كتبت صحيفة "لونوفيل أوبسرفاتور" الفرنسية، مؤخرا، أن المغرب حاول أن يبعث من خلال الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس، لدول جنوب الصحراء الكبرى" الكوت ديفوار، الغابون، غينيا"، رسالة مفادها أن " المغرب قد غير وجهته نحو دول الجنوب"، مشيرة إلى أن "المغرب من المنتظر أن يسرع من وثيرة توجهه نحو هذه الدول في الأشهر المقبلة، وهو مايعكسه المخطط الصناعي الذي أعلن عنه الملك محمد السادس، يوم الأربعاء 2 أبريل 2014، بحضور الوزير مولاي حفيظ العلمي". وأشارت الصحيفة الفرنسية، الذائعة الصيت، إلى أن " توجه المغرب نحو دول إفريقيا جنوب الصحراء يعكس في العمق السياسة التي كان ينهجها الراحل الحسن الثاني، حينما وصف في إحدى حواراته التلفزية المغرب بشجرة جذورها تنمو في إفريقيا وأغصانها في أوربا".
فالمغرب أبان اليوم، يردف المصدر ذاته، أنه "غير قادر على التفاعل اقتصاديا مع الجارة الشرقية الجزائر، بسبب الجفاء الذي طبع العلاقات بين البلدين على مر السنين، مما حذا بالمملكة إلى تحويل الوجهة نحو جنوب القارة السمراء، أملا في هبوب نسيم رياح تحمل معها بشائر خير اقتصادية"، تضيف الصحيفة الفرنسية.
وأضافت "لونوفيل أوبسرفاتور" أن العديد من القطاعات الاقتصادية، والسياسية، الحيوية بالمغرب، قد أبدت اهتمامها بهذه الحركية تجاه دول الجنوب، من قبيل الأبناك، الاتصالات، المناجم، قطاع السكن، وهو الأمر الذي يؤكده، كريم حجي، المدير العام لبورصة الدارالبيضاء، الذي أوضح أن "المغرب قد نجح في وضع قدميه في الأسواق الإفريقية بعقلية "رابح رابح" وليس بالفكر "الاستعماري"، مضيفا أن " المغرب يرغب في عقد شراكات اقتصادية يستفيد من خلالها كل طرف من مؤهلات الطرف الآخر".
وفي مقابل الفعالية والحركية التي أبان عنها المملكة تجاه دول إفريقيا جنوب الصحراء، أظهرت الجارة الجزائر نوعا من "التردد"، حيث ينظر الجزائريون إلى المغرب بعين الريبة والشك، ويعتبرون المملكة كمنافس شرس للجزائر يريد بسط الهيمنة على المنطقة"، تضيف الصحيفة الفرنسية، التي اعتبرت أن "الاستثمار في إفريقيا ليست ذوقا في متناول جميع الدول، ولاسيما الجزائر". وفي هذا الصدد، أوضح كريم حجي أن المغرب "لايمكنه أن يبقى مكتوفي الأيدي، وينتظر شريكا محتملا قد يأتي أو قد لا ياتي "، مشيرا إلى أن "المغرب حاول القيام بعدة محاولات من أجل عقد شراكات مع الجزائر، لكنها باءت بالفشل، وبالتالي وجد المغرب نفسه مرغما على تغيير الوجهة نحو إفريقيا كحل بالنسبة له".
فقد أعربت الرباط، عن رغبتها في أن تصبح "مركزا" للمستثمريين الأوربيين والأمريكيين، في إفريقيا، عن طريق اللعب على اتفاقية التبادل الحر، خصوصا وأن هناك استياء من جانب رجال الأعمال الأفارقة تجاه فرنسا"، يشرح الوزير مولاي حفيظ العلمي، الذي أكد أن "المغرب يمكنه أن يشكل جسرا لعقد الشراكات بين المقاولات الفرنسية والفرنسية من جهة ونظيرتها الإفريقية من جهة ثانية، وتوفير الدعم اللازم لها للاضطلاع بأعمالها الاقتصادية"، قائلا :"إننا تتوفر على كامل المؤهلات ونتمتع بالثقة الكاملة من قبل شركائنا الأوربيين".
وخلصت الصحيفة الفرنسية إلى أن "المغرب وضع في حسبانه أيضا وهو ينفتح على إفريقيا البعد والهاجس الأمني، حيث أكد المغرب أثناء أشغال المؤتمر المشترك الذي عقد بالرباط، على ضرورة الاهتمام بالجانب الأمني بإفريقيا، وهو الأمر الذي شدد عليه، ناصر بوكيطة، الكاتب العام لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، الذي اعتبر أن "إفريقيا يجب أن تكون في قلب إستراتيجية محاربة الإرهاب، والتطرف، والحفاظ على الأمن، في تناغم كلي مع ماتقتضيه التنمية الاقتصادية".