على بعد أقل من شهرين من إجراء الانتخابات الرئاسية في تونس بدأت وتيرة الجدل حول شبهات تزوير التزكيات تلاحق المترشحين لهذا الاستحقاق، وتعالت معها أصوات محذرة من مغبة المس بسلامة ونزاهة وشفافية المسار الانتخابي برمته. وبالنظر إلى أن نص القانون الانتخابي التونسي ينص على أن تتم تزكية المرشح للانتخابات الرئاسية من قبل عشرة نواب من مجلس نواب الشعب أو عشرة آلاف من الناخبين المرسمين والموزعين على الأقل على عشر دوائر انتخابية، على أن لا يقل عددهم عن خمسمائة ناخب بكل دائرة منه، فقد تعبأت الآلة الانتخابية للمرشحين لتحقيق هذه الشروط القانونية، غير أن العملية شابتها، حسب عدد من الملاحظين، العديد من "الخروقات والتجاوزات" حسب ما أوردته وكالة المغرب العربي للأنباء في قصاصة لها. وفي هذا السياق، أوضح شفيق صرصار، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، التي كانت قد أعلنت مؤخرا عن قبول 27 مرشحا للانتخابات الرئاسية مقابل رفض 43 مرشحا، مبدئيا في انتظار البت في الطعون، أن هيئته تقدمت بدعوى قضائية إلى النيابة العامة على إثر تلقيها شكاية تفيد بوجود شبكة لتزوير التزكيات، وكشف أن هناك من اتصل بالهيئة ليبلغها أنه عثر على اسمه بين المزكين دون علمه. وكانت الهيئة قد نشرت، قبل أيام على موقعها الإلكتروني، أسماء الناخبين الذين حصل المرشحون إلى الرئاسيات على إمضاءاتهم وأرفقوها في سجل التزكيات، وذلك قصد تمكينهم (الناخبين) من الاطلاع على أسمائهم، والتثبت مما إذا كانوا منحوا تزكياتهم بملء إرادتهم، أم تم التلاعب بأسمائهم لأغراض انتخابية. ودعت هيئة الانتخابات هؤلاء الناخبين إلى التوجه للمحاكم لرفع دعاوى في التدليس أو التزوير إن كانت أسماؤهم موجودة في لائحة هذه التزكيات التي حصل عليها أحد المرشحين، دون محض إرادتهم. وعلى الفور، قام حوالي 200 مواطن تونسي بتكليف المحامي مالك بن عمر برفع دعاوى جزائية ضد خمسة مرشحين لرئاسة الجمهورية، متهمين إياهم باستغلال أرقام بطاقات تعريفهم الوطنية وإمضاءاتهم وحشرهم في قائمات التزكيات. وفي هذا السياق، أوضح نور الدين علوي، أستاذ علم الاجتماع السياسي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن عملية "تزوير التزكيات كانت واسعة، وشملت، على الخصوص، القائمات التي تقدم بها مرشحو النظام السابق، الذين يعيدون إنتاج نفس تقاليد المنظومة البائدة في التزوير والتحايل"، مضيفا أنه إذا كان منطلق العملية الانتخابية مبنيا على الغش والتدليس فإن ذلك من شأنه المس بمصداقية العملية الانتخابية برمتها. وفي مقابل ذلك، اعتبر رئيس "مركز تونس للسياسة" أحمد إدريس، في تصريح مماثل، أن ما جرى لا يرقى إلى "التأثير على العملية الانتخابية بشكل جذري، خصوصا وأن الهيئة العليا للانتخابات ما تزال تباشر عملية التدقيق وتتابعها عن كثب، وقد اتخذت العديد من التدابير للتحري وضمان شفافية العملية الانتخابية".