جرح نحو 400 شخص في لبنان خلال مواجهات مساء السبت بين متظاهرين وقوات الأمن في بيروت، في أعنف يوم منذ بدء الحركة الاحتجاجية في هذا البلد الذي يشهد أزمة إجتماعية وإقتصادية وسياسية. وأطلق المحتجون على شبكات التواصل الاجتماعي دعوات جديدة للتظاهر الأحد بالقرب من المجلس النيابي حيث جرت صدامات السبت في وسط العاصمة اللبنانية، بالقرب من ساحة الشهداء، مركز التظاهرات المناهضة للسلطة منذ انطلاقها في 17 تشرين الأول/اكتوبر. واندلعت المواجهات بين المحتجين وعناصر شرطة مكافحة الشغب في هذا القطاع من وسط بيروت، وسط انبعاث الغازات المسيلة للدموع التي اطلقتها قوات الأمن بكثافة لتفريق المتظاهرين وصفارات سيارات الإسعاف. واستخدمت قوات الأمن أيضا خراطيم المياه والرصاص المطاطي فيما رشق المتظاهرون عناصرها الحجارة، وفق مصور وكالة فرانس برس. وبثت محطات تلفزيونية محلية شهادات عائلات أصيب أولادها، وأعمار بعضهم 18 عاما، بالرصاص المطاطي في عيونهم، كما انتشرت هذه الشهادات على تويتر. وصباح الأحد، عاد الهدوء إلى الحي الذي يحرسه عدد قليل من عناصر قوات الأمن، فيما تحلق متظاهرون حول نار ليتدفؤا تحت مطر خفيف. وقال علي (34 عام) الذي فقد أمتعته الشخصية عندما أحرق مهاجمون مجهولون خيم المتظاهرين في اليوم السابق، إن « الاعتداء لم يؤخرنا بل جعلنا أقوى وسنستمر بطاقة أكبر ». وبحسب حصيلة وضعتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام للصليب الأحمر اللبناني والدفاع المدني، تمت معالجة 377 شخصا في المكان أو نقلوا إلى المستشفيات في أعقاب صدامات في محيط البرلمان وساحة الشهداء. واعلنت المديرية العامة للدفاع المدني اللبناني أن « عناصر الدفاع المدني قدموا الاسعافات الاولية اللازمة إلى 114 جريحا تعرضوا لإصابات طفيفة وضيق في التنفس اثر ما شهدته منطقة وسط بيروت » بينما « نقل 43 جريحا الى مستشفيات المنطقة لتلقي العلاج اللازم ». واعلن الصليب الأحمر اللبناني أنه نقل أكثر من ثمانين شخصا إلى مستشفيات وتمت معالجة 140 آخرين في المكان، حسب ما ذكر ناطق باسم المنظمة، موضحا أن الجرحى هم من المتظاهرين ومن قوات الأمن. وذكرت قوى الأمن الداخلي من جهتها في تغريدة أن « الحصيلة النهائية لأعمال الشغب والتعديات على عناصر قوى الأمن في المواجهات ليل أمس 142 عنصرا من قوى الأمن الداخلي ضمنهم سبعة ضباط، منها 3 إصابات بالغة (كسور في الجمجمة….) ». وبدأت اعمال العنف مساء السبت في أحد الشوارع الرئيسية المؤدية إلى البرلمان في وسط بيروت، إذ هاجم محتجون عناصر شرطة مكافحة الشغب المتمركزين خلف حواجز وأسلاك شائكة. ورشق المتظاهرون، وبعضهم ملثمون، القوات الأمنية بالحجارة ولوحات مرورية وأغصان أشجار، وحاول عدد منهم تخطي الأسلاك الشائكة. واستخدمت شرطة مكافحة الشغب خراطيم المياه وأطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين. وأعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش أنه « ليس هناك أي مبرر لاستخدام قوات مكافحة الشغب القوة المفرطة ضد متظاهرين سلميين إلى حد بعيد ». واتهم نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش مايكل بايج عناصر الشرطة ب »إطلاق الرصاص المطاطي على عيون » المتظاهرين، مطالبا السلطات « بوضع حد لثقافة الإفلات من العقاب عن تجاوزات عناصر الشرطة ». تم تداول تسجيل فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر تعرض موقوفين للضرب خلال خروجهم من آلية لسوق السجناء في ثكنة الحلو. وتعقيبا على هذا التسجيل، أعلنت قوى الأمن الداخلي في تغريدة فتح تحقيق في الحادث. وأضافت أنه « سيتم توقيف اي عنصر اعتدى على الموقوفين ». وتم توقيف حوالى ثلاثين شخصا لكن النيابة أمرت بالإفراج عنهم، حسب ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية. واستعادت التظاهرات غير المسبوقة في لبنان زخمها هذا الأسبوع في خضم أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990). وشهد يوما الثلاثاء والأربعاء مواجهات عنيفة بين قوى الأمن ومتظاهرين أقدموا على تحطيم واجهات مصارف ورشق الحجارة باتجاه القوى الأمنية التي استخدمت بكثافة الغاز المسيل للدموع. ويطالب مئات آلاف اللبنانيين الذين ملأوا الشوارع والساحات منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر برحيل الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد ويحم لونها مسؤولي ة تدهور الوضع الاقتصادي ويتهمونها بالعجز عن تأهيل المرافق وتحسين الخدمات العامة الأساسية. وهم يدعون الى تشكيل حكومة اختصاصيين تنصرف الى وضع خطة إنقاذية. وبعد أسبوعين من انطلاقها، قد م الحريري استقالته تحت ضغط الشارع. وتم تكليف الأستاذ الجامعي والوزير الاسبق حسان دياب، بدعم من حزب الله وحلفائه، تشكيل حكومة جديدة تعه د أن تكون مصغرة ومؤلفة من اختصاصيين، تلبية لطلب الشارع. إلا أن دياب لم يتمكن حتى الآن من تشكيل حكومته. وكتب الحريري في تغريدة « هناك طريق لتهدئة العاصفة الشعبية. توقفوا عن هدر الوقت وشكلوا الحكومة وافتحوا الباب للحلول السياسية والاقتصادية ». وحذر البنك الدولي من أن معدل الفقر قد يصل إلى 50 بالمئة من السكان، بالمقارنة مع ثلث السكان حاليا. وكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش على تويتر « يوم آخر بدون حكومة، ليلة أخرى من العنف والمواجهات ».