في تجريم الغباء، لست خارجا عنك أيها القانون، أو على الأقل، بوصفي رجل قانون لا يليق به إلا إنكار ذلك، لكني أرى أنه ينبغي لك أن تكون متسامحا، وأن يتسع صدرك، ويقبل بالأخطاء التي قد نرتكبها بحسن نية، ما دامت، أخطاؤنا هذه، لا تؤذي أحدا ولا تمس بحرية أحد. إن سياسة التجريم -سيدي القانون- مبنية على تحديد الأفعال التي تضر بمصالح الأفراد وتهدد المجتمع واستقراره، ولا أظن أن المجتمع يتضرر، إذا تخفى بالغين برضاهما عن الأعين، واستجابا لنداء الطبيعة بداخلهما، فما يفعلانه هو أمر طبيعي يمارس في كل ركن وكل ثانية، وقد مورس منذ بداية الخلق بعفوية، قبل نشأة الشرع والقانون، وسيستمر الناس في ممارسته -إن في إطار الشرع والقانون أو خارجهما- مادامت الحياة مستمرة في الحياة. إن الفارق بين من يمارس الجنس داخل إطار الشرعية ومن يمارسه خارجه، أن الأول قد يهدف بفعله إلى إكثار سواد الأمة، أما الثاني فيحرص على تجنب ذلك، وكليهما لا يضيراني كفرد داخل المجتمع في شيء، كما أن فعلهما لا يضير المجتمع، ولا يهدد سلمه الاجتماعي ولا أمنه القومي. إن ما يضيرني حقيقة ويضر المجتمع، ممارسة الغباء من طرف البعض، غباء دفع بهم لتجنيد البصاصين لفضح استجابة رجل وامرأة لنداء الطبيعة في السر، ويجتهد في كشف حرصهما على ألا يكون لفعلهما ذاك ثمرة تمشي على الأرض، ويمعن في الغباء، رصدا لكل التقنيات التي يمتلكها، لضبط حيوان أبله بقي عالقا برأسه الغليظ على قطعة قماش، أو بويضة مسكينة أصابها حيوان طائش -رغم جودة الواقي الذكري بالخصب، فبقيت عالقة بين المبيض والمهبل، متخلفة عن موعدها مع الفوطة ذات الأجنحة. ثم ما يحرجني في بلدي الخروج ببلاغ عن علاقة أقيمت عند الحدود الفاصلة بين الشرع والقانون، علاقة تم تهريبها -عنوة- من حضن القانون الدولي الخاص، إلى حضن القانون الجنائي. ما الذي جنيناه من فتحه المبين هذا، وما أعقبه من بلاغات، وما انتشر من فيديوهات، وما تلى ذلك من تعليقات، ثم ما الذي تحقق بصدور الحكم بالإدانة ورفع الشارات، سوى أننا وٌصفنا بدولة قمع الحريات. سيدي، نحمد الله أن حكمة الملك، الذي تدخل بعفوه السامي لينقذ ماء وجه المملكة، لكن، سيدي، ألم تقرأ في هذا العفو رسالة إدانة ضد هذا الغباء، فما معنى أن تقوم أجهزة الدولة بضبط فعل، وتقديم مرتكبيه إلى القضاء، ثم يتدخل الملك لينهي هذا العبث، قبل أن تنتهي فصول المحاكمة. لذلك سيدي القانون أرى، أنه من الأليق بحكمتكم، أن ترفعوا التجريم عما أسماه عادل إمام في فيلم الأفوكاتو « ممارسة الحياة الطبيعية »، وأرى أنه حان الوقت لتجريم الغباء العلني البين المضر بالمجتمع، فما عاد لنا قدرة على تحمل كل هذه البلادة. كما اقترح ألا تكتفي بتجريم الغباء، بل وجب تجريم المشاركة فيه والتحريض عليه، أوليس من الغباء، وقوف بعض الحقوقيين موقف المتشفي؟ ألا تنطبق هذه الأوصاف على البليد الذي رفع صوته مصرحا، أن العفو، وإن أوقف سير إجراءات الملف، فهو لم يمحو الجريمة عن الفعل، ألم يكن من الأجدى -خدمة لقضية الحريات- الركوب على الحدث، وما اثاره من لغط، للبرهنة على عدالة قضية الحريات، واستقطاب من كان بالأمس يقف ضدها، بعدما أضحى اليوم أكثر الناس تضررا، وبعدما تيقن أن أجهزة المراقبة تقف بالمرصاد تتربص ببويضاته ونطفه، وأن حركة هذه الكائنات الصغيرة تستغل لتصفية الملفات الكبيرة. سيدي القانون أنا لست من الخارجات على القانون، لأنه لا يليق بي كرجل معتز بفحولتي، حمل تاء التأنيث الساكنة، ولا أن أجتمع معهن في صيغة جمع المؤنث السالم، كما لا يليق بي – كرجل قانون – الاعتراف بخروجي على القانون، لكن من باب وطنيتي والغيرة على بلدي، أشكو إليك تفشي ظاهرة الغباء، وأصرخ كما صرخ أحمد زكي مترافعا أمام المحكمة، في فيلم ضد الحكومة » سيدي الرئيس لست صاحب مصلحة خاصة، وليس لدي سابق معرفة بالأشخاص الذين أطالب بمساءلتهم، لكن لدي علاقة ومصلحة في هذا البلد، لدي مستقبل أريد أن أحميه. سيدي الرئيس انا ومعي المستقبل كله، نلوذ بكم ونلجأ إليكم فأغيثونا أغيثونا » لك الله يا وطني.