انتقلنا إلى الشارع أكثر من يوم نهار شهر رمضان. راقبناهم عن كثب. اقتربنا منهم ومنهن، المتحرشون والمتحرش بهن، وننقل اليكم حصيلة روبرتاج عاين ورصد ووضع مكبوثات في مجهر الباحث الاجتماعي. "آ الزين" .. "الغزالة" .. "عيقتي .. دوي معنا" .. "راكي زينة" .. "واخا عطينا غير التليفون .. ومورا لفطور نتلاقاو"... ليست هذه مشاهد افتراضية في عالم مجهول، ولكنها الحقيقة التي نعيشها كل يوم، في رمضان وخارج رمضان، لا يهم، الكثير من الفتيات، ولا تنتبهوا كثيرا إن كن جميلات، وسيمات، بيضاوات، نحيفات، مكتنزات، مشاهد التحرش لا تؤمن بهذه المعايير، وتستمر في مختلف الأماكن العمومية، في الشارع وفي الأسواق والإدارات وحافلات النقل ... وحتى على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي. "فبراير.كوم" ترصد ظاهرة التحرش بالفتيات والنساء في واضحة النهار في هذا الشهر الجليل، وتنقل تفاصيلها على لسان فتيات كن عرضة لها، هذا يبحث عن رقم هاتفها، والآخر يريد التعرف عليها، ؟؟والاثنين يلتقيان في الرغبة في قضاء ليلة حمراء. " لا يهم إن كنا في فترة صيام، التحرش لا يتوقف" تقول لمياء، فتاة شقراء، وهي ترتدي جلبابا خاطته خصيصا لهذا الشهر وتضع شالا يغطي جزءا من شعرها، تشتغل بأحد مراكز النداء، ثم تضيف " كثيرا ما تعرضت للتحرش من بعض الشباب والرجال خلال هذا الشهر الفضيل" مؤكدة أن " الجميع يبحث عن إشباع رغباته الجنسية لكن لكل طريقته الخاصة، فهذا يتودد بلطف للحصول على رقم هاتفي وآخر يتغزل في أناقتي وجمالي"، فكيف تتصرف لمياء في مثل هذه المواقف المثيرة؟ يتساءل "فبراير.كوم" ثم تجيب لمياء وبسرعة شديدة "ليست هناك طريقة موحدة للتعامل مع كل هذه المواقف، فهذا "كنْميك عليه كأنه يخاطب صنما" والآخر أحاول التهدئة من روعه"وا الخاوا وا نْعل الشيطان .. راه رمضان هذا .." حكايات فتيات والتحرش في رمضان ليست لمياء وحدها من تعاني ظاهرة التحرش في شهر رمضان الذي هو شهر الإيمان والعبادة، وجل الفتيات، لا تخفين تعرضهن للتحرش في واضحة النهار في هذا الشهر، وهو ما حدث مع سعاد، الشابة في عقدها ثاني، الموظفة بأحد مكاتب المحاسبة، والتي لم تخف تعرضها في كثير من فترات رمضان إلى التحرش من قبل بعض الشباب: "كثيرا ما أصادف شباب لا يتوقفون في التحرش بي، في رمضان وخارج رمضان" تقول سعاد ثم تتذكر ما حدث يومها " فجأة نزل من سيارته، ثم توقف بالقرب مني، في نفس الوقت الذي كنت أنتظر فيه صديقتي، تقدم خطوة ثم خطوتين، ثم مدَّ يده للمصافحة، فمددتُ يدي تفاديا للإحراج"، وتتابع سعاد حديثها وهي تسر لنا أنها في هذه اللحظات بدأت تحس بنوع من الانزعاج، خصوصا حينما تجرأ صاحبنا وطلب التعرف عليها، فلم تستطع سعاد الصمود كثيرا، فصرخت في وجهه ثم انصرفت، لكنه لم يكترث وظل يلاحقها بنظراته التي تكاد تلتهم كل أطراف جسدها وكلماته تنخر عنفوانها"عوينات عندك .. حشومة