كل الذين تابعوا اللقاء الذي عقد عبد الإله ابن كيران وعبد الواحد الراضي، مع أمناء الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، وذلك مساء يوم أمس بمقر رئاسة الحكومة لحل أزمة انتخاب مجلس النواب، وخاصة من حيث طبيعة مداخلات الأحزاب السياسية، خاصة الأحزاب الخمسة، لا بد وأنهم اشتموا رائحة الإصرار في الذهاب بعيدا، ليس فقط في انتزاع كرسي رئاسة مجلس النواب، وإنما أيضا في انتزاع مكاسب أكثر وأكبر في مشاورات تشكيل الحكومة. وقالت مصادر مطلعة أن مداخلات الأحزاب الخمسة: التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري، كانت شبه متفقة على ضرورة تحديد موعد لانتخاب رئيس مجلس النواب، ما دام الدستور لا يعترض على هذا الأمر، حتى في ظل غياب الأغلبية. وأصرت نفس الأحزاب التي حضرت اللقاء الذي عقده عبد الإله ابن كيران بصفته رئيس الحكومة المعين، وعبد الواحد الراضي باعتباره النائب الأكبر سنا والأكثر ولاية، على انتخاب رئيس مجلس النواب في أقرب وقت، بل ودعت إلى هيكلة المجلس من حيث المكتب وباقي اللجان. وأكدت نفس المصادر أن الأحزاب الخمسة تسير في اتجاه اختيار الحبيب المالكي مرشحا لها، مقابل مرشح الأحزاب الثلاثة : حزب العدالة والتنمية وحزبي الاستقلال والتقدم والاشتراكية: سعد الدين العثماني . وأضافت نفس المصادر أن الصراع سيشتد ما بعد انتخاب رئيس مجلس النواب، والذي ترغب الأحزاب السياسية الخمسة في حسمه لصالحها، في انتظار الضغط أكثر للحصول على تمثيلية مهمة في الحكومة المقبلة، خاصة وأن جميع الأحزاب السياسية، بما فيها حزب العدالة والتنمية لا ترغب في تأزيم الوضع السياسي أكثر من اللازم، والذهاب إلى سيناريو انتخابات تشريعية سابقة لأوانها. ولأن كل الأحزاب لا تريد أن تتحمل هذه المسؤولية الجسيمة والتاريخية، حسب ذات المصادر، فإن الجميع سيضطر للجلوس على طاولة المفاوضات لحسم مصير الحكومة المقبلة، وهنا بالضبط سيضطر عبد الإله ابن كيران بقبول بشروط عزيز أخنوش الذي يقود التحالف الرباعي المدعم من طرف حزب الأصالة والمعاصرة. ما ينتظر عبد الإله ابن كيران في الأيام القليلة المقبلة لن يكون هينا، إذ ليس أمامه، إن أراد تشكيل الحكومة، إلا تنفيذ عدد مهم من شروط رئيس التجمع الوطني للأحرار، والذي عرف كيف يدير المشاورات للحصول على أكبر قدر من المكتسبات، ومن ضمن هاته الشروط مشاركة باقي حلفاءه في الحكومة، والحصول على حقائب حكومية مهمة. وما يؤكد هذا السيناريو، أن ابن كيران الذي اعترض على مشاركة الاتحاد الاشتراكي، بعد الدور الذي لعبه إدريس لشكر في جزء من «بلوكاج» المشاورات، ولم يوجه الدعوة للاتحاد الدستوري للمشاركة في أغلبيته المقبلة، وأغلق الباب على الجميع، وأصر على استمرار نفس الأغلبية السابقة، عاد واتصل بعزيز أخنوش لحلحلة الوضع المتأزم، واقترح عليه رئاسة مجلس النواب. اتصال لا بد أن تليه اتصالات أخرى للبحث عن حل نهائي لهذه الأزمة.