مللنا في وطني الاحتجاجات والمطالبات، اختنقت أصوات الحناجر، مرّت عهود تفنّن خلالها الحكام والغزاة السير على جثثنا. هشّموا أحلامنا، خبِرنا أصول التعبير والتظاهر وعدم الانصياع، أحرار ولدنا وكنا بعد كل انتفاضة مسيرة تشويه، نصفّق لنصر حققناه تعقبه صفقة، صفعة سياسية تردينا بكماء، تشل حماسنا، نتقوقع في ردهة المعارضة الخرساء مرة بعد مرة حتى اضحينا سجناء أفكارنا وذوي احتياجات خاصة يلوّح علينا بالاصبع من المحيط الى الخليج: هؤلاء مجانين التعبير والتحرير... حرام. اليوم نعاني غيبوبة سياسية وشعبية والجوار يلعب أدوار أمسنا السيادية، نقلنا لهم عدوى الحرية، اقتدوا بشعاراتنا وتبنوا القضية، كنا البداية والقدوة ولهم مرّرنا شعلة الغضب والتمرد على قياداتهم البربرية. خرج الصمت العربي من القمقم صارخاً أينك يا حرية؟ أسقطي أنظمة اللّجم، قيّدي مخالب العبودية. اليوم نشاهد فوراتهم نتابع ونترقب العملية، نستذكر أمجادنا البطولية، رائحة البارود ما زالت تعبق في أنوفنا، أنين الجرحى، كوابيس ليالينا، دماء شهدائنا ساخنة، تغلي حرقة فقدانهم أبداً في عروقنا، صيحات الارامل لوحات حسرة نصب أعيننا وهياكل الدمار راسخة في مخيلتنا... شريط الآلام جراحات لا تندمل تعبر في بث متواصل، لكن الحقد ليس من شيمنا. لن ننسى ولكن تعلمنا وسامحنا لكي نبقى الأمثولة والوطن الرسالة، لبنان الصابر على جرحه فيطيب ويعود ليرفرف كطير الفنيق. ما عسانا نقول لأشقائنا الاحرار الناقمين؟ نجّنا ربّي من الشماتة فلنا ولهم يوم الدين، نجّهم من الحروب الاهلية، من الصراعات المناصبية، فكّ عنهم لعنة الطائفية، أشح عنهم وباء التعصب المذهبي والاصولية، ارفع عنهم مكارة التدخلات الاجنبية. اقبل ربي أدعيتي من قلب عانى منذ نبضته الأولى شتّى النزاعات الدموية...أدعو لهم باسم وحلم الوحدة العربية النصر وغلب الديكتاتورية وخلع الانظمة العسكريتارية، واذا ما كانت الحياة دولاب داسنا بالامس ويعدو ليهرس آخرين، ابعد عنهم ربّي هذه الكأس التي لطالما اجترعنا مرّها من اياديهم، نحن سامحنا فاغفر لساستهم ولا تدخل شعوبهم في التجربة. فلتجمعنا روح الصفح والتعاون ونعيش أخوة لأمّة واحدة فلربما يتحقق بعد اندثار مصاصي الدماء حلم الشباب العربي ببلاد حرّة مستقلّة، حضارية وأوطان تأوي أبناءها بدل تهشيلهم بدمغة لاجئين أو مهاجرين مبعثرين في مجاهل الغربة.