عليك تحرميني منهم". لم تقف حكاية صاحبنا مع سعاد هنا، حيث استمر في ملاحقتها أمام الملأ وفي الشارع العام، لا يهم إن كان الشهر شهر عبادة، الأهم لدى صاحبنا هو الحصول على موعد بعد الإفطار، لكن صاحبنا لم ينتبه إلى أن سعاد سئمت من مشهد الملاحقة المقزز، ففقدت أعصابها، ثم رمت بببعض التوابل التي كانت تحملها على وجهه. قلنا إن الكثير من الفتيات يتعرضن للتحرش، وسعاد ليست إلا نموذج، ولا فرق بين المتعلمة وغير المتمدرسة، المتزوجة والعازبة، الشقراء والسوداء، النحيفة والمكتنزة، ونادية، الطالبة الجامعية تعرضت بدورها للتحرش الجنسي خلال أيام رمضان، والغريب في الأمر كما قالت ل"فبراير.كوم" أن التحرش بها حدث مع اقتراب آذان المغرب، فلنستمع لها:" لم يفارقني بنظراته منذ أن توجهت قاصدة السوق، كان يحصي أنفاسي، وقد انتظر إلى حين عودتي إلى المنزل، فاستوقفني عنوة ليهمس في أذني أنه معجب، ولا أخفيكم أنني حاولت التنصل منه، لكنه ظل مصرا على التعرف علي، ولذلك أعطيتُهُ رقم هاتفي". هكذا انتهت حكاية نادية التي لم ترد على العشرات من المكالمات الهاتفية لصاحبنا المعجب، لكن ليست كل حكايات التحرش تنتهي هكذا، وما يحدث مع الشابة الوسيمة رجاء يختلف كثيرا عن ما جرى مع سعاد ونادية، وليس وجه الغرابة في اختلاف حكاية نادية عن باقي زميلاتها ليس إلا إصرارها على أنها لم يسبق أن تعرضت للتحرش، لماذا؟ " لأنني غالبا ما أكون بالسيارة، فلا أتعرض للتحرش سواء في رمضان أو غيره"، تحسم رجاء الموقف دون أن تخفي أن الكثير من رفيقاتها يعشن ويلات التحرش كل يوم، وهو ما حدث بالضبط مع إحدى صديقاتها التي أخبرتها أنه في الوقت الذي كانت تنتظر فيه الحافلة للتوجه إلى المنزل، توقف بالقرب منها شاب حاول التعرف عليها، ثم طلب منها رقم هاتفها، ووعدها، إن هي فعلت، بالاتصال بها بعد الإفطار بدل قبل الإفطار، ولذلك بالضبط اضطرت إلى تغيير مكانها والوقوف بالقرب من بعض الركاب، فالقضية بالنسبة لرجاء لا تتعلق بلباس الفتاة وهو في اعتقادها المشجب الذي يعلق عليه الكثير من الشباب تبريراتهم للتحرش بالفتيات، ودليلها على ذلك أنه حتى اللواتي تلبسن "لباسا إسلاميا"، على حد قولها، يتعرضن لأقبح ممارسات التحرش الجنسي. يحدث هذا في الشارع وأمام الملأ وفي واضحة النهار وفي شهر رمضان، وليس هناك فرق بين هذا العالم الحي والعالم الافتراضي بمواقع التواصل الاجتماعي، إلا في بعض التفاصيل، حيث التعليقات والصور المنشورة بالفايسبوك والمنتديات تؤكد أن الظاهرة تغزو العقول في عز رمضان."فاتي" مثلا، ولا يهم إن كان هذا اسمها الحقيقي أو لا، والأهم أنها حينما استيقظت في أحد أيام هذا الشهر الجليل، وبالضبط حينما فتحت حسابها على الفايسبوك فوجئت بأحد الأصدقاء يغازلها" لم يكثرت لمآخذاتي له حينما ذكرته أننا في شهر رمضان، فواصل تحرشاته المبتذلة، ولذلك حذفتُ اسمه من قائمة الأصدقاء".