دعا الملك في خطاب 13 أكتوبر سنة 2017 بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان الحكومة والبرلمان بما تمثله من أحزاب سياسية إلى إعادة النظر في نموذجنا التنموي لمواكبة التطورات التي تعرفها البلاد. وأكد الملك خلال خطاب العرش لسنة 2018 مرة أخرى على أن حجم الخصاص الاجتماعي، وسبل تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية، من أهم الأسباب التي دفعت للدعوة، إلى تجديد النموذج التنموي الوطني، ليعود الملك ويجدد الدعوة في خطاب العرش ل 2019 لمراجعة وتحيين النموذج التنموي الذي أبان عن عدم تلبية الحاجيات المتزايدة لفئة من المواطنين، وعلى الحد من الفوارق الاجتماعية. وبناء عليه أصبحت الأحزاب وعدد من المؤسسات، مطالبة بصياغة مشروع نموذج تنموي يرقى إلى تطلعات الملك وطموحات المغاربة. وفي هذا الصدد يقول المحلل السياسي خالد الشرقاوي السموني ل « فبراير »، لقد « فشلت أحزاب الائتلاف الحكومي في صياغة نموذج تنموي لعدم تمكنها من الاتفاق على رؤية مشتركة »، موضحا » أننا بحاجة إلى تعبئة عامة لتصميم نموذج تنموي جديد يتماشى مع المتغيرات المجتمعية ويساير الأوليات الاقتصادية والاجتماعية باعتبارها الركائز الأساسية للنموذج الذي نتطلع إليه، علما بأن النموذج التنموي السابق أثبت فشله في تلبية توقعات المواطنين من تقليل الفوارق الاجتماعية والاختلافات الإقليمية وتحقيق العدالة الاجتماعية « . وأرجع فشل النموذج السابق إلى انغلاق الأحزاب والفئات المعنية على نفسها أثناء صياغته، في حين أن الواقع يوجب الانفتاح واستقطاب الكفاءات في جميع التخصصات الاقتصادية؛ القانونية؛ السياسية؛ في العلوم التجريبية؛ الطب؛ الصيدلة والفلاحة وغيرها، وهو الشيء الذي أكد عليه الملك في خطابه الأخير، لأن الكفاءات الشابة هي القادرة على بلورة تصور يتماشى مع ما تقتضيه المرحلة الراهنة. وأبرز الشرقاوي « أن المشروع التنموي الجديد يقضي إعمال مقاربة تشاركية بانخراط كافة الفاعلين المدنيين والمؤسسات العمومية والمقاولات، ثم تفعيل الحوار والتفاعل، لأن الحزب لوحده لا يمكن أن يعمل بأخذ ورقة وقلم وتسجيل الأفكار بل يجب الانفتاح على المحيط الخارجي » وركز المتحدث نفسه، على أن « الأحزاب يجب أن تنفتح على الكفاءات لأن الهدف من هذا الانفتاح جمع أفكار متنوعة ومتعددة لبلورتها في قالب واحد وهو مشروع تنموي يوفي بالاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية « . وفي السياق نفسه، شدد المتحدث على ضرورة انفتاح الأحزاب الوطنية الواسع على الشباب والمرأة وكافة المؤسسات، لأخذ الأفكار وتحويلها إلى مشاريع ومخططات، وهي الأمور التي لم تُؤخذ في صياغة المشروع التنموي السابق ». وقال إنه يجب إعمال مجهود مضاعف، ثم تفعيل كل المقتضيات التي أوردها دستور 2011 بما فيها تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ومبدأ الحكامة والشفافية وإتاحة الفرص للكفاءات ثم العمل على تغيير العقليات للقضاء على كل معيقات التقدم والتنمية. وأردف » إن الأمر الملكي بإحداث لجنة استشارية يؤكد أن الأحزاب لم تكن على تواصل كافي فيما بينها، لأن المشروع يجب أن يعكس رؤية حكومة بائتلافاتها وليس مشروع حزبي وبالتالي فالدور الكبير في صياغة النموذج التنموي الحالي لدى اللجنة الاستشارية التي ستنطلق من تشخيصها للواقع لمعرفة مكامن الخلل ». وقال الشرقاوي إنه يجب تدارك استقطاب الكفاءات، خاصة من لدن الأحزاب السياسية، مقرا بأن المغرب يتوفر على كفاءات عالية جدا، لكن لا يتم استغلاها مما يفضي بها إلى الهجرة في الوقت الذي يجب الاستفادة منها معتبرا أن الرأسمال البشري هو القادر على النهوض بالوضع التنموي للبد.