فاز الممثل العديم الخبرة في عالم السياسة فولوديمير زيلينسكي الأحد في الانتخابات الرئاسية الاوكرانية بأغلبية ساحقة أمام منافسه الرئيس المنتهية ولايته بترو بوروشنكو، لتبدا بذلك صفحة جديدة غير واضحة المعالم في بلد يشهد حربا على أبواب الاتحاد الاوروبي. ونادرون كانوا من أخذوا على محمل الجد هذا الممثل والكوميدي (41 عاما) حين أعلن ترشحه في 31 كانون دجنبر 2018. وبعد حملة انتخابية استمرت أربعة أشهر وخرجت عن المألوف اعتمد فيها أساسا على شبكات التواصل الاجتماعي، فاز ب 73 بالمئة من الاصوات في الجولة الثانية من الاقتراع، بحسب استطلاع عند خروج الناخبين من مكاتب التصويت أنجزه مجمع « ايكزت بول ناشونل » الذي يضم ثلاثة معاهد استطلاع. وأقر بورشنكو بهزيمته وهنأ زيلينسكي. واعتبرت موسكو أن فوز زيلينسكي يعني ان الاوكرانيين يريدون « التغيير ». ويتوقع نشر النتائج الرسمية الجزئية تباعا طوال الليل من اللجنة الانتخابية التي قدرت نسبة المشاركة في الساعة 12,00 ت غ بأكثر من 45 بالمئة. وقال زيلينسكي في تصريح امام أنصاره من مقر حملته « لن أخذلكم » ثم خاطب الاوكرانيين ومعهم الدول التي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفياتي السابق « أنظروا، كل شيء ممكن ». وبعد خمس سنوات من ثورة الميدان المؤيدة للغرب، قرر الاوكرانيون مجددا قلب الطاولة لكن هذه المرة عبر انتخابات لم تخل من مواقف غير اخلاقية لكنها جرت في مجملها بهدوء وفي نطاق احترام المعايير الديمقراطية. وفي حلقة مشهودة من الموجة العالمية المناهضة للنخب، جسد الفوز الكبير لزيلينسكي الذي وعد ب « كسر المنظومة » بدون الخروج عن المعسكر المؤيد للغرب، مستوى تحدي الاوكرانيين لطبقتهم السياسية التي يمثل بترو بوروشنكو أحد رموزها. ودفع بوروشنكو (53 عاما) ثمن عجزه عن وضع حد للحرب في شرق البلاد وفضائح الفساد المتواصلة التي تلطخ الطبقة السياسية، والصعوبات الاقتصادية في أحدى افقر دول اوروبا. لا يزال الغموض يلف السياسة التي سيتبعها زيلينسكي. ومع توليه الرئاسة سيجد نفسه قائدا أعلى للجيوش ومسؤولا عن التعيينات الاساسية. لكن هامش المناورة لاتخاذ اجراءات ملموسة سيكون محدودا جدا لعدم امتلاكه اغلبية برلمانية، في حين لن تنظم الانتخابات التشريعية، مبدئيا، الا في 27 اكتوبر. والتحديات هائلة في هذه الجمهورية السوفياتية السابقة التي تواجه أزمة غير مسبوقة منذ استقلالها في 1991. وأعقب وصول أنصار الغرب السلطة في 2014 ضم روسيا للقرم واندلاع حرب في شرق البلاد خلفت نحو 13 الف قتيل خلال خمس سنوات. وأججت هذه الأزمة التوتر بين روسيا والغرب اللذين تبادلا فرض عقوبات. واتصل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الجمعة بالمرشحين اللذين تم استقبالهما منتصف ابريل بباريس من الرئيس ايمانويل ماكرون. وأمل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاحد أن تبقى كييف بعد الانتخابات ملتزمة اتفاقات مينسك للسلام في 2015 التي كانت أتاحت خفضا كبيرا لمستوى العنف في منطقة النزاع. وازاء تأخره الكبير في الجولة الاولى من الاقتراع حاول بوروشنكو التركيز على خبرته السياسية والدبلوماسية والعسكرية المتراكمة لخمس سنوات، محذرا من المخاطر التي تواجه اوكرانيا ومقدما نفسه كحاجز في مواجهة الرئيس فلاديمير بوتين. لكنه لم يفلح أبدا في استعادة الاسبقية على منافسه الذي هاجمه بشأن فساد المحيطين به، وقدم نفسه ك « رجل بسيط » مناهض للمنظومة القائمة على غرار دور استاذ التاريخ الذي انتخب رئيسا والذي جسده في مسلسل تلفزيوني.