لا يقل إثارة على المسرح السياسى المصرى من بهلوانيات الإعلامى توفيق عُكاشة إلا مُنافسه النائب البرلمانى السابق محمد أبو حامد، وهلع الإخوان المسلمين! وقد شغل هذا الثلاثى معاً الساحة العامة خلال الأسابيع الأخيرة.. حيث دعا النائب محمد أبو حامد إلى مُظاهرات احتجاجية على انفراد الإخوان بالسُلطة الكاملة فى مصر المحروسة. وهناك بالطبع من يُشاركون النائب محمد أبوحامد والإعلامى توفيق عُكاشة هذا الامتعاض من احتكار الإخوان للسُلطة فى مصر. وعلى وجه الخصوص حينما امتدت أيديهم إلى القوات المُسلحة وإلى جهاز الشرطة، فهاتان المؤسستان هما أبرز قلاع ما يُسمى فى أدبيات العلوم الاجتماعية «الدولة العميقة»، كما يحلو للإخوة الأتراك أن يُطلقوا عليها. وقد تأكد الاختراق الإخوانى هذا مع قرار الرئيس الإخوانى الدكتور محمد مُرسى بإحالة القائد الأعلى للقوات المُسلحة المُشير حسين طنطاوى، ورئيس الأركان الفريق سامى عنان إلى التقاعد، وقبلها تعيين د. هشام قنديل، ذى الميول الإخوانية، رئيساً للوزراء. صحيح أن كل هذه القرارات من صميم السُلطات الدستورية لرئيس الجمهورية. وربما كان هناك تذمّر مكتوم فى القوات المُسلحة من الخدمة المُمتدة لوزير الحربية والقائد العام للقوات المُسلحة، التى تجاوزت عقدين من الزمان. بينما التقاليد العسكرية المُستقرة فى معظم جيوش العالم هى تغيير القيادات العُليا «من رُتبة (لواء) فما أعلى» كل ثلاث سنوات. والحكمة فى ذلك هى إفساح المجال لدماء جديدة فى تلك المواقع، بما ينطوى عليه ذلك من مواكبة للتطور فى تكنولوجيا الأسلحة، وأنظمة الإدارة للقوات المُسلحة. وقيل إن القيادات الجديدة التى عيّنها الرئيس مُرسى، إذا لم تكن «إخوانية» تنظيمياً، فهى مُتعاطفة مع الإخوان المسلمين، وتجمع بعضهم علاقات قرابة أو مُصاهرة مع بعض قيادات الإخوان! ويبدو أن النائب محمد أبوحامد، الداعى لمُظاهرة 24 و25 أغسطس قُرب القصر الجمهورى، وأمام مقار الإخوان المسلمين فى القاهرة وعواصم المُحافظات، بل حتى فى القرى، يُريد أن يطلق صيحة تحذير ضد استئثار واحتكار الإخوان المسلمين للسُلطة، وضد الخطر الزاحف من «الرأسمالية الإخوانية»، التى بدأت فى مُخطط طموح للاستحواذ على موارد البلاد، فقد تناقلت مصادر قريبة من المهندس خيرت الشاطر، رجل الأعمال الإخوانى، أنه وشريكه حسن مالك، قد استحوذا بالفعل على سلسلة أسواق «مترو Metro»، وكذلك شركات إخوان منصور، وأهمها توكيل «منصور شيفروليه». إن جزءاً من هذا المُخطط، هو مُمارسة ضغوط مُباشرة وغير مُباشرة على كبار ومتوسطى أصحاب الأعمال غير الإخوانيين، لتصفية أعمالهم والهجرة إلى خارج البلاد، وينتهزون هم الفرصة للاستحواذ على هذه الأعمال بأبخس الأثمان. وقد كانت هناك سوابق مُشابهة فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى، ففى الخمسينيات جرى الضغط على أصحاب الأعمال الأجانب والمُتمصرين «الشوام والجريك والطليان»، أولاً، من خلال قوانين «التمصير»، أى اشتراط ملكية نصف كل شركة لمصريين، أباً عن جدّ، ثم فى ستينيات نفس القرن، أصدر الرئيس عبد الناصر قوانين «التأميم»، أى استحواذ الدولة على هذه الشركات سواء كانت ملكيتها للأجانب أو للمصريين. وما يفعله الإخوان الآن، لا هو «تمصير»، ولا «تأميم»، فهم لا يعترفون لا بمفهوم الوطن ولا بمفهوم القومية «NationState»، إن ما يفعلونه هو «أخونة» كل المؤسسات العامة، ثم الخاصة أى غزوها بعناصرهم، أو شراؤها لحساب أعضاء الجماعة. وبما أن الأعضاء يلتزمون بمبدأ «السمع والطاعة»، فإن مكتب الإرشاد، الذى يقود الجماعة، يكون هو المالك الفعلى لكل ما يستحوذ عليه أعضاء الجماعة. أى أن الإخوان بعد أن اختطفوا «الثورة»، يُريدون الآن اختطاف «الثروة»، تمهيداً لاختطاف «الوطن»، أى مصر كلها، لكى تكون «إمارة» أو «ولاية»، فى «دولة الخلافة»، التى يحلمون بها، ويُخططون لها، وتشمل العالم الإسلامى كله- من إندونيسيا شرقاً، إلى نيجيريا غرباً، وبذلك يلتئم شمل «الأمة»، التى هى فى مفهومهم أمة «مسلمين»، أى أن المواطنة فيها تكون على أساس وحدة «الدين»، وليس كما هو الآن على أساس محل الميلاد، ووحدة اللغة والثقافة. هذا كله هو ما يجعل كثيرين، ومنهم النائب محمد أبوحامد، يتوجسون من الزحف الإخوانى على أرض مصر، وشعبها، ومؤسساتها، ويُريدون بمُظاهرات يومى 24 و25 أغسطس إطلاق صفارات الإنذار لهذا الخطر المُستطير. إن النائب محمد أبوحامد، ومن يؤيدون دعوته، يؤمنون بأن مصر وطن لكل أبنائها، بالتساوى فى الحقوق والواجبات، بصرف النظر عن الدين، أو الجنس، أو المُعتقد السياسى، وهو بهذه الدعوة يُريد تذكير المصريين بالأسس التى قامت عليها «مصر الحديثة»، منذ محمد على إلى سعد زغلول، وجمال عبدالناصر، وأنور السادات، وحسنى مُبارك. ويرى النائب «أبوحامد» والمُنظمون لسلسلة المُظاهرات والاعتصامات، أمام وحول مقار الإخوان، وسيلة لإثنائهم عن غيهم ومُخططاتهم لاختطاف الدولة والمجتمع فى مصر المحروسة. فلندعم دعوة النائب المُثابر محمد أبوحامد، ولندعُ الله أن يحفظ مصر من كل سوء. آمين. وعلى الله قصد السبيل.