تتحدث المنابر الإعلامية بكثرة هذه الأيام عن اتفاقية استئناف العلاقات المغربية الكوبية، وعن عودة الصداقة والتعاون بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، وذلك بعد انقطاع دام ل 37 عاما. وإذا عدنا إلى التاريخ السياسي للعلاقة بين البلدين سنجد كواليس عميقة قد تخفى عن متتبعي الساحة السياسية. لقد كانت أبرز أسباب توقف المعاملة بين الرباط وهافانا، هو إقدام كوبا على الاعتراف بجبهة البوليساريو كدولة، ودعمها لرغبتها الانفصالية، إضافة إلى إعطاء الانطلاقة لتكوين الآلاف من شباب الجبهة في مختلف المجالات الإدارية والطبية والحربية، ناهيك عن المساعدات اللوجيستيكية المقدمة لها، وهو ما جعل المغرب يقرر قطع جميع العلاقات مع كوبا وإغلاق أبواب التعامل معها. وإذا عدنا إلى التاريخ جيدا، سنجد أن المملكة المغربية وكوبا كانت تجمعهما علاقات تجارية قديمة، بحيث يعتبر التجار المغاربة هم أول من وصلوا من البحارة المسلمين إلى بلاد الراحل فيديل كاسترو، كان ذلك في القرن 19. وكان المغرب قد استقبل في عهد الملك محمد الخامس، الزعيم الكوبي تشي غيفارا، حين أشرف على ذلك رئيس الحكومة آنذاك عبد الله ابراهيم، وقام تشي بزيارة الرباط ومراكش والدار البيضاء وغيرها من مدن المملكة، في خطوة مكرسة للصداقة بين البلدين. وكانت العلاقات دائما جيدة بين الدولتين على المستويين السياسي والاقتصادي، حيث كانت للمملكة أهم اتفاقية لاستيراد السكر من بلاد تشي، إلا أن 1995 كانت سنة فيصل، فرقت بين المغرب وكوبا بسبب اصطفاف هذه الأخيرة إلى جانب الجزائر، ودعمها للمخطط الاقتصادي القاضي بفصل الصحراء عن ومغربها. فما يمكن قوله بخصوص العلاقات المغربية، هو أنها عريقة منذ القدم، إلا أن الحسابات السياسية أساءت إليها وخربتها، بسبب نزاع الصحراء. وبعد مرور 37 سنة من الانقطاع، هاهي العلاقات المغربية الكوبية تعود من جديد إلى سابق عهدها، أملا في الوصول إلى أفق إيجابي يخدم وحدة المغرب الترابية، وينعكس إيجابا على العلاقات المغاربية، خاصة بين المغرب والجزائر.