إن الملاحظ لمجريات تصويت النواب البرلمانيين يوم أمس على البرنامج الحكومي، لا يمكن أن يتجاوز عدم الإنسجام وانعدام الإلتزام السياسي الذي يقتضيه منطق التحالفات الذي بدا واضحا بعد نتيجة 208 مصوتا من أصل 240 المشكلة للحكومة. اعتبر ميلود بلقاضي، باحث في العلوم السياسية، أن نسبة التصويت على برنامج حكومة العثماني من الناحية الكمية له دلالات مقلقة، تجسد أن هناك ضعف الإلتزام السياسي لمبدأ التحالف الحكومي، حيث أن نسبة التصويت لم تتجاوز 208 على 240 على 395 وهو ما يعني أن هناك مجموعة من نواب الأغلبية الحكومية إما لم يصوتوا على البرنامج أو تغيبوا أو امتنعوا، رغم أن سياق التصويت على البرنامج كان دقيقا جدا. وإذا ما قارنا ذلك مع التصويت على برنامج بنكيران لسنة 2012 سنجد ظاهرة غريبة، متمثلة في أن عدد الأحزاب المشكلة للأغلبية آنذاك كان 2017 عضوا بمجلس النواب، وأثناء التصويت تمت إضافة صوت من المعارضة أي صوت على برنامج بنكيران 2018 بحضور كل نواب الأغلبية البرلمانية والحكومية، وهذا مؤشر على أن الأغلبية السابقة كانت انسجاما والتزاما، بالإضافة إلى أن المعارضة أيضا التي صوتت ضد برنامج العثماني ب91 صوتا، ظهرت أيضا مشتتة ومبلقنة عكس التصويت على برنامج بنكيران، حيث أن أحزاب المعارضة صوتوا جماعيا، ب135 ضد البرنامج ما يؤكد أنها كانت أكثر انسجاما أيضا. وأشار الأكاديمي، في حديثه إلى فبراير.كوم، إلى أن العثماني اليوم برزت أمامه ظاهرة الممتنعين التي كانت شبه غائبة في 2012، مؤكدا (لا يعقل أن يقوم حزب الاستقلال الذي كان يعول عليه في المسنادة النقدية، أن يمتنع، لأن الإمتناع موقف سلبي من الناحية السياسية، لأنه إما أن تكون في المعارضة مع الشعب، أو ضد الشعب مع الحكومة)، مبرزا أن حتى الممتنعين من حزب الإستقلال بلغ عددهم 40 مقابل 47 لنواب الاستقلال. وبالتالي، يقول بلقاضي، عملية التصويت على البرنامج الحكومي، أبرزت أن هناك ضعف في الثقة البرلمانية في حكومة العثماني، بالإضافة إلى عدم الالتزام الحكومة بمفهوم التحالف الحكومي ثم هناك معارضة مشتتة، ما ينذر أن الحكومة قد تمر بمرحلة صعبة خصوصا حزب العدالة والتنمية، الذي قال رئيس فريقه الأزمي، بأن إعفاء بنكيران كان مؤلما ومكلفا للحزب، معنى ذلك أنه وجه رسالة للعثماني مفادها أنه لن يجد فريقا سهلا، وقد يمارس ما قال عنه بنكيران (المراقبة الحكومية).