حوالي العاشرة والنصف من صباح كل يوم، يصل الدكتور إلى عيادته الكائنة بشارع علال بنعبد الله بالعاصمة الرباط على متن سيارة من نوع « ميرسيديس » يقودها سائق في مقتبل العمر؛ وفي الكثير من الأحيان كان يسألني المارة عن عيادة « ذلك الرجل الذي كان وزيرا في السابق »، فبدون شك فإن تجربته في حكومة ابن كيران الأولى وإن كانت قصيرة قد جعلته يكسب زبناء جدد ! إنه سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة الجديد الذي عينه الملك محمد السادس في استقبال رسمي بقصر الدارالبيضاء زوال اليوم خلفا لعبد الإله ابن كيران، الذي أقيل من منصبه مساء أول أمس الأربعاء ببلاغ صادر عن الديوان الملكي بعدما أشعر من طرف مستشاري الملك، دون ان يحظى إلى حدود كتابة هذه الأسطر بفرصة لقاء مباشر مع عاهل البلاد.. لقد كان سعد الدين العثماني (61 سنة) ، المرشح القوي للظفر برئاسة الحكومة عندما فاز المصباح بالانتخابات السابقة لأوانها التي أجريت في نونبر 2011، إلا أن المفاجأة كانت هي تعيين ابن كيران المعروف بشخصيته الصدامية، مكان العثماني المعروف بشخصيته الهادئة. عالم النفس السوسي الذي يشغل الآن مهمة رئيس المجلس الوطني للحزب وكذا الفريق البرلماني يعد هو الرجل الثاني في التنظيم الحزبي، يحظى بالاجماع داخل الحزب منذ توليه قيادة المصباح خلال الفترة الممتدة بين 2004-2008 ، حتى بعد « سقوطه » أمام ابن كيران الذي أصبح أمينا عاما خلفا له، وذلك عندما قرر البيجيديون انتخابه لمواجهة حزب حديث النشأة أسسه صديق الملك فؤاد عالي الهمة، اختير له اسم « حزب الأصالة والمعاصرة » ولعل الشخصية الهادئة للعثماني التي تميل دائما إلى التوافقات، قد تكون عاملا رئيسيا يجعل القصر يختار العثماني ويكلفه بتشكيل أغلبية حكومية بدلا من ابن كيران المعروف بميله للصدام والصراع مع قادة الأحزاب الأخرى . ومن المؤكد أن التعيين الملكي الذي حضي به العثماني هذا اليوم، قد بعثر أوراق حزب المصباح الذي من المنتظر أن يعقد مجلسه الوطني يوم غد السبت، إذ كان يتوقع أن يقدم الملك على تعيين رئيس السلطة التنفيذية الجديد بعد انتهاء أشغال المجلس الوطني للحزب، إلا أن إرادة الجالس على العرش كانت هي تعيين شخصية من الحزب سويعات قليلة قبل أن انعقاد » برلمان الإسلاميين » .