سلطت وثائق رفعت عنها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية السرية الضوء على الإهتمام الكبير الذي كانت توليه الإدارات الأمريكية المتعاقبة لتطورات الأوضاع في منطقة المغرب العربي، واحتمال تأثيرها على مصالح واشنطن في المنطقة. وكشفت وثيقة مؤرخة في 19 أكتوبر من سنة 1978، عن الاتصالات الأولى التي تمت بين المغرب والجزائر، وخصوصا الإجتماع الذي دار بين مسؤولين من المغرب مع نظرائهم من الجزائر، في العاصمة الفرنسية باريس، في شهر غشت من سنة 1978، وكذا في العاصمة البلجيكية بروكسيل بعد شهر واحد من ذلك. وأماطت نفس الوثيقة اللثام عن رأي محكمة العدل الدولية في شهر أكتوبر من سنة 1975 بخصوص ملف الصحراء، وخصوصا حديثها عن "عدم وجود روابط بين المغرب وموريتانيا من جهة وهذه المنطقة من جهة ثانية، بحيث لم تظهر سيادة هاتين الدولتين عليها"!! وبحسب ما ورد في الوثيقة ذاتها، اعتبرت الجزائر أن " تقاسم المغرب وموريتانيا السيطرة على المنطقة غير قانوني، وتطالب بإجراء استفتاء لتقرير المصير، وتدعم جبهة البوليساريو ماليا". وأظهرت وثيقة أخرى تعود إلى شهر يوليوز من سنة 1983 وجود تباين في وجهات النظر بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوالجزائر إلى درجة أن "الجزائر أعربت عن عدم رضاها المتزايد عن التعاون العسكري المفرط بين المغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية". وتطرقت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إلى تشييد المغرب للحاجز الرملي، وتأثيره على الحرب مع جبهة البوليساريو، حيث توقعت أن تلجأ جبهة البوليساريو لاستغلال الأراضي الموريتانية لتنفيذ عمليات ضد المغرب، بحسب ما كشفت عنه وثيقة أخرى مؤرخة في 18 مارس من سنة 1987 التي تناولت أيضا من خلالها وكالة المخابرات الأمريكية، إلى السيناريوهات المحتملة والتي يمكن أن تنهي هذا النزاع. وتحدثت وثيقة أخرى أنه بعد 11 عاما من المواجهات المسلحة يظهر أن "هذا الصراع لا نهاية له" على الرغم من أن المغرب والجزائر لا يريدان أن يتسع نطاق النزاع أكثر، مع الإشارة إلى أن المنافسة من أجل التفوق في منطقة المغرب العربي قد تشكل مخاطر محذقة بمصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية في المنطقة. وأشارت الوثيقة إلى أن خيار "الاتحاد" يبقى الأنسب لطي صفحة الخلاف، حيث جاء فيها بأن "الحل السياسي الأنسب يمكن أن يتلخص في مفهوم الفيدرالية، حيث ستبقى للملك الحسن الثاني السيادة على المنطقة، مع منح حكم ذاتي لجبهة البوليساريو، هذا الحل من الممكن أن يجعل الجزائر لا ترى فيه نوعا من الهزيمة".