أكد وزير الاقتصاد والمالية محمد بن شعبون، اليوم الاثنين بالرباط، أن الإصلاح الضريبي المرتقب يروم تعزيز دور الضريبة في تمويل السياسات الاجتماعية، وتهيئ الظروف الملائمة للاستثمارات المنتجة للقيمة المضافة والتي من شأنها تعزيز النسيج الاقتصادي الوطني وتحسين التنافسية. وشدد بن شعبون في معرض جوابه على سؤال محوري حول « مخرجات المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات » بمجلس النواب، على ضرورة الاستجابة للمطالب الاجتماعية ،فضلا عن ملائمة التشريعات التي تؤطر النظام الجبائي الوطني مع القواعد والمعايير الدولية في مجال الحكامة الجيدة والسياسة الجبائية وفقا لالتزمات المغرب على الصعيد الدولي،وتعزيز الأمن القانوني ووضوح الرؤية لدى المستثمرين خصوصا بعد عدم استقرار في التشريع الضريبي وتعاقب التعديلات المرتبطة به. وسجل أن مشروع الإصلاح المرتقب يهدف أيضا إلى مساهمة الجباية الوطنية والجباية المحلية في تمويل سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وخفض العبء الجبائي المتحمل من طرف الملزمين تزامنا مع توسيع قاعدة الوعاء، وذلك بغية ضمان التوزيع العادل للتحملات الجبائية حسب الامكانيات الفعلية للمواطنين، فضلا عن إحداث نظام جبائي مبسط وملائم للمهنيين ذوي الدخل المحدود من التجار والحرفيين ومقدمي الخدمات. كما يرمي هذا المشروع، حسب بن شعبون، إلى ضمان التقائية المقتضيات الجبائية مع المبادئ العامة التي يسري آثارها على القانون الجبائي وتوافقها مع القواعد المحاسباتية الجاري بها العمل، وموافقة النظام الجبائي الوطني للقواعد والمعايير الدولية والتجارب الناجحة في ميدان السياسات والحكامة الضريبية سيما من خلال تعميم القواعد العادية للتشريع الجبائي لتشمل الأنظمة التفضيلية، إضافة إلى التحفيز على تنافسية المقاولات وتعبئة الادخار مع توجيهه نحو القطاعات المنتجة وذات القيمة المضافة. ويهدف مشروع الاصلاح الضريبي أيضا، يقول الوزير، إلى وضع إطار جبائي ملائم لتضريب الممتلكات أخذا بعين الاعتبار طبيعتها ومكوناتها واستعملاتها ووضعيتها القانونية، وإدماج القطاع غير المهيكل في الاقتصاد النظامي وتعزيز آليات محاربة الغش الضريبي، وتبسيط وترشيد رسوم الجماعات الترابية مع إدماجها في المدونة العامة للضرائب. وأشار السيد بن شعبون إلى أن السياق الوطني و الدولي الذي يندرج فيه الاصلاح الضريبي يتسم أساسا بغياب نظام ضريبي مبسط وملائم لخصوصية المهن الصغرى للقرب وللأشخاص ذوي الدخل المحدود، وتركيز المداخل الضريبية على عدد محدود من الملزمين، ووجود اختلالات اقتصادية مترتبة عن التحفيزات الضريبية الممنوحة دون تقييم دقيق قبلي أو بعدي لآثارها الاجتماعية والاقتصادية،إضافة إلى تنامي ظاهرة الغش والتملص الضريبي وعدم وفاء فئات واسعة من الملزمين بالتزاماتهم وضرورة إعادة بناء علاقة الثقة مع الملزمين في إطار من الشفافية والوضوح. وسعيا للتنزيل الأمثل لمشروع الاصلاح الضريبي المرتقب،يضيف الوزير، سيتم اعتماد مبدأ التدرج في تنزيل توصيات المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات مع إعطاء الأولوية لمجموعة من التدابير الاستعجالية، كما ستعمل الحكومة على برمجة باقي التوصيات التي خلصت إليها المناظرة على المدى المتوسط وفق ما ستسمح به الظرفية الاقتصادية الوطنية والدولية. وسجل أن الهدف الأساسي من المناظرة هو الإسهام في التفكير الجماعي حول المنظومة الجبائية من أجل جعلها عادلة وشفافة وتنافسية ومتجهة نحو تسريع وتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمملكة وجعلها متوافقة مع مبادئ الحكامة الضريبية الجيدة المتعارف عليها دوليا. وأضاف السيد بن شعبون أن المنهجية المعتمدة خلال أشغال المناظرة ارتكزت على التشاور الموسع مع مختلف المؤسسات الدستورية والبرلمان والهيئات العمومية والفاعلينن الاقتصاديين والأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والمهنية والجمعيات وكذا بعض الخبراء والمختصين في المجال الضريبي، وذلك انطلاقا من تشخيص دقيق للمنظومة الضريبية الوطنية والاشكالات التي تطرحها. كما ارتكزت، يشير الوزير ، على مقاربة شمولية ومندمجة لمعالجة مختلف الاشكاليات وآفاق تطوير المنظومة الضريبية الوطنية وحصر مكونات الاصلاح الضريبي المرتقب وكذا آليات تنزيله والتدابير المواكبة له، مشيرا إلى انه تم تكليف لجنة رفيعة المستوى عهد إليها الإشراف على 14 مجموعة عمل موضوعاتية ودراسة وتمحيص ما يقارب 167 مساهمة مكتوبة وردت من مختلف الجهات المعنية. وذكر في ذات السياق ، بأن أشغال هذه المناظرة أثمرت تبني 78 توصية تشكل قاعدة لاصلاح المنظومة الضريبية سيتم على أساسها صياغة مشروع قانون إطار يحدد التوجهات الاستراتيجية للاصلاح المنشود. وكانت المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، قد نظمت يومي 3 و4 ماي الماضي بالصخيرات من أجل إرساء رؤية مشتركة للإصلاح الضريبي.