العمومية التي تعرضت للنهب. ربما يعود السبب إلى عدم تمكن اللجنة من الحصول على الوثائق والمعطيات من إدارة المكتب الحالية، التي تحججت بتلقيها رسالة من وزير العدل السابق الراحل محمد الطيب الناصري، الذي يعتبر أن فتح تحقيق قضائي في ملف مكتب التسويق والتصدير، يجعل تشكيل لجنة التقصي غير ذي موضوع (انظر رسالة الناصري التي تنشر لأول مرة). لكن مصادر برلمانية كشفت ل»فبراير.كوم» أن اللجنة التي ترأسها عبد الحكيم بنشماس، لم تكن لها الجرأة لقول كل الحقيقة، بخصوص الشخصيات التي عليها ديون لفائدة المكتب، ومنها شخصيات من حزبي الأحرار والبام. كما لم تكلف نفسها عناء استدعاء مسؤولين لازالوا أحياء يرزقون، مثل عبد العزيز الفلاحي، الذي تمت في عهده عمليات بيع ممتلكات المكتب، ولم تجرؤ على ذكر أسماء الشخصيات التي استفادت من بيع ممتلكات المكتب. شخصيات لم يذكرها التقرير من ضمن الشخصيات المدينة للمكتب، والتي لم يذكرها تقرير لجنة تقصي الحقائق حول مكتب التسويق والتصدير، هناك عضو اللجنة التنفيذية لحزب التجمع الوطني للأحرار» بوهدود بودلال» ، الذي توجد في ذمته حوالي 800 مليون سنتيم. ولفحل بن الشرقي، النائب البرلماني المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة الذي توجد بذمته مئات ملايين الدراهم. أما بخصوص علي قيوح، قيادي حزب الاستقلال، فإنه مدين للمكتب بمليار و200 مليون، وبما أنه لم يتم التوصل معه إلى تسوية فقد لجأ المكتب إلى القضاء، حيث يوجد ملفه ضمن الملفات المعروضة على المحكمة، وقد لجأ قيوح بدوره إلى القضاء ضد المكتب لأنه ينازع في قيمة الدين الموجود في ذمته. أما بخصوص اسماعيل قيوح، ابن أخ علي قيوح، فتشير المعطيات، التي كشفها قيوح نفسه، أنه ليست عليه أي مستحقات للمكتب بصفته الشخصية، وأنه سدد كل مستحقاته، لكنه، لم يذكر أنه بصفته رئيسا للتعاونية الفلاحية «الرميلة»، فإنه لازال لم يسو بعد ديون التعاونية لصالح المكتب، التي تصل إلى حوالي 300 مليون. والملاحظ، حسب مصادر برلمانية أن ثلاثة من أعضاء لجنة تقصي الحقائق البرلمانية هم فلاحون تربطهم علاقات مهنية مع المكتب، وبعضهم كانت عليهم ديون لصالح المكتب، و لهذا لم يكن من الجائز أخلاقيا أن يكونوا أعضاء في لجنة التقصي. وبالعودة إلى مستحقات مكتب التسويق والتصدير لدى الفلاحين فقد بلغت حوالي 216 مليون درهم، كانت عبارة عن تسبيقات لم يتم استرجاعها، منحت منذ عهد ثلاث رؤساء سابقين هم عبد الله لحلو، وكسوس، وعبد العزيز الفلاحي. وفي سنة 2004 تشكلت لجنة وزارية وقررت إعادة النظر في نظام التسبيقات، ودعت المكتب إلى توقيف منح هذه التسبيقات والبحث عن مصادر بديلة لتمويل الفلاحين. كما تقرر التعامل مع شركات مختصة في تحصيل الديون لأن مكتب التسويق لم تعد له الإمكانيات البشرية، لمتابعة تحصيل هذه الديون. في بداية أبريل 2008 تم إعلان طلب عروض لشركات تحصيل ديون المكتب، وتم إجراء مناقصة أدت لاختيار ثلاث شركات، منح لإحداها صلاحية تحصيل 20 مليون درهم فقط،. ويعود سبب عدم منح الصفقات للشركتين إلى إدعاء مسؤولين قانونيين في المكتب بأن هناك «شخصيات وازنة عليها ديون ويجب التريث»، يقول موظف سابق بالمكتب. وفي عهد الادارة الجديدة الحالية تم منح مستحقات المكتب للشركات الثلاث بالتساوي «دون اعتبار مالي أو سياسي أو اقتصادي»، يضيف المصدر نفسه. 150« ملف دين» أمام القضاء وتتوزع مستحقات المكتب البالغة مئات ملايين الدراهم على حوالي 2500 فلاح، منهم 2350 فلاحين صغار دينهم لا يتجاوز 15 ألف درهم، و 150فلاح يتراوح دينهم بين 1مليون درهم و5 ملايين درهم، والبقية فلاحون كبار تتعدى ديونهم 5ملايين درهم. في اجتماع للمجلس الإداري للمكتب في غضون سنة 2010، تم اقتراح صيغة لمعالجة إشكالية مستحقات المكتب وذلك بتصنيف هذه الديون حسب قيمتها، حيث تم اقتراح إعفاء 2350 فلاح صغير من ديونهم التي لا تتجاوز 15 ألف درهم، لكل واحد ومنهم، وقد تم الدفاع عن هذا المقترح بكون ديون هؤلاء لا تشكل سوى 4 في المائة من مجموع الديون، وأن تكاليف المحامين لتحصيلها قد تكلف المكتب مبالغ تفوق قيمتها، وفضلا عن ذلك عبر المكتب عن رغبته في استمرار التعامل مستقبلا مع هؤلاء الفلاحين ضمن التوجهات الجديدة للمكتب. أما بقية المدينين، فهما نوعان: الأول فلاحون يرغبون في مواصلة العلاقة مع المكتب، وتم اقتراح إعادة جدولة ديونهم، وتمديد مدة التسديد إلى 8 سنوات، حسب قيمة الدين مع الاكتفاء باسترداد الدين الأساسي بدون فوائد. والفئة الثانية، الفلاحون المدينون الذين لا يرغبون في مواصلة التعامل مع المكتب، وتم اقتراح إعادة جدولة ديونهم خلال 3 سنوات. وصادق المجلس الإداري الذي يوجد في عضويته وزراء التجارة والصناعة والمالية، والفلاحة والنقل على هذا الاقتراح. ومباشرة بعد ذلك تم منح ثلاث شركات صلاحية استخلاص جميع ديون المكتب بدون استثناء. وخلال سنة واحدة تمكن المكتب من استرجاع 12 مليون درهم، في حين تم التفاوض على تحصيل مبلغ 86 مليون درهم بحضور الفلاحين المدينين وشركات التحصيل. ونظرا لعدم التوصل إلى اتفاق مع مجموعة من المدينين، فقد لجأ مكتب التسويق والتصدير إلى القضاء، حيث فتح 150 ملفا، بقيمة تناهز 100 مليون درهم، وذلك باستشارة ومواكبة من الوكالة القضائية للمملكة. ومع ذلك لاحظ المجلس الأعلى للحسابات خلال افتحاصه لمالية المكتب، بأن وثيرة تحصيل الديون بطيئة، فتم اقتراح اللجوء إلى فتح الباب لشركات أخرى للتحصيل ووافق على ذلك المجلس الإداري للمكتب، لكن هذا القرار لم يتم تفعيله إلى اليوم، لأنه ينقصه الحصول على تأشيرة وزارة المالية. وحسب مصادر، فإنه لإيجاد حل جذري لملف مستحقات المكتب، وتتجه الإدارة الجديدة للمكتب إلى تسليم محفظة الديون إلى وزارة المالية من أجل أن تتولى استخلاص هذه الديون على غرار ما تقوم به في مجال تحصيل الضرائب، واتخاذ الإجراءات الجزائية في حق من يرفض تسديد ديونه. مسؤولية ولعلو والمشهوري وبخصوص فضيحة بيع ممتلكات مكتب التسويق والتصدير، فإن قرار البيع تتحمل مسؤوليته لجنة وزارية شكلت في عهد وزير التجارة والصناعة مصطفى المشهوري، ووزير المالية فتح الله ولعلو، حيث تم اتخاذ قرار بيع ممتلكات المكتب من أجل أداء مستحقات العاملين في المكتب في إطار المغادرة الطوعية، دون أن يتخذ القرار داخل المجلس الإداري للمكتب المخول باتخاذ مثل هذه القرارات. وتشير المصادر إلى أن هذه العملية أدت إلى بيع عدة ممتلكات بأثمنة زهيدة، حيث تم توزيع الملايير على المستخدمين والأطر في إطار المغادرة الطوعية، وأدى ذلك إلى إفراغ المكتب من خيرة أطره، وفي إطار هذه العملية، حصل حسن بنموسى المسؤول التجاري للمكتب بباريس على تعويض بقيمة 350 مليون سنتيم بالعملة الصعبة الأورو. والمثير أن المجلس الإداري للمكتب صادق على لائحة المغادرة الطوعية التي ضمت عددا كبيرا من أطر المكتب مما اعتبر حينها بمثابة «تصفية مقنعة للمكتب». وتوجه انتقادات لقرار بيع ممتلكات المكتب حيث كان ممكنا اللجوء إلى تمويلات أخرى لأداء تعويضات المغادرة الطوعية غير بيع ممتلكات المكتب. والملاحظ أن معظم عمليات بيع ممتلكات المكتب، تمت ما بين سنة 2002 و2008، وقد تحدث تقرير لجنة التقصي عن بعضها، لكنه لم يذكر تواريخ البيع، ولا الملابسات الحقيقية للبيع، في حين تقول مصادر إنه كان يمكن للجنة أن تستدعي مدير الوكالة العقارية للمملكة، للكشف عن ما تخفيه البيوع التي تمت لفائدة «الحيتان الكبيرة». كما لم يتم الكشف عن الشركات التي بيعت في عهد المدير السابق عبد الله لحلو في الثمانينات، بما فيها شركات المكتب بالخارج، والشركات التجارية للحوامض، فضلا عن الشركات التي بيعت في عهد الرئيس جسوس في التسعينات. وفضلا عن هذا فإن الممتلكات التي بيعت في عهد المدير عبد العزيز الفلاحي، ما بين 2002و 2008، لم تقدم بشأنها تفاصيل حول الأسماء المقنعة التي اقتنتها، وخاصة عمارة باريس، ومقر المكتب في أكادير، وأرض تمارة، ودار بوعزة، وحي المستشفيات وفيلا المحمدية. ولوحظ أن تقرير لجنة التقصي لم يذكر لا تواريخ البيع، ولا المستفيدين الحقيقيين منها. كما يلاحظ بأن تقرير اللجنة تجنب الإشارة ولو مرة واحدة إلى عبد العزيز الفلاحي، الذي تمت في عهده أكبر عمليات البيع، كما لم تستدعه اللجنة للاستماع إليه، وهو معروف بانتمائه لحزب التجمع الوطني للأحرار، علما أن التحقيق القضائي الذي فتح بشأن هذا الملف يركز على فترة الفلاحي حيث استمعت له الفرقة الوطنية. كما أن عمليات البيع صودق عليها من طرف المراقب المالي التابع لوزارة المالية، مما يجعل وزارة المالية التي كان صلاح الدين مزوار مسؤولا بها في ذلك الوقت مسؤولة عن التأشير على عمليات البيع. وتقول مصادر برلمانية إنه لو استدعت لجنة التقصي المدير السابق، عبد العزيز الفلاحي، لأمكن، مساءلته عن ملابسات تعيينه لشقيقه مديرا مساعدا في شركة سوكومار التابعة للمكتب براتب يصل إلى 165 مليون سنتيم سنويا إضافة إلى التعويضات، علاوة على تعويضات مبالغ فيها وجعله يستفيد من عقد عمل خيالي، ينص على أنه في حالة ما إذا أراد مغادرة عمله طوعيا فإنه يحصل على تعويض عن 18 شهر من العمل. والامتياز نفسه كانت تستفيد منه موظفة استفادت من بيع فيلا كبيرة بمبلغ زهيد بقيمة 100 مليون، والتي كانت تستفيد من عقد عمل خيالي